جاك شيفر- رويترز
ووصف اللفتنانت جنرال بالجيش الأمريكي بيل مايفيل في مؤتمر صحفي في مقر وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) يوم الخميس الصواريخ والقنابل التي تطلق على أهداف في سوريا بأنها "بداية حملة ذات مصداقية ومستدامة ومستمرة" وقال ردا على سؤال عن المدة التي ستستغرقها تلك الحملة قائلا "أعتقد لسنوات".
ورغم أن القنابل تنفجر على أرض سورية إلا أنها لا تستهدف نظام بشار الأسد المحاصر والقاتل. فالقنابل موجهة لعدو سوريا -تنظيم الدولة الإسلامية الذي تعهد بإسقاط كلا من العراق وسوريا وكذلك لبنان والأردن وإسرائيل وقبرص ومناطق من جنوب تركيا وإقامة خلافة على تلك الرقعة.
لكن الولايات المتحدة بالهجوم على عدو سوريا لا تتطلع لإقامة صداقات في سوريا. وطالب الرئيس باراك أوباما الرئيس السوري في عام 2011 بالتنحي وكانت الولايات المتحدة تستعد في العام الماضي فقط لقصف سوريا لأنها تجاوزت "الخط الأحمر" باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد مواطنيها. غير ان الولايات المتحدة تدقق على نحو ملحوظ في الدول التي ستعتمد عليها بين حلفائها. فمن بين دول الشرق الأوسط التي تنضم للولايات المتحدة في ضرب سوريا قطر التي سمحت لأحد شيوخها بجمع الأموال لصالح فرع القاعدة في سوريا. وكما تعرفون فإن الولايات المتحدة في حرب مع القاعدة بكل أشكالها بما في ذلك جماعة خراسان المتمركزة في سوريا والتي سقطت عليها قنابل أمريكية الأسبوع الماضي والتي يقال إنها تتآمر لشن هحمات في أوروبا والولايات المتحدة.
لكن حقيقة أن الدولة الإسلامية عدو لدود للقاعدة تضفي تعقيدات على حربنا الدائمة. وكانت الدولة الإسلامية انشقت على القاعدة في العام الماضي لأنها لم تستطع التعاون مع جبهة النصرة -فرع القاعدة الآخر في سوريا التي تحارب أيضا نظام الأسد. وبعبارة أخرى فإن أعداء أمريكا ليسوا أصدقاء أمريكا بشكل تلقائي ولا حتى أصدقاء أمريكا الذين يمكن أن يكونوا متساهلين مع تدفق الأموال للقاعدة ليسوا بالضرورة أصدقاء لأمريكا.
بالطبع لأمريكا حلفاء في الحرب الأهلية السورية من بينهم حركة حزم وهي جزء من الجيش السوري الحر. وتحارب حركة حزم الأسد لكنها تحارب كذلك إلى جانب جبهة النصرة الأمر الذي لم يحرمها من الحصول على أسلحة وتدريب أمريكيين. لكن تقريرا لصحيفة لوس أنجليس تايمز قال إن حركة حزم اعترضت في بيان على القصف الذي تقوده الولايات المتحدة ووصفته بأنه "تدخل خارجي" و"اعتداء على الثورة". وعليه فإن حركة حزم صديقة أمريكا التي حاربت مع عدو أمريكا ضد سوريا -التي ليست صديقا ولا عدوا لأمريكا- تعترض على حقيقة أن أمريكا قصفت سوريا في مطاردة للدولة الإسلامية التي هي أيضا عدوة لحركة حزم. وفي غضون ذلك تقصف جماعة حزب الله الشيعية اللبنانية جبهة النصرة بطائرات بدون طيار على طول الحدود السورية اللبنانية وفي الوقت نفسه تسقط إسرائيل طائرات سورية.
أما زلتم حائرين؟ سيكون لديكم وقت كاف للحاق بالركب. فمن المرجح أن تستمر هذه الحرب لسنوات كما وعد مايفيل.
إنها حرب تشهد تبدلا للمواقع حيث يتبادل الأعداء والأصدقاء مواقعهم بشكل متعسف وباستمرار. هل ستعزز الهجمات الأمريكية نظام الأسد كما يتوقع البعض بإضعاف الدول الإسلامية؟ أم أنها ستدفع جبهة النصرة للتقارب مع القاعدة على الأقل في هذه الأثناء؟ ولا يستطيع توماس ريك محرر شؤون الأمن القومي وهو رجل لا يعاني من الارتباك أن يحدد ما إذا كانت العمليات الحربية الأحدث استهلال جديد لحرب ثلاثينية جديدة (1991-2021) أم أنها فصل آخر في حرب إنهاء الأمبراطورية العثمانية (1914-2040؟).
وهي حرب لا يستطيع المشاركون فيها رؤية نتيجتها. لا يبدو أي من الأطراف المتمترسة في سوريا والعراق لقمة سائغة لكن لا يمكن الرهان على أي منهم على ما يبدو. ومن المرجح أن تستمر هذه الحرب الحالية مستعرة بدون التدخل الأمريكي. ولا يستطيع البنتاجون أن يجروء على توقع متى تنتهي الحرب.
وبالنسبة للأمريكيين فإن هذه الحرب على الأقل إلى الآن تدور كما لو كانت جلبة في الخلفية. فالمؤشرات المألوفة للنصر لا تنطبق على الحرب السورية. فالحدود والمتحاربون والولاءات والأهداف العسكرية في الحرب السورية سائلة إلى حد يصعب معه أن تتوافق مع توقعاتنا المعتادة. ولا توجد أيضا على ما يبدو مؤشرات السلام. فلا توجد محادثات للسلام قيد التشكل ولا توجد دبلوماسية مكوكية ولا توجد مؤشرات على وجود قوة غافية على وشك أن تمارس قدرتها على إيجاد سلام دائم بتدمير الآخرين.
وبقصف سوريا فإن الرئيس أوباما الذي ورث هذه الحرب جعل منها حربه وحرب الرئيس القادم وحربنا. واليوم وغدا وعلى مدد البصر. حرب دائمة من أجل سلام دائم.