الحدث – ياسمين أسعد
زينة عمرو إبعاد (40 يوما)، خديجة أبو غالية إبعاد (20 يوما)، نهلة صيام إبعاد (40 يوما)، وغيرهن من المرابطات المقدسيات اللواتي أٌصدر بحقهن قرار الإبعاد عن المسجد الأقصى باتهامات وحجج واهية.
المرابطات؛ نساء فلسطينيات من القدس وأراضي الـ48 والضفة الغربية، يعتكفن يوميا في المسجد الأقصى المبارك لصد اقتحامات المستوطنين ومنعهم من دخوله والتأكيد على تمسك الفلسطينين بالمسجد.
في الآونة الاخيرة ومع تكثيف اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى، باتت النساء المرابطات الهدف الأشهى للاستهداف السياسي والاعتداء من قبل جنود الاحتلال. وبعد أن بتن خط الدفاع الأول للتصدي لغارات المستوطنين المتطرفين، أصبح اقترابهن ودخولهن لساحات المسجد مهدد بسياسات تعسفية إسرائيلية أبرزها "الإبعاد".
المبعدة خديجة أبو غالية (37 عاما) قالت لـ"الحدث": "نتعلم تجويد القرآن الكريم في الأقصى، اتهمني جنود الاحتلال بضرب مستوطن، واعتقلت يوم الاثنين الماضي وحقق معي في مركز"بيت ياهو"، وبعد ساعتين نقلت لمركز "الكشلة" في باب الخليل، وحكم علي الإبعاد لمدة 20 يوماً عن المسجد الأقصى وتهديدي بالسجن في حال مخالفتي للقرار، ودفع كفالة 5000 شيقلاً في حال اقتربت من المسجد".
بدوره، أكد رئيس قسم المخطوطات والتراث في المسجد الأقصى الشيخ رضوان عمرو، لـ"الحدث": "إن سياسة الإبعاد اعتراف صريح من الاحتلال، للدور الفعال الذي تقوم به المرابطات في المسجد الاقصى أثناء الاقتحامات المتكررة".
وأضاف: "الإبعاد ليس بالسياسة الجديدة إذ أبعد الاحتلال قبل ثلاث سنوات امرأة وبعدها توالت الممارسات ضدهن بصورة موسعة ليصل اليوم الأمر بالاحتلال إلى ابعاد 70 امرأة منهن 15 مرابطة أبعدن خلال الفترة الحالية بشكل جماعي وفردي، خاصة في أيام الاعياد اليهودية التي تتزايد فيها الاقتحامات".
وفي ذات السياق، أُبعدت المرابطة زينة عمرو(51 عاما)، قبل أسبوعين عن المسجد الأقصى قائلة: "وجهت لي تهمة التعامل مع مؤسسات محظورة، وحققت سلطات الاحتلال معي في مركز "الكشلة" حول ما أقوم به داخل المسجد أثناء التدريس في مصاطب العلم، في محاولة منهم لإيجاد مخرج قانوني لإبعادي عن المسجد لـ40 يوما حتى انتهاء فترة الأعياد اليهودية، كما تم إبعاد 3 معلمات أخريات بشكل جماعي".
وأضافت عمرو: "الابعاد كان تتويجا لاعتداءات وتضيقات إسرائيلية سابقة، إذ داهم جنود الاحتلال منزلي عدة مرات، وتم استدعائي لمراكز التحقيق بصورة متكررة، ناهيك عن التهديدات الهاتفية، إضافة إلى مصادرة بطاقتي المقدسية كل يوم جمعة لإجباري على الذهاب لمراكز الشرطة لاستردادها".
وحول ما يتعرضن له المرابطات من اعتداءات جنود الاحتلال، أكدت النساء أنهن يتعرضن للضرب المباشر بالأيدي والعصي خاصة في وقت الاقتحامات، لإبعادهن عن المتطرفين أثناء أدائهم الصلوات "التلموذية" في المسجد، إضافة لتعرضهن للضرب من قبل المستوطنين المتطرفين أنفسهم.
وأضحت إحدى المرابطات مفضلة عدم ذكر اسمها: "يتم توجيه الألفاظ البذيئة للنساء، كما نتعرض للضرب بالأرجل من قبل جنود الاحتلال لترهيبهن وإبعادهن، حيث كسر المتطرف يهودا غليك ذراع إحدى النساء، على الرغم من منعه بشكل مؤقت من الدخول للمسجد، إلا أنه سرعان ما عاد للتجوال في باحاته بشكل طبيعي".
وحول تصديهن للمستوطنين، قالت "نقف أمام المستوطنين أثناء تأديتهم لصلواتهم التلموذية لإبطالها والتكبير المستمر لازعاجهم، رداً على استفزازتهم لنا بالصلاة والشرب داخل الحرم"، مبينةَ أنه حسب معتقدات اليهود تبطل صلاواتهم في حال الوقوف أمامهم.
وعن سياسات جنود الاحتلال أثناء الاقتحامات، قالت إحدى المرابطات "يصور الجنود النساء المرابطات لأرشفة صورهن ومنعهن من الدخول للمسجد لاحقاً، فاليوم تتبع إسرائيل سياسة الإبعاد للنساء المرابطات تصل لعدة أشهر، خاصة النساء المعلمات في مصاطب العلم أمثال خديجة أبو غالية، وهنادي الحلواني، ونهلة صيام، وزينة عمرو، اللواتي صدر قرار بإبعادهن قبل أيام".
وأضافت "نحن نتبع وسائل تخفّي للدخول للمسجد من خلال خلع الحذاء أو لباس النقاب لأن من يتم حفظ وجهها يتم إبعادها".
من ناحيته، قال الشيخ عمرو إن "دائرة الأوقاف تبذل كل جهد ممكن لتأمين الحماية للمرابطات، لكن دور الأوقاف كان يكتمل بمؤسسة عمارة الأقصى التي كانت تؤمّن الجوانب القانونية والمالية لهن، وبإغلاقها لا تملك الأوقاف الميزانية الكافية لذلك وهي تحاول قدر المستطاع التخفيف من السياسات الإسرائيلية كمؤسسة حكومية".
وأضاف: "الاقتحامات وسياسات التقسيم هي اتفاق بين السلطات الإسرائيلية الثلاث، تُدعم من المحكمة الإسرائيلية العليا وتنفذ من المخابرات والشرطة، وبالنهاية نحن كدائرة أوقاف ليس لنا ذراع ونخضع لقوانين الاحتلال".
يشار إلى أنه قبل أسبوعين تم إغلاق مؤسسة عمارة الأقصى المسؤولة عن توفير الاحتياجات المادية والمعنوية للمرابطين وحمايتهم من الاعتقال بتوفير محاميين لهم، وبإغلاقها تراجع أعداد المرابطين بشكل ملحوظ.