الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

بزنيس المصالحة

2014-04-15 00:00:00
بزنيس المصالحة
صورة ارشيفية

نبيل عمرو

لو قام مركز ما بإجراء استطلاع للرأي، حول ثقة الجمهور بإمكانية إجراء مصالحة في المدى المنظور، فستكون النتيجة في غاية الإيجابية، لو حصلت المصالحة على متفائلين بها بنسبة عشرة بالمائة.

ورغم الإمكانيات المتاحة للقوى السياسية في مجال «البروباجاندا» وتبرير المواقف، إلا أن من يمنح المصداقية الحقيقية، هم الناس العاديون، ذلك أن حِسّهم الجمعي يظل أقوى وأصدق من تلفيقات السياسيين وادعاءاتهم.

وحين تتدنى الثقة بالمصالحة، فينبغي أن لا يُفهم من ذلك بأن الشعب لا يريدها، أو لا يراها ضرورية  ومصيرية، بل لأن الشعب الذي واكب كثافة الحديث عن المصالحة، وضآلة العمل الجدي من أجل تحقيقها، وصل إلى حالة من اليأس تجلّت في عدم الإقبال على أخبارها، وعدم الاكتراث بكل ما يقال حولها.

وإذا كان الكلام الكثير والفعل القليل، هما سبب انعدام مصداقية المصالحة بين الناس، فإن أمراً آخر صار يدعو إلى الاستخفاف بجدية ناظمي الشعر في مزاياها وأهميتها، حتى أطلق الوعي الجمعي مصطلحا دقيقا في وصف الحوار الذي لم ينقطع الا انه لم يؤدي الى نتيجة... « بالبزنيس» فمن يريد ان يتصدر وسائل الاعلام ولو لدقيقة واحدة، فلن يجد أطوع وأسهل من القول، إن هنالك تقدما ملحوظا في عملية المصالحة، ومن يشعر بأن قطار السياسة البائس قد فاته إلى محطة أخرى، فليس لديه من تعويض على ذلك سوى الاعلان عن مبادرة من أجل المصالحة، ولكثرة ما حدث ذلك على مرأى الناس وسمعهم، فإننا نرى ما نرى من يأس شعبي، يؤدي إلى حالة من اللامبالاة، وكأن الناس يقولون .. وما الفائدة من الجري وراء السراب.

ودعونا نناقش ما حصل خلال الأسبوع الماضي بهدوء وحياد...فقد أُعلن عن تشكيل وفد جديد مهمته إخراج حوار المصالحة من الثلاجة، وقدرت العشرة بالمائة من المتابعين ان حركة حماس سوف تلتقط المبادرة وتفتح ذراعيها للأشقاء القادمين من وراء إيريز، وجهّز أعضاء الوفد انفسهم مفترضين أن قيادة حماس لن تتوان ولو ساعة واحدة عن التعبير المتحمس عن استقبال الوفد، والتعهد بإنجاح مسعاه، غير أن حماس لم تفعل ذلك، ولكي تظهر انها في وضع مريح، وانها ليست متلهفة على الامساك باليد القادمة من رام الله، فقد اعلنت بصورة اولية، انها سمعت بالوفد من وسائل الاعلام وان تشكيله لم ينسق معها وبالتالي سوف تأخذ راحتها، في الدرس والبحث والتمحيص والمشاورات، كي تأخذ قرارها باستقبال الوفد اولا، وقد يحتاج الامر عدة أسابيع وشهور لدراسة الافكار التي يحملها، وفرز ما يقبل وما لا يقبل، تماما مثلما كان يحدث منذ بدء حكاية الانقسام والمصالحة.

أخيرا ... سوف يتوجه الوفد الى غزة، وسوف يعرض خطابه المحفوظ عن ظهر قلب، وسوف ترد حماس بخطابها المحفوظ  كذلك، وسيرى وفدنا انه مادام صُرّح له بدخول غزة  فلا بأس من جولة على القوى السياسة هناك، ثم يعود الوفد الى حيث أتى... ولا بأس من بعض تصريحات متفائلة، تحت شعار «لا تشيع التشائم في أوساط الناس فيكفيهم هماً وغماً».

لماذا يحدث كل هذا ؟؟ الجواب .. لأن المتحاورين يعرفون أن الحوار بلا قرار  يشبه المشي على خط الدائرة، بحيث تبدأ من نقطة وبعد مسير طويل تعود من حيث بدأت.