الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أمي بتكره الفيسبوك/ بقلم: سامي العيساوي

2016-08-01 12:58:28 PM
أمي بتكره الفيسبوك/ بقلم: سامي العيساوي
سامي العيساوي

 

أمّي عمرها قدّامها؛ فوق الستين، لمّا بجيب سيرة الفيس بتصير تدعي على اللّي صنعه، طبعاً تدعي على مارك زوكربيرج، لأنّه في رأيها خرّب بيوت ناس كثيره، ومنها بيت أختي أسمهان.

 

إبن عمّي رامي؛ كان خاطب أختي أسمهان، وكانوا على وشك يتجوزوا، بس فجأه الولد انقلب وصار ما بدّه أسمهان، بعدها تركوا بعض وراحت توصل للدم بين أبوي وبين عمي جوده. لليوم ولبكره ما بيحكوا مع بعض، رغم إنّه عمّي جوده ما كان راضي عن اللّي عمله إبنه رامي.

 

رامي إبن عمّي مش متعلم، يا دوب وصَّل عاشر، بس هو مسك شُغل أبوه في الحسبه وبسافر على الخليل وجنين وطولكرم وقلقيليه وأريحا ورام الله وبيت لحم وبيت ساحور، وبيعرف حارات وقرى ومخيمات فلسطين كلها، وهو كمان شاطر وَحِركْ، وكمان حَبّوب.

 لمّا أجا وخطب أسمهان، كانوا كثير مبسوطين ببعض؛ صحيح هو مش متعلم جامعة وأسمهان معها بكالوريوس كيميا من النجاح، بس كانو  مبسوطين ببعض لحد ما رامي مثل غيره من الشباب صار معه ايفون، والأيفون يعني نت، والنت لواحد مثل أشكاله يعني فيس ووتس أب وفايبر، والفيس لواحد مثل نوعيته، هجين ووقع في سلة تين، صار طول وقته على الفيس.

 

الفيس مثل ما بتعرفو؛ عباره عن سوق ما إله نهايه، البضاعة في متناول الجميع، الناس اللّي عمرنا ما حلمنا نشوف صورهم، صار الفيس يبعتلنا اقتراحات لطلب صداقتهم، وطبعا الفيس ما بيميّز بين متعلم وجاهل، بين كبير وصغير، بين ولد وبنت بين عربي وألماني، وفي وقت قياسي صار عند رامي عشرات بل مئآت الأصدقاء، وطول النهار لمّا يشبك نت في المحل عندهم، أو أي محل بيروحه يطلب باسورد الوايفاي، وما يخلي حدا ما يعّلق على بوستاته، وما تفوته حكايه إلا يعملها لايك أو شير، وطبعا صار عنده أصحاب بنات على الفيس، بنات خاله وبنات عمه وبنات الجيران، وبنات من تشيلي وفزوريلا والهند والعراق والبرازيل والأردن وصار عنده أصحاب من الكره الأرضيه كلّها، أي وحده تعجبه صورتها يبعتها طلب صداقه، وطبعا حول العالم فيه زيّه كثير.

 

أختي أسمهان مثلها مثل باقي أمة لا إله إلا الله؛ عندها فيس، وصارت هي ورامي إلى جوار انهم مخطوبين، أصدقاء على الفيس، يعملوا لايكات لبعض، وشير وكومنتس، وتاج، ومنشن وكل هالحكي، طبعا مرّات تصير مشاكل بينهم من تحت راس الفيس، أمي مش فاهمه إشي، بس مش طالع في ايدها غير  تدّعي على اللّي صنعه..

-الله يوخذ اللّي صنعه، الله يعدمه عافيته، الله يخسره ماله.

بس هي ما كانت تعرف إنه مارك زوكربيرج كانت ثروته تزيد كل يوم، وقريباً رح يكون أغنى أغنياء العالم من ورا رامي وأسمهان وأشكالهم من ملايين المستخدمين حول العالم.

