الحدث-غزة
أمسكت الفلسطينية رويدة النجار(49عامًا)، بغصن زيتون جاف من بقايا أرض زراعية، تعرضت للتجريف خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، بهدف استخدامها كحطب لطهي "خبز الصّاج"، المُفضل لعائلتها، وسكان بلدتها "خزاعة"، الواقعة شرقي مدينة خان يونس، جنوب قطاع غزة.
واستعانت النجار بقريبتها، سامية النجار (50عامًا)، وعدد آخر من الجيران والأطفال، لمعاونتها في إشعال النار، ونقل الصفيح المخصص لطهي الخبز، بعد وضعه فوق الحطب المُشتعل.
وبالقرب من المنزل المدمر بفعل القصف الإسرائيلي الذي تعرضت له المنطقة بالكامل، جلست "سامية"، تطوي قطع العجين بما يعرف "الشوبك" على طاولة صغيرة من الخشب، وتسلمها إياه كي تقوم بدورها بتمديد حجمه وتكبيره بكلتى يديه، عبر طيه شمالاً ويمينًا، ومن ثم وضعه على الصفيح الساخن وتقليبه، حتى يصبح جاهزًا للأكل.
واجتذبت رائحة الخبز الطازج، عددا من أبناء عائلة النجار المنتشرة في المنطقة، حيث شقوا طريقهم بصعوبة بين أنقاض المنازل.
ووسط هذا الدمار الهائل، بدأت الأسرة في تناول طعام الإفطار المكون من الخبر الساخن، و"الزعتر"، و"زيت الزيتون"، و"الفلفل الأحمر المطحون".
وقالت "النجار":" سنظل باقون هنا..لن نرحل، مهما فعلوا، هذه أرضنا، ونحن مغروسين فيها".
وأضافت تقول لمراسل وكالة الأناضول للأنباء:" بلدتنا تعرضت للتدمير والقصف، ثلاث مرات، الأولى في حرب 2008م، وحرب 2012م، وخلال العدوان الأخير دمروا منزلي واعتقل ابني عيسى (22عامًا) وما زال سجينا في المعتقلات الإسرائيلية".
وتابعت:" في العدوان الأخير، قتل الجيش الإسرائيلي أكثر من 100 من السكان، وجرح المئات، واعتقل العشرات ومن بينهم ابني، وعذّبهم وأهانهم، وقد أفرج عن معظمهم بعد أيام، وأبقى على اعتقال ثمانية".
وأوضحت أن الجيش تعمد تدمير البلدة، وتجريف أراضيها الزراعية، حيث اقتلع الأشجار المعمرة .
وأضاف "النجار" مستدركة:" العدو اقتلع أشجارنا، لكنه لم يستطع اقتلاعنا، وعدنا نعيش في خيام فوق الركام".
وأشارت إلى أن السكان مصرون على انتزاع حقهم في الحياة، رغم أجواء الموت التي تخيّم على المنطقة، حسب قولها.
وأضاف:"رغم هذا الدمار، نحن نحب هذه الجَمْعة العائلية، وهي من سماتنا كسكان مناطق ريفية، ونحب طهي خبز الصّاج المُفضل لدى الكثير منا".
وقالت النجار: "قبل بدء العدوان البري، ألقوا علينا منشورات من الطائرات تحثنا على الخروج من البلدة، ومع حلول ساعات الليل، تعرضت البلدة للقصف البري والجوي العنيف، ومع حلول ساعات الصباح، ومرور الليلة العصيبة علينا، والتي لم يسبق لها مثيل، فوجئنا بوجود القوات الإسرائيلية داخل البلدة".
ولفتت إلى أنهم لم يتمكنوا من الخروج، وتعرضوا لحصار مشدد، تحت وطأة القصف الشديد، مضيفة:"كنا نختبئ تحت دَرج المنزل، حتى اقتحمت القوات الخاصة الإسرائيلية منزلنا، وطلبت منا الخروج للشارع، والانبطاح على الأرض".
وتابعت:" بعض الجنود كانوا ملثمين، ترافقهم كلاب مُخيفة، وضرب الجنود الشباب على أكتافهم بأقدامهم، والنساء تبكي والأطفال تصرخ".
وواصلت حديثها:" قلت للجنود:(حرام عليكم ماذا تريدون منا، نحن نساء وأطفال)، فرد أحدهم بالعربية:"(أمي قتلتها حماس..) فقلت له:( كيف حماس وصلت لأمك..)، فلم يرد، ثم طلبوا من النساء والأطفال الخروج من البلدة، واعتقلوا كل الشباب".
وبينت أن عائلات البلدة يعيشون في الخيام، منذ نحو أكثر من شهر ونصف.
ورغم أجواء "الصمود" المخيمة على العائلة، إلا أن قسوة الحياة في الخيام المستمرة منذ نحو 50 يوما، تجعل أفرادها يبتهلون إلى الله، بسرعة إعمار منزلهم، كي يعودوا إلى حياتهم الطبيعية مجددا.
وتعرضت بلدة "خزاعة"، خلال العدوان الإسرائيلي الأخير إلى اعتداءات واسعة، وحصار استمر لمدة أسبوعين تسبب بمقتل العشرات من أبناء البلدة، وجرح المئات، بالإضافة إلى تدمير أحياء كاملة منها، وتجريف الأراضي الزراعية.
ونفذ الجيش الإسرائيلي، خلال حصار البلدة، إعدامات ميدانية (حسب روايات السكان، وتوثيق مؤسسات حقوقية كالمرصد الأورمتوسطي)، واستخدم السكان دروعًا بشرية.
وتقع بلدة خزاعة إلى الشرق من مدينة خان يونس، جنوب قطاع غزة، بالقرب من السياج الحدودي بين القطاع وإسرائيل.
(المصدر: وكالة الأناضول)