الحدث- زهران معالي
تتنوع أشكال معاناة سكان المضارب البدوية في الأغوار الفلسطينية، فهم ملاحقون باستمرار من قبل سلطات الاحتلال والمستوطنين، فتارة يتم ترحيلهم عن مضاربهم لإجراء تدريبات عسكرية، وتارة يتم مصادرة معداتهم الزراعية ومواشيهم وتارة أُخرى يتم هدم خيامهم وبركساتهم.
إلا أن الغريب والمثير للسخرية هذه المرة إعلان ما يسمى "الإدارة المدنية" الإسرائيلية عن مزاد علني لبيع 40 حمارا؛ استولت عليها قوات الاحتلال من سكان المضارب منذ بداية العام الجاري؛ مشترطة إعادتها لأصحابها مقابل دفع غرامات باهظة وإلا بيعها بمزاد علني.
وجاء في إعلان ما يسمى "الإدارة المدنية"، أنها تعلن "بهذا عن تحرير الحيوانات الضالة التي تم وضع اليد عليها، وذلك حسب الشروط التي تم تحديدها كالمفصل أدناه: نوع الحيوان (حمار)، والكمية (40)". حيث يمهل الإعلان المواطنين 15 يوما لتقديم طلب لتحرير الحيوانات المحتجزة، وفي حالة عدم استيفاء الشروط للتحرير فإن سلطات الاحتلال ستتصرف بالحيوانات وفقا لصلاحياتها بما في ذلك بيعها أو الاستيلاء عليها".
وتابع "بتاريخ 21/7/2016 سوف يقام البيع بالمزاد العلني للجمهور من الساعة 10.00، للحيوانات التي لم يتم طلب تحريرها، وذلك منوطاً بالتنسيق والتسجيل المسبق للمشتركين".
المواطن أبو نصار من قرية الجفتلك شمال مدينة أريحا، أحد المتضررين من استيلاء سلطات الاحتلال على حمارة، حيث إضطر لدفع 1400 شيقل لاستعادة حماره الذي استولت عليه قوات الاحتلال من أبنائه أثناء مرورهم على شارع رقم 90.
ويقول أبو نصار "الحمار يساعدنا بالرعي والتنقل ونقل الأحمال، إلا أن الاحتلال يستهدف كل عوامل البقاء لاستمرار حياتنا، واضطررت لدفع المبلغ".
ولم تختلف معاناة المواطن محمود كعابنة من وادي المالح، فقد أجبرته قوات الاحتلال على دفع ثلاثة ألاف شيقل كغرامة مالية مقابل إطلاق سراح ثلاثة أغنام كان يرعى بهن في وادي المالح، بعد أن أوقفته سلطة الطبيعة الإسرائيلية؛ بحجة المرور على الطريق العام.
ومنذ السبعينيات تُقيم إسرائيل في الأغوار الشمالية سجنا وحيدا من نوعه في العالم، تحتجز به الحيوانات المخالفة لقوانينها، حيث يتّم إيداع الأبقار والأغنام والدواب المصادرة في هذا السجن، إلى حين دفع أصحابها غرامات باهظة، بالإضافة إلى مصاريف نقل ومبيت هذه المواشي.
الخبير في شؤون الاستيطان والانتهاكات الإسرائيلية عارف دراغمة أوضح، أن عمليات مصادرة الدواب والمواشي والمعدات الزراعية تصاعدت خلال الثلاثة سنوات الماضية بشكل كبير، حيث صادرت قوات الاحتلال أكثر من 100 بقرة و30 رأس غنم خلال العامين الماضيين و40 حمارا منذ بداية 2016.
ونوه إلى أن سلطات الاحتلال تفرض غرامات باهظة على المواطنين لاستعادة مواشيهم ودوابهم المصادرة بشكل يفوق الخيال، حيث تطالب المواطنين بدفع ألفي شيقل كحد أدنى لاستعادة إحدى الحمير المصادرة، مشيرا إلى أن المواطنين لا يستطيعون دفع تلك الغرامات.
وأكد دراغمة أن قرار الإدارة المدنية ليس بجديد فقد أقدمت سلطات الاحتلال على بيع أبقار وأغنام بالمزاد العلني تعود للمواطنين في الأغوار؛ صادرتها نتيجة حجج واهية كتواجدها بأراضٍ عسكرية أو مناطق مستوطنات أو أراضٍ طبيعية.
وتعتبر الدواب لسكان المضارب البدوية من أساسيات الحياة هناك، حيث تعينهم في التنقل ونقل الأحمال لمضاربهم ورعي الأغنام.
ووفقا لدراغمة فإن قضية فرض الغرامات على البدو ومواشيهم ودوابهم تعود لثمانينيات القرن الماضي، إلا أن تلك الغرامات كانت لا تتجاوز ثلاثة دنانير أردنية، إلا أن تلك المبالغ خلال العامين الماضيين تصاعدت بشكل جنوني حيث بلغت ما يقارب 300 ألف شيقل، بهدف الضغط على سكان المضارب لترحيلهم ومصادرة أراضيهم.
وأشار إلى أن قوات الاحتلال ما زالت تحتجز 10 جرارات زراعية، موضحا أن ما تسمى بسلطة الطيعة الإسرائيلية تفرض مبالغ طائلة على المواطنين وتقوم بإغلاق ألاف الدونمات الزراعية وتمنع السكان من الدخول إليها، بحجة أنها أراض طبيعية في حين يجري جيش الاحتلال تدريبات عسكرية فيها باستمرار.
ونوه دراغمة إلى أن أكثر من 60% من الأراضي مغلقة في الأغوار أمام رعاة الأغنام؛ نتيجة معسكرات الجيش والمستوطنات والقيود التي تفرضها سلطة طبيعة الأراضي الإسرائيلية.
ولا تقتصر معاناة المواطنين فقط على دفع الغرامات مقابل استرداد دوابهم ومواشيهم، حيث يتحمل المواطنون مخاسر إضافية بعلاج حيواناتهم؛ إثر تعرضها للإصابة بالأمراض والجروح إثر احتجازها بطريقة سيئة من قبل سلطات الاحتلال.
المصدر: الوكالة الرسمية- وفا