 

بصراحة ظّل الموضوع عادي، مناوشات بين اثنين مخطوبين، البنت بدّها تدّلع على خطيبها، وخطيبها بدّه يعمل حاله زلمه عليها، وكمان الإثنين بيقيسوا بميّة بعض، وبيختبروا بمزاج بعض، هي بتحاول إدجنّه علشان يصير مثل الخاتم في اصبعها، مثل ما هي شايفه أبوي مثل الخاتم في اصبع أمي، وهو بدّه أياه عبده عند إجريه، ويمارس عليها دور "سي السيد" مثل ما شايف أمّه بتعامل أبوه، وهذا الإشي تقريباً بصير مع الجميع من مستوى رامي وأسمهان، وبعدها الأشياء بتوخذ أشكال معينه والحياة بتمشي، بس رامي ما ترك الأيام تمشي والحياة توخذ شكلها العادي مثل باقي المخطوبين.

 

طبعاً الصداقه على الفيس بتفتح الأبواب المغلقه، واللّي كنت بدّك سنوات لتوصلّه وتحكي معه، صار على بعد نقره على الكيبورد، على بعد لايك، أو مجرد كومنت، وخصوصاً البنات، يعني إنتَ علشان تحكي مع بنت خالك مثلاً، لازمك 12 عين تراقب؛ إذا اخوتها أو أبوها واعمامها وخالاتها شايفينك ولا لأ، وعلشان تقول لبنت الجيران إنّه عيونها حلويين؛ بدّك جيش من المراقبين وجرأة تِنّين وبساط سحري علشان تعرف تلاقي فرصه ومناسبه تحكي هالكلمتين من دون ما تعمل كارثه وطنّيه؛ وبعدها يدّخل المختار وشيخ الجامع ورئيس البلديه علشان يصلحوا بين العيلتين لأنه الولد غازل البنت وقلّها قديش الساعه.

اليوم صار أسهل من انك تقوم تشرب وترجع، أسرع من ما تبلع حبة بندول، من إنك تنادي على اختك تعملك بيض عيون علشان تتعشى، صار بكل بساطه تطلب صداقه، تعمل لايك، كومنت، بوك، علشان الطرف الثاني يستوعب شو المطلوب ويستجيب للصداقه أو يطنش ويعمل حاله مش سامع ولا شايف.

 

رامي صار معه التالي:

مرّه على مرّه شاف بنت خالي ليلى، اللّي ما في بينه ويبنها صلة قرابه نهائي، أمّه هو من عيله وأمّي من عيله ثانيه، بس ليلي كانت فرند مع أسمهان، وليلى أحلى من أسمهان، وليلى مش متحجبه، وشعرها ساحل وأسود مثل اللّيل، كمان ليلى، بشرتها صافيه مثل الحليب؛ طالعه لأمها، وأسمهان بشرتها مايله للسمار طالعه لأمي، ليلى ضحكتها حلوه مثل ورده الصبح طالعه لحدا مش عارف مين، واسمهان ما بتضحك من أصله وطالعة لأبوي، وطبعا هذا الحكي صار واضح لرامي، وصار شايف إنّه كل بنات الكره الأرضيه أحلى من أختي أسمهان، وكالعاده ارسل طلب صداقه لليلى، وليلى بحكم أنّه خطيب بنت عمّتها طلب صداقتها قبلت، وصار شوي شوي، يعمل لايكات وكومنت على بوستاتها، وشوي شوي صار يعمل معها محادثه على المسنجر، هي كالعاده وببساطه أخذت الموضوع عادي، مثله مثل الشباب اللّي عندها على الفيس، ومقنعه حالها إنّه تسلايه وعالم افتراضي، شو يعني لايك، وشو يعني شير، لكن كان في طبخة كانت تتحضر خارج الفيس وهي الإعجاب والإستحسان وفيما بعد الحب والإرتباط بين رامي وليلي، وفي نار كانت من تحت بلّشت تولع في أسمهان، وصارت زيارت رامي على الدار عنا مرتبطه بالمجادلات والحوارات ومرات الصراخ والطوشات بينه وبين أسمهان، ليش بتعمل لايك لفلانه، شو اللّي معلقُه على بوست فلانه، اخذف فلانه، ومن هذا الحكي، وأمّي لمّا تسمع هالحكي ما تفهم شو اللاّيك ولا الشير ولا الكومنت ولا الفرند ولا التاج ولا الغربان السود، بس كانت دايماً فاهمه أنّه الفيس هو السبب، واتبلّش  الدعاوي على الفيسبوك

-الله يوخذ اللّي صنعه، الله يعدمه عافيته، الله يخسره ماله.

