الحدث- رام الله
أوصى اليوم، المشاركون في ورشة العمل التي نظمتها الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" بالشراكة مع مركز جنيف للرقابة الديمقراطية على القوات المسلحة "ديكاف"، لمناقشة مسودة مشروع قرار بقانون الشرطة رقم ( ) لسنة 2016. بضرورة ايجاد إطار قانوني عصري ناظم لعمل الشرطة يلبي متطلبات حماية وصيانة حقوق الإنسان والحريات العامة. وهدفت الورشة التي شارك فيها خبراء قانونيون ومسؤولون وممثلون عن مؤسسات المجتمع المدني وإعلاميون إلى إيجاد قانون عصري يتواءم والقوانين الدولية ذات العلاقة.
وتحدث في ورشة العمل الدكتور عمار الدويك المدير العام للهيئة، والأستاذ المستشار أحمد براك النائب، والأستاذ فريدرك ماريو مدير مركز "ديكاف"، والأستاذ فهد شويكي ممثل نقابة المحامين النظامين، والأستاذ عبد المنعم دراغمة ممثل مستشار السيد الرئيس للشؤون القانونية الأستاذ حسن العوري.
وافتتح الورشة الدكتور الدويك مبيناً أن هذه النشاط يأتي في إطار دور الهيئة الموكل إليها بضمان صيانة متطلبات حقوق الانسان في التشريعات الوطنية وفي عمل المؤسسات العامة، مشيراً إلى أن هدف اللقاء يتمثل في إثراء مسودة مشروع القرار بقانون بما يضمن توافر المعايير الدولية لحقوق الانسان في موادها، وصولا إلى قرار بقانون عصري يتناسب مع التزامات فلسطين الدولية في مجال حقوق الانسان خاصة بعض انضمامها لعدد من الاتفاقيات الدولية بما فيها العهد الدولي لحقوق السياسية والمدنية، واتفاقية مناهضة التعذيب، وأيضا يلبي الاحتياجات الوطنية الفلسطينية.
وأضاف أنه وفي ظل غياب صاحب الاختصاص الاصيل في التشريع، وهو المجلس التشريعي، فقد بات من الضروري إجراء رقابة مجتمعية على عملية صناعة التشريعات، لضمان أن أية قرارات بقوانين أو انظمة أو غيرها من التشريعات التي تصدر أن تكون في حدود الضرورة قدر الامكان، وأن يسبق إصدارها عمل مشاورات مع الاطراف التي سوف تتأثر بها، لإفساح المجال للشركاء وأصحاب المصالح لإبداء رأيهم، وأيضاً لضمان أن أية تشريعات تكون متسقة مع التزاماتنا في مجال حقوق الانسان.
وتحدث المستشار البراك عن أهمية وجود قانون للشرطة ينظم عملها وهيكليتها وعلاقتها بالأفراد والجهات الرسمية ذات العلاقة وبخاصة النيابة العامة باعتبارها الجهة التي ترأس الضابطة القضائية، كون ضباط وضباط صف الشرطة يمثلون عنصراً من عناصر الضابطة القضائية، وبالتالي ضرورة أن ينظم مشروع القرار بقانون الشرطة علاقتهم بالنيابة العامة، مشيراً إلى ضرورة انسجام مشروع القرار بقانون الشرطة مع القانون الأساسي المعدل والمواثيق الدولية ذات العلاقة وبخاصة فيما يتعلق بالحقوق والحريات العامة وتنظيم اختصاص القضاء العسكري، وفي هذا الاطار أكد النائب العام على ضرورة اخضاع عناصر قوة الشرطة إلى النيابة العامة المدنية والمحاكم المدنية وليس للقضاء العسكري، الأمر الذي ينسجم مع التوجه الدولي باعتبار الشرطة قوة نظامية مدنية.
ورحب ماريو بالتعاون مع الهيئة في تنظيم هذه الورشة المهمة التي من شأنها أن تشكل بداية حقيقة لحوار ونقاش جديين حول مشروع قرار بقانون الشرطة الفلسطينية وما يعكسه من تأثير ايجابي على منظومة الحقوق والحريات الأساسية في فلسطين، مشيراً إلى النشاطات والمشاركات التي نفذها مركز جنيف مع الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة في إطار مراجعة مشروع قرار بقانون الشرطة.
