الحدث- محاسن أُصرف
بمجرد الإعلان عن التوافق بين طرفي الشقاق الفلسطيني (فتح وحماس) بإجراء الانتخابات البلدية والمشاركة فيها في الثامن من أكتوبر القادم بعملية اقتراع موحدة في الضفة المحتلة وقطاع غزة، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي برسائل مختلفة للمواطنين تدعوهم للمشاركة في الانتخابات عبر تسجيل أسمائهم في السجل الانتخابي، وعمد فريق آخر ممن يفقهون جيدًا دور وسائل الاعلام الاجتماعي في التحشيد والتحفيز إلى استخدامها بشكل من أشكال الدعاية الانتخابية قبل أن تبدأ بترويج إنجازات الفصيل الذي ينوي انتخابه، ما يدعو إلى التساؤل حول أثر مواقع التواصل الاجتماعي على مجرى الانتخابات المحلية ونتائجها المتوقعة؟ "الحدث" في إطار الإجابة على التساؤل المطروح التقت ببعض المختصين ورصدت بعض آراء المواطنين والمعنيين وأعدت التقرير التالي.
حراك مستبق
على الرغم من أن فترة الدعاية الانتخابية لم تبدأ بعد إلا أن بعض النشطاء المحسوبين على فصائل معينة، استبقوا الأحداث وبدءوا بطرق غير مباشرة الحشد والتأييد لحزبهم.
سلامة معروف من المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، لا تخلو صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" من المنشورات الداعمة لحماس بشكل غير مباشر، آخرها كانت مقارنة عقدها بين الأموال التي كانت مرصودة لمشاريع البنية التحتية لبلديات قطاع غزة عامي 2004 فترة تولي السلطة الفلسطينية وفتح زمام الأمور في قطاع غزة عام 2015 حيث إدارة حماس لشئون القطاع، مؤكدًا أن الفرق في الأرقام وهي (23,974,785 شيكل) عام 2004، و(111,113,530شيكل) عام 2015 كان يذهب هباءًا منثورا سمسرة وسرقة ونهب مدعمًا قوله بما رصده تقرير هيئة الرقابة وحديثه بإهدار السلطة 700 مليون دولار من المال العام، كما استعان بفيديو يُظهر كيف تطورت غزة في مجال البنية التحتية والمشاريع الخدمية خلال فترة الانقسام وإدارة حماس لشئون القطاع.
وفي منشور آخر وتحت وسم أطلقه بعنوان "خليك منصف" أوضح "معروف" أن خلال فترة الانقسام وتخلي السلطة عن دورها في قطاع غزة استطاعت البلديات حفر أكثر من 100 بئر مياه جديد وأعادت تأهيل 200 بئر وقامت بتمديد شبكات مياه وخطوط ناقلة بطول 330 كم وأوصلتها لأكثر من 13000 بيت لم يكن لديهم وصلات مياه، داعيًا عبر الوسم إلى انصاف المرشحين.
وانتهج ذات السبيل الإعلامي في وكالة الرأي الحكومية، إسماعيل الثوابتة فبين الفينة والأخرى يضع المنشورات التي تؤكد إنجازات البلديات في فترة الانقسام والحروب، وفي إحدى منشوراته قال:" إن بلديات قطاع غزة وفي ظل الحصار والعدوان والتحديات الكبيرة التي واجهتها خلال 7 سنوات (2007 - 2014) قامت بتعبيد وتطوير وصيانة 397 طريق بطول 250كم وبقيمة $112,496,601
وفي المقابل أكد أسامة القواسمي المتحدث باسم الحركة، أن فتح ستخوض الانتخابات البلدية إيمانًا من حرصها على نهج الوحدة وتعزيز الوعي والانتماء الوطني من أجل تقديم أفضل الخدمات للمواطن في كافة المدن والقرى الفلسطينية التي تُعزز صموده على أرضه، وبيَّن سعي حركته لإجراء الانتخابات بشكل حر ونزيه وقبولها بالنتائج التي سيقررها الشعب حسبما كانت وأضاف :"هدفنا الرئيسي من الانتخابات البلدية ترسيخ الوعي الوطني بين أبناء شعبنا، وترسيخ ثقافة الديمقراطية والتعددية وقبول قرار الشعب".
ساحات تنافسية
بدورهم أكد مختصون في الإعلام الاجتماعي على أهمية الدور الذي تقوم به وسائل التواصل الاجتماعي في الحشد والتأييد وتكوين رأي عام تجاه أي قضية، متوقعين أن يتجاوز دورها خلال الانتخابات البلدية المزمع عقدها في أكتوبر القادم حدود التوعية بالانتخابات، إلى تشكيل ساحات تنافسية بين كل المرشحين من الأطراف الفلسطينية بحيث يُظهر كل منهم إيجابياته وسلبيات الآخر، وأن تكون أداة لقياس مدى التأييد الشعبي لأيٍّ من الفصائل التي تخوض المعركة، وقال هؤلاء المختصون في لقاءات منفصلة مع "الحدث" أنه على الرغم من أن الانتخابات المحلية هي خدماتية بالدرجة الأولى ولا تحمل طابعًا سياسيًا، إلا أنها تُجدد الشرعية للحزب المنتخب".
ولأجل ذلك نجد أن الأحزاب التي تخوض المعركة الانتخابية ستستنفر كل قوتها ومقدراتها المادية والبشرية واللوجستية من أجل الحشد والتأييد الذي سيُثمر حتمًا نجاحًا واعتلاءً لكرسي مسئولية توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين بما يتناسب مع معاناتهم سواء في مجال المياه والصرف الصحي أو الخدمات الأخرى.
تأثير قوي
ويرى "خالد صافي" مُدون وناشط في مجال الإعلام الجديد، أن أذرع الإعلام الاجتماعي ووسائله المختلفة كـ "فيس بوك، تويتر، انستغرام، يوتيوب" سيكون لها نصيب الأسد في التأثير على رأي الناخبين إذا ما أحسن المرشح استخدامها بصورة توصل رسالته إلى الفئات المجتمعية المختلفة بعيدًا عن الحزب أو مناصريه، متوقعًا أن تُطلق القوائم المشتركة في الانتخابات العديد من "الوسوم" على مواقع التواصل الاجتماعي لشرح برامجها وحشد التأييد الشعبي لها حتى موعد الانتخابات في الثامن من أكتوبر القادم، قائلًا:" الرسائل الدعائية للبرامج الانتخابية ستكون كبيرة جدًا".
وبدوره اتفق "د. أحمد محمود " مختص بتكنولوجيا المعلومات بغزة، مع سابقه وأكد أن مواقع التواصل الاجتماعي سيكون لها تأثير قوي في تغيير اتجاهات المواطنين خلال فترة الانتخابات المحلية، خاصة في ظل تعاطي كافة الفئات المجتمعية معها سواء الشباب أو المسئولين في مواقع القرار.
وتابع د. محمود، أن وسائل التواصل الاجتماعي وسُبل التكنولوجيا الحديثة ستُسهم بشكل كبير في تسويق المرشحين والبرامج الانتخابية، وأشار أن نجاحها ومدى تأثيرها مرهونًا بالأسلوب ومدى صدقية المعلومات التي ينقلها للناخبين ومدى القدرة على تنفيذها في ظل الظروف الراهنة التي يعيشها المواطن سواء في الضفة المحتلة أو قطاع غزة.