رامي وليلي كان صارت العلاقه بينهم تجاوزت الصداقه، خصوصاً لمّا شافت  صور رامي بالنظارات السود وهو راكب الـ  BMW،  وكمان وهو طالع من حمام  السباحه بالشورت وعضلاته من العتاله منفوخين، وهو بتعشى كباب هو وأصحابه في الهواء الطلق، وهو بيأرجل، وصوره لمّا سافر على العقبه مع صحابه، وتقريبا ما يفوّت مناسبه ما يتصوّر وينشر على الفيس، وطبعاً الشباب أصحابه ومعارفه، ينزلو لايكات وتعليقات.

 

وحده مثل ليلى شافت فارس أحلام مثل اللّي بيحكو عنهم في أفلام الكرتون قريب منها وعلى بعد لايك، طبعا ما تعمل هي لايكات لأنها عارفه أنه الثانيين وخوصاً أسمهان حتشوف، بس كانت الرسائل هي الطريقه الوحيده للتواصل بينها وبينه، وتبين فيما بعد انهم كانوا يقضوا ساعات يحكوا مع بعص على الفايبر ويبعتوا رسائل على الوتس أب.

 

وصل الموضوع للغزل الصريح وبعدها للحب والغرام، للعاشق والمعشوق، وشوي شوي رامي بطّل يحكي مع أسمهان، وأسمهان صارت حالتها زي الزفت، وين رامي؟ رامي مسافر أو نايم أو مع اصحابه، ترن على موبايله مسكر، شو الموضوع ، الموضوع إنه موبايله ضاع وغّير الشريحه وحكايه من بتوع الأولاد والبنات بصف عاشر، امّي عرفت وأبوي عرف وصار الموضع واضح مثل الشمس في عز الصيف، ورامي ما عاد بدّه أسمهان، واسمهان صارت شايفه الدنيا أصغر من خرم الإبره، وعملوها الصغار ووقعوا فيها الكبار، بسرعة بسرعه كِبر الموضع وصار المطلوب الخروج من الورطه بأقل الخسائر، طبعاً مش الخسائر الماديه، هذا آخر شيء بيفكر فيه رامي وابوه وأمه،  صار كيف ممكن نطلع من الموضوع بدون زعل، وبدون ما الأخوه أبوي وعّمي يتزاعلوا ويبطلّوا يحكوا مع بعض.

 

ما ظّل حدا ما دخل واسطه، وما بقيت طريقه ما نحكى فيها، وما في مختار ولا كبير ولا فهمان إلاّ أدلى بدلوه، بس هون رامي كان صار في حالة لا رجوع عنها، واللّي زاد الطين بَلّه إنها أسمهان انتبهت لعلاقة رامي ببنت خالي ليلي، ورجعت على الفيس وراجعت لايكات وكومنتات رامي واسمهان ونسجت قصه كامله عن الموضوع بس ما حكت لحدا.

 

وفعلاً حصل الطلاق في المحكمه الشرعيّه، وكان أبوي حريص أنّه رامي وابوه اللّي هو أخوه يدفعوا كل شيء بيحكم فيه الشرع، دفع رامي نص المتأخر، ونص المتقدم، والذهب اللّي جابه رامي، أسمهان باعته علشان تخلص من واحد اسمه رامي، وطبعاً عّمي جوده كان متساهل كثير ولو أبوي طلب المتقدم والمتأخر كاملين وفوقهم حبيتين، كان دفع بس ما يخسر اخوه، بس للأسف كل واحد من العيلتين سَكّر على حاله باب داره وانتهت علاقه عمرها أكثر من 60 سنه  بين اثنين أخوه، أبوي وعمي، وصاروