الحدث- متابعة ياسمين أسعد
قبل أربعة عشر عاما، فجّر الشعب الفلسطيني "انتفاضة الأقصى" إثر اقتحام رئيس وزراء حكومة الاحتلال الأسبق "أرئيل شارون" برفقة حراسه وآلاف الجنود باحات المسجد الأقصى المبارك.
ففي 28 من أيلول / سبتمبر من العام 2000، استفز شارون وحرّاسه مشاعر المسلمين في المسجد الأقصى، فثار المصلون وحاولوا التصدي له، فما كان إلا أن اندلعت الانتفاضة الثانية.
وعلى إثر الأحداث الدامية في المسجد الأقصى عمّت مناطق الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة مسيرات غاضبة تطورت إلى مواجهات بالحجارة مع جنود الاحتلال، وبعد فترة وجيزة أخذت الانتفاضة طابعاً عسكرياً بحتاً.
كما كان الشعور بالإحباط لدى الفلسطينيين بسبب المماطلة وجمود المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بعد مؤتمر قمة كامب ديفيد، إضافة إلى عدم تطبيق إسرائيل للعديد من الجوانب التي تم الاتفاق عليها في اتفاق أوسلو 1994 والمفاوضات اللاحقة له، إلى جانب استمرار إسرائيل في سياسة الاغتيالات والاعتقالات والاجتياحات لمناطق السلطة الفلسطينية ورفض الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين. أسبابا إضافية لاندلاع الانتفاضة.
وتميزت انتفاضة الأقصى مقارنة بالانتفاضة الأولى بكثرة المواجهات المسلحة والعمليات الاستشهادية في قلب كيان الاحتلال الإسرائيلي.
شهداء وتدمير
وارتقى خلال انتفاضة الأقصى ما يزيد عن (4412) شهيد فيما جرح أكثر من (48322) مواطناً، وكان من بين الشهداء الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات، والقادة أحمد ياسين، وعبد العزيز الرنتيسي، وأبو على مصطفى، وغيرهم الكثير من قادة الفصائل.
وانتهجت (إسرائيل) خلال الانتفاضة سياسة تدميرية بحق الشعب الفلسطيني، فعمدت إلى تدمير البنية التحتية الفلسطينية، وهدم البيوت بالتجريف تارة وبالقصف تارات أخرى، فضلاً على عمليات الاجتياح الموسعة التي كانت تقوم بها في مدن الضفة الغربية وقطاع غزة.
وقال الأمين العام للهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات الدكتور حنا عيسى، إن المستوطنين والمتطرفين يدنسون الأقصى ويعتدون عليه بشكل دائم ومستمر.
وأضاف: "تطل علينا الذكرى الرابعة عشرة لانطلاقة انتفاضة الأقصى لتعيد إلى أذهاننا صورة الصمود الأسطوري لشعبنا الذي هب بكل فئاته شيباً وشباناً، دفاعاً عن القدس ومقدساتها والتي راح ضحيتها 4412 شهيدا و 48322 جريح"، بحسب البيان الذي وصل "الحدث" نسخة عنه.
وأكد عيسى أن مدينة القدس لا زالت تواجه تسارعاً غير مسبوق يجري على قدم وساق في مخططات التهويد وطمس الهوية العربية والتاريخية، عبر الإنتهاكات اليومية والمحاولات المتكررة للمستوطنين بتدنيس الأقصى عن طريق أداء صلوات تلمودية وشعائر توراتية في تكرار لمشاهد اقتحام الأقصى من قبل وزراء حكومة الاحتلال وأعضاء الكنيست لزرع ثقافة حق الملكية في المسجد للأجيال القادمة، الأمر الذي يؤكد أن المعركة لا زالت مستمرة.
ودعا عيسى الى إعادة صياغة الموقف العربي والإسلامي الأكثر مواءمة ومصلحة للقدس وأهلها ومقدساتها وذلك من خلال لقاءات ومباحثات بين العلماء المهتمين بالصراع "الفلسطيني– الاسرائيلي" والخروج بموقف واحد لنصرة القدس والمقدسات قبل فوات الأوان، فالقدس حاضرة في وجدان الفلسطينيين وستبقى حاضرة في الذاكرة الفلسطينية على الرغم من المحاولات الحثيثة لزرع ثقافة جديدة لدى الفلسطينيين وتزوير تاريخهم الا أنها دائما الحافز للثبات والصمود على مر الأجيال.
من جهته، حيا نائب أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح فهمي الزعارير، نضال شعبنا الفلسطيني في الذكرى الرابعة عشرة لانتفاضة الأقصى، التي انتفض فيها شعبنا في وجه الاحتلال وسياساته.
وقال الزعارير في تصريح صحفي اليوم الأحد، إن الشعب الفلسطيني يضرب الأمثلة المتواصلة على الصمود والكفاح الوطني المتواصل لإنجاز حقوقه الوطنية المشروعة دوليا والمغتصبة بفعل الاحتلال، مشددا على أن انتفاضة الأقصى كانت موجة من موجات النضال الوطني.
وأكد في هذا السياق، أن الشعب الفلسطيني وقف في وجه العدوان وجرائمه البشعة، وعمليات الاغتيال والاعتقال، وآلة التدمير، وسياسات إنهاء مظاهر السلطة وتفريغها من جوهر وجودها المتمثل في بناء مؤسساتها القوية والانتقال التدريجي للاستقلال الوطني وإنهاء الاحتلال.
وحيا الزعارير عائلات الشهداء الذين قضوا في الانتفاضة، والأسرى الذين ما زالوا في معتقلات الاحتلال، وكافة أبناء الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده في الداخل والشتات، الذين يورثون حقوقهم للأجيال، وإيمانهم الذي لا يلين بالحقوق الوطنية الثابتة، مؤكدا أن شعبنا وعلى مدار عقود من وجود الاحتلال يقدم الغالي والنفيس لأجل فلسطين، ولن يتوقف.