الحدث- علي الصوافطة
يرفض أطفال عرب الجهالين ترحيلهم من مكان اقامتهم في بيوت من الصفيح على تلة عند مستوى سطح البحر للعيش في بيوت تنوي إسرائيل إقامتها لعائلاتهم بالقرب من مدينة أريحا.
وقالت الطفلة نسرين عيد (11 عاما) يوم السبت وهي تقف بجوار مدرستها التي اقيمت عام 2009 من اطارات السيارات المستعملة "ما بدنا نرحل من هون ما بدنا نروح على مكان ثاني."
واضافت "لما أكبر بدي أكون محامية وأدافع عن الناس. بحب هذا المكان كثير."
في الوقت نفسه كانت عائشة محمد زميلتها في ذات المدرسة تنظر إلى تجمع من المواطنين حضر الى مقار معيشتهم للتضامن معهم وبينهم قيادات محلية من حركة فتح وغيرها من الناشطين دون ان تعبأ بما يقولون.
وقالت "أريد أن أصبح معلمة حتى أدرس للطلاب هنا في هذه المدرسة. ما بدنا نروح على أي مكان ثاني."
هذا ما يقوله الصغار من أبناء عرب الجهالين الذين يقاومون مخططا اسرائيليا لترحيلهم من المكان الذي عاشوا فيه عشرات السنين بعد أن رحل اجدداهم او أجبروا على الرحيل من أراضيهم عام 1948.
ولا يشعر الشاب نصر أحمد (29 عاما) الذي يعود مكان سكن جده الى منطقة بئر السبع بأي انتماء لمكان آخر غير هذا الذي يسكنه.
وقال لرويترز فيما كان يقف خارج الغرفة الصيفية التي اجتمع فيها القادمون للتضامن معهم "المربى (المكان الذي ولدت وعشت فيه)غلب الاصل. أنا ولدت هنا ولا أعرف مكانا آخر."
وأضاف "الحياة صعبة جدا هنا... أنا درست للصف السادس وكنا نمشي مسافة 18 كيلومترا للوصول من المدرسة(في اريحا) الى هنا."
وتابع نصر المتزوج ولديه اربعة اطفال ويسعى ان تكون حياتهم أفضل من الحياة التي عاشها "اذا كان ما يقولونه (الاسرائيليون) صحيح بانهم يريدون تحسين حياتنا فليحسونها هنا في هذا المكان."
وقال "نحن نعرف ماذا يريدون إنهم يريدون الارض من اجل ان تتوسع المستوطنات التي تراها (على التلة المقابلة) هذه المستوطنات التي تحرمنا ان نصل الى نبع المياه."
وتمثل قصة نصر ولديه ثمانية أخوة وخمس أخوات نموذجا للسكان البدو الذين تخطط اسرائيل لترحليهم من منطقة سكنهم -على الطريق الممتد من القدس الى البحر الميت- الى منطقة اخرى بالقرب من اريحا.
وقال "كان عند والدي قبل سنوات 300 رأس من الأغنام ومع إستمرار التضييق علينا وإرتفاع تكاليف الأعلاف لدينا اليوم فقط 50 رأسا."
واضاف "كما ترى الجبال قاحلة والمكان كل عام يضيق اكثر فممنوع علينا ان نقترب من حدود تلك المستوطنة (على بعد مئات الامتار) إنهم يراقبون كل ما نقوم به."
وعن سبب رفضه الرحيل الى منطقة تتوفر فيها خدمات المياه والكهرباء والبنية التحتية قال إن البدو "لا يستطعيون تغيير نمط حياتهم والعيش في منطقة محصورة كما أن الهدف ليس راحتنا وانما الاستيلاء على الارض."
ولا يبدي نصر اهتماما بالخطابات السياسية ليس فقط تلك التي تدور داخل الغرفة الصيفية بل أيضا ما قاله الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الامم المتحدة أمس والهجوم الحاد الذي شنه على الحكومة الإسرائيلية الأمر الذي إنتقدته الولايات المتحدة وإسرائيل.
وقال نصر انه لم يسمع ما قاله عباس وأنه لا يريد أن يسمع ما يقول السياسيون داخل الغرفة الصيفية وأن ما يريده هو أن تساعدهم السلطة الفلسطينية على الصمود في هذا المكان بالدعم المادي للاعلاف لمواشيهم على الاقل.
واضاف "إذا كانت السلطة تريد لنا ان نصمد في هذا المكان فلابد من وقفة للجميع. بذلك لن يستطيعوا اقتلاعنا من هنا والاستيلاء على الارض."
وأوضح نصر أن إسرائيل تحاول إستخدام أسلوب الإغراء معهم وقال "حضر ضباط من الادارة المدنية الاسرائيلية وحاولوا مساومتنا على الرحيل من هذا التجمع الى المكان الجديد المقترح وانه سيكون فيه كل شيء كهرباء وماء ومدارس ولكننا نرفض ولن نرحل طواعية."
واضاف "إننا نعلم ما يريدون (الاسرائيليون) يريدون هذه الارض دون فلسطيني واحد نحن نعرف المخططات لهذه المنطقة يريدون ان يكون الحاجز الاسرائيلي على مدخل اريحا وان تكون هذه المنطقة من القدس للبحر الميت كلها مستوطنات."
وحذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) التابعة للامم المتحدة يوم الأحد من مضي السلطات الاسرائيلية قدما في مخطط لترحيل آلاف البدو من مناطق في الضفة الغربية واسكانهم بالقرب من اريحا الامر الذي يهدد حل الدولتين.
وقال بيان للاونروا صدر الاسبوع الماضي "في ابريل 2014 أعلنت السلطات الإسرائيلية عن خطة لإعادة توطين تجمعات بدوية رعوية تعيش في مناطق مختلفة في الضفة الغربية في ثلاث ضواحي هي النويعمة والجبل وفصايل (في منطقة اريحا)."
واضاف البيان "الغالبية العظمى من التجمعات المستهدف نقلها هي من اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدي الاونروا كما تضم هذه التجمعات هؤلاء القاطنين في منطقة (E1) ومعاليه ادوميم بالقرب من القدس والمقرر استخدامها لتطوير جديد للمستوطنات الاسرائيلية."
واوضح الشاب محمود ابو داهوك المتزوج ولديه اربعة اطفال اكبرهم عمره 11 عاما واصغرهم خمسة أشهر ويعيش في ذات المنطقة قائلا "لم يعد بمقدرونا ان ننتقل الى مكان أخر بحثا عن الماء والعشب كما في السنوات السابقة إنهم (اسرائيل) لا يسمحون لاحد يغادر المنطقة بأن يعود اليها."
وقال لرويترز بعد أن حضر عدد من أفراد الشرطة الاسرائيلية الى التجمع "نحن نريد ان تكون حياة ابنائنا افضل من حياتنا ولكن ليس من خلال الرحيل عن هذا المكان."
وأضاف "كانت المشكلة الكبيرة لدينا في تعليم الاولاد واليوم يوجد مدرسة هنا يتعلم بها الاولاد والبنات. لن يحتاجوا ان يقفوا على جانب الطريق بانتظار سيارة تقلهم او السير اكثر من 15 كيلومترا للوصول الى المدرسة."
وانسحب أفراد الشرطة الإسرائيلية بهدوء من المكان وبدأ الحضور بالتقاط صور لهم من خلال هواتفهم المحمولة.