الحدث- إيمان نصار, قيس أبو سمرة
"زغردي يا أم الشهيد وزغردى، زينى فخر الأصايل بالودع، وازرعى الحنة على الصدر الندي، واربطى العصبة على كل الوجع"، كلمات صدحت بها حناجر مطربين فلسطينيين، حيث غنوا لأم "الشهيد" وهي تودع ابنها بالزغاريد، إلا أن هذا المشهد تغير الآن، لتحمل هذه الأم ابنها "شهيداً" على كتفيها وتواريه الثرى بيدها.
الحديث هنا عن والدة عامر أبو عيشة (33 عاماً) الذي قتلته إسرائيل مع مروان القواسمي بمدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية، أمس الأول الثلاثاء، متهمة إياههما وثالث آخر معتقل لديها (حسام القواسمي)، بخطف وقتل ثلاثة مستوطنين، في حزيران الماضي، وهو ما تنفيه عائلاتهم.
نادية أبو عيشة، لم تكتفي بإلقاء نظرة الوداع على جثمان عامر في المنزل الكائن في حي "رأس الجورة" وسط الخليل، بل زاحمت جماهير المدينة، وأبت أن تحمل "النعش" من أمام منزلها باتجاه مسجد الحسين، إلى أن ورات الجثمان الثرى في مقبرة الشهداء بالمدينة.
وبينما كان الشبان يحاولون إقناعها بالكف عن مواصلة السير في الجنازة لطول المسافة من المنزل إلى المقبرة والتي لا تقل عن 4 آلاف متر، كانت ترد عليهم وهي تحمل النعش على كتفيها، "هذا عهد علي أن أحمله من البيت حتى قبره".
فـ"عامر" الإبن البكر، والذي كان يعمل حداداً، وأب لأربعة أطفال، لم يكن هو "الشهيد" الأول لعائلته، بل سبقه إلى العلا شقيقه "زيد " الذي استشهد في عملية نفذها داخل مستوطنة إسرائيلية بالقرب من الخليل في 18 تشرين الثاني عام 2005.
في المشهد نفسه، كانت آمنة القواسمي، والدة مروان، تشارك في "عرس الشهادة" ذاته، وسط آلاف المشيعين.
وقالت القواسمي "هذا عرس الشهيد، الحمد لله الذي أعزَنا بالإسلام، والذي أنعم علينا الصبر باستشهاد مروان، وأسأل الله أن يلحقنا شهداء فيه لنلتقي معا في الفردوس".
وتضيف "لا شيء أغلى من الولد، حملته وسرت بجنازته".
الصورة التي ظهرت فيها نادية وآمنة، لامست قلوب الملايين الذين اعتادوا في السابق على "زغاريد" المرأة الفلسطينية وهي تودع ابنها "الشهيد"، فاليوم تغير المشهد وسارت الأم للمرة الأولى في الجنازة، لتحمل جنينها الذي رقد في بطنها تسعة أشهر، "شهيداً" على أكتافها.
(المصدر: وكالة الأناضول)