الإثنين  18 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

تحليل "الحدث": منصة الأمم بين الغصن الأخضر ودقات ساعة القطاف

2014-09-27 05:34:27 PM
تحليل
صورة ارشيفية
 
تحليل الحدث -جميل عليان
 
في العام ١٩٧٤ وقف الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات على منصة الأمم المتحدة، كأول ممثل فلسطيني لشعب فلسطين، يعرض مطالب ثورته، وانتهى خطابه التاريخي حينذاك، بعاصفة من التصفيق، بعد وضعه العالم حينها بين خيارين: السلم أو القتال.
 
لكن أول دعوة لحل سلمي والتي رمز إليه بالعبارة الشهيرة "لا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي"، لم تجد آذان صاغية، وقتها من قبل الدولة المحتلة، فطغى حديث البندقية على الساحة في الشرق الأوسط.
 
بعد أربعين عاما بالكمال، يصعد خليفة عرفات الرئيس الحالي محمود عباس، الى ذات المنصة، واسرائيل ما زالت تصم اذنيها وحديث البندقية مازال هو السائد في الشرق الاوسط، في معارك خسر فيها الفلسطينيون عشرات الآلاف من القتلى خلال حروب شنتها إسرائيل ضدهم على مدى العقود الاربعة، التي تخللها وقت مستقطع من البحث المستحيل عن السلام.
 
وفيما انهى الرئيس الراحل عرفات خطابه التاريخي وقتها " لحرب تندلع من فلسطين والسلام يبدأ من فلسطين"،  انهى الرئيس عباس خطابه بضبط الساعة من جديد لقطاف ضريبة ما قدمه الشعب الفلسطيني في معارك الحرب والسلم قائلا: "هناك احتلال يجب أن ينتهي الآن"، "وهناك شعب يجب أن يتحرر على الفور"، 'دقت ساعة استقلال دولة فلسطين' وسط تصفيق حاد لأكثر من دقيقتين.
 
ويبدو أن دعوة الحفاظ على غصن الزيتون الأخضر، لم تلق لها مكانا، من خلال اتفاقيات اوسلو الشهيرة التي كان من المفترض ان تقود الي معاهدة سلام.
 
وتبدو المراوحة بين الغصن والبندقية مكانها، لكن ساعة الحصاد حانت كما اوحى الرئيس عباس.
 
كان خطاب الرئيس الراحل عرفات من الخطب التي لا تنسى في تاريخ الخطب التي القيت من على المنصة الأممية.. وأمكن يومها للزعيم الفلسطيني الذي انتهت حياته محاصرا وعلى قطيعة مع اسرائيل والولايات المتحدة، أن يحصل على فرصة للتحدث نيابة عن الشعب الفلسطيني في كل اماكن تشتته من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة كممثل عن منظمة التحرير الفلسطينية، بينما يحمل مسدسا على خاصرته.
كان بالإمكان رؤية حصاد عرفات لنتائج خطابه ذاك، بعد عام، من خلال قرار صدر في الأمم المتحدة (ليس من قبل الجمعية العامة) والذي أشار إلى أن الصهيونية هي شكل من أشكال العنصرية.
ويأمل الفلسطينيون الان ان يروا نتائج خطاب الرئيس عباس من خلال قرار اممي ملزم لاسرائيل للتخلي عن الاراضي التي استباحتها لعقود.
وبينما كان خطاب عرفات في ذلك الحين، يسعى في واحد من اهدافه الى وضع منظمة التحرير كممثل للشعب الفلسطيني امام العالم، قادر على مد يد السلام للقوة المحتلة، اذا تخلت عن احتلال ارض الفلسطينيين، ظهر الرئيس الحالي محمود عباس، كمطالب بالحق باستعادة الارض بعد اربعين عاما.
في العقود الاربعة الماضية، تغير النظام العالمي، وانهارت انظمة وصعدت اخرى، ودارت رحى حروب كثيرة في الشرق الاوسط.
لكن سعي الفلسطينيين بين الغصن الاخضر والبندقية الملتهبة، لم يتغير.
وفيما يبدو ان الفلسطينيين يسعوون الى اكثر من مرامي خطاب الرئيس عباس الذي رفضته اسرائيل فورا، ويلقون بنظرهم نحو طاولة مجلس الامن لاستصدار قرار يحدد معالم حدود دولتهم، وجدولا زمنيا لانهاء احتلال ارضهم، يظهر الاسرائيليون في هذه المرحلة غير مبالين كثير، معتمدين على يد الفيتو الامريكية الجاهزة للرفع ضد اي قرار في هذا الاتجاه.
وساعات قليلة بعد خطاب عرفات عام ١٩٧٤ كانت ردود الافعال ذاتها التي كانت امس بعد خطاب الرئيس عباس الذي شهدت فترة ادارته للسلطة الفلسطينية التي اقيمت حسب اتفاقات اوسلو من اصعب المراحل التي شهدتها القضية الفلسطينية.
 

والولايات المتحدة، التي احتجت على الرئيس عباس، ووصفت خطابه بالخطاب "المهين"، جاهزة لمداراة اسرائيل في سياستها التي تعتمد على مفاوضات غير معروفة المعالم، او محدودة الاجل.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جنيفر بساكي: "كان في خطاب الرئيس عباس اليوم توصيفات مهينة، وهي مخيبة للآمال ونرفضها"، مشيرة في الوقت نفسه إلى "تصريحات استفزازية" من جانب الرئيس الفلسطيني.
 
وقال عباس في كلمته أمام الجمعية العامة إن محادثات السلام مع إسرائيل "لا قيمة لها" ما لم يكن الهدف هو إنهاء الاحتلال المستمر منذ 47 عاما للأراضي الفلسطينية في إطار "جدول زمني صارم". وأضاف أمام المنظمة الدولية: "آن لهذا الاحتلال الاستيطاني أن ينتهي الآن".
 
وقال: "لا صدقية ولا جدوى لمفاوضات تفرض إسرائيل نتائجها المسبقة بالاستيطان وببطش الاحتلال. ولا معنى ولا فائدة ترتجى من مفاوضات لا يكون هدفها المتفق عليه إنهاء الاحتلال الاسرائيلي، وقيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس على كامل الأراضي الفلسطينية التي تم احتلالها في حرب 1967".        
 
وشدد: "من المستحيل. أكرر. من المستحيل العودة إلى دوامة مفاوضات تعجز عن التعامل مع جوهر القضية". واتهم عباس إسرائيل بشن "سلسلة من جرائم الحرب" على قطاع غزة متعهدا، بـ"معاقبة مجرمي الحرب".
في العام ١٩٧٤ خاطب الرئيس عرفات العالم، وهو يلوح بالسلاح في الميدان، ويضع الثورة التي يقودها كواحدة من معالم الطريق، لكن في خطاب عام ٢٠١٤ اظهر خليفته طريق المفاوضات، الطريق الاسلم الوحيد، ليرسو بسفينة النضال الفلسطيني على بر الامان في بحر تقلب امواج الحروب ،القلاقل المرعبة مياهه من العمق حتى السطح.
 
بين خطاب من نحو ٥٠٢٠ كلمة القاه عرفات امام قاده العالم في العالم ١٩٧٤ وخطاب من نحو ٢٤٠٠ كلمة القاه خليفته عباس، صدرت الكثير من القرارات عن هذه الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس الامن، لكن اي من هذه القرارات، لم يحدد بعد، معالم طريق الفلسطينيين النهائية في استعادة ارضهم. فقامت حروب، وانتفاضتين وقتال مسلح، وشنت ضدهم حروب كثيرة، واطلقت الاف القذائف والخطب، وانتزعت من بين ايديهم بعض اسلحتهم التي جاؤوا بها عبر اتفاق اوسلو… وايضا اقتلعت عشرات الاف اشجار الزيتون من اراضيهم.