ومن جانبه قال دراغمة اننا على يقين بأهمية المشاركة لمختلف الفئات ذات الاختصاص في الحرص على الرقي بالمؤسسات الوطنية ووضع اطار قانوني ينظم عملها ويضمن الحفاظ على حقوق وحريات المواطنين، مؤكداً على أن مؤسسة الرئاسة اولت اهتماما كبيرا لوضع القانون للدراسة، وشكلت لجنة خاصة لدراسة الملاحظات للخروج بقانون عصري يكفل حق المواطنين، مشددا على ضرورة تقديم كافة الملاحظات التي من شأنها ان تساهم في تطوير مشروع القانون، ودعا الى ضرورة الاخذ بعين الاعتبار كافة المسائل الخلافية والمحافظة على المعايير الدولية لعمل الشرطة، مشيرا الى ان القانون سيراعي كافة القوانين والتشريعات المقرة في القانون الاساسي.
من جهته قال الشويكي، نتطلع الى مشروع القانون باهتمام كون قانون الشرطة يمس بأعمال الشرطة والحريات العامة، موضحا ان التعريفات في مشروع قانون الشرطة المطروح تبعد عن الدقة وان آلية عمل الشرطة وعلاقتها مع المواطن في حال وجود نزاع بين الاطراف بحاجة إلى توضيح، وأضاف ان مشروع القانون المطروح لم يوضح تبعية الشرطة للنيابة العامة في مجال ممارسة الضبط القضائي على اعتبار انه جهاز مستقل داعيا الى ضرورة ايضاح ماهية الشرطة في القانون كقوة عسكرية او نظامية مدنية والتي تنعكس بصورة كبيرة على منظومة القوانين والتشريعات الناظمة للحريات العامة في هذا السياق.
وتحدث في الجلسة الرئيسية التي ترأستها خديجة حسن مديرة دائرة السياسات والتشريعات الوطنية في الهيئة بشار الأحمد مدير الدائرة القانونية في ديوان مدير عام الشرطة، وعمار جاموس باحث قانوني في الهيئة، و باولو كوستا مدير برنامج الشرطة في قسم العمليات في جنوب شرق أوروبا بمركز جنيف للرقابة الديمقراطية على القوات المسلحة، والأستاذة أنّا كانتور ممثل عن البعثة الأوروبية لمساندة الشرطة الفلسطينية.
وبين الأحمد في مداخلته التي جاءت تحت عنوان السياق والمضمون لقرار بقانون الشرطة، السياق الزمني الذي تم فيه اعداد هذا القانون والمراحل التي مر بها، موضحاً أن الغاية من القرار بقانون هي توحيد المرجعية القانونية التي تحكم عمل جهاز الشرطة، وإيجاد قانون خاص بالشرطة يتناسب مع الخطة الإصلاحية لقوى الأمن وبناء المؤسسات.
وركز جاموس في مداخلته التي جاءت تحت عنوان حقوق الإنسان في ظل مشروع قرار بقانون الشرطة، على ملاحظات الهيئة على هذا القرار بقانون والمتمثلة في أهمية وجود إطار قانوني ينظم عمل أجهزة إنفاذ القانون، وخاصة جهاز الشرطة الذي يشكل أكثر الأجهزة ارتباطاً بالمواطنين ومجريات حياتهم اليومية، وأشار كذلك إلى أهمية تضمين مشروع القرار بقانون بعض الأحكام التي تسهم في رعاية حقوق الإنسان والحريات العامة كحظر التعذيب وايلاء الفئات المهمشة عناية خاصة، بالإضافة إلى توفير حماية كافية لحرمة الحياة الخاصة والحق في الخصوصية، وعلى صعيد الرقابة الخارجية أكد جاموس على ضرورة اخضاع عناصر قوة الشرطة في مساءلتهم الجزائية للقضاء النظامي، وعلى ضرورة أن ينظم المشروع علاقة الشرطة بسلطات المجتمع المختلفة وعلى رأسها مؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام.
وشدد كل من كانتور وكوستا على ضرورة حسم مشروع قرار بقانون الشرطة الطبيعة القانونية للشرطة باعتبارها قوة نظامية مدنية تتبع السلطات المدنية بما يتماشى مع المعايير الدولية في هذا المجال، مستعرضين عدداً من المعايير الدولية في عمل الشرطة، وبخاصة في حالات استخدام القوة والسلاح الناري.
وفي نهاية الورشة تم تقديم العديد من المداخلات والملاحظات على مشروع القرار بقانون، والتي تركزت في مجملها على مسألة ضرورة حسم المشروع للطبيعة القانونية للشرطة باعتبارها قوة نظامية مدنية مع الأخذ بعين الاعتبار ما يترتب على ذلك من نتائج وبخاصة على صعيد المساءلة والجهات المختصة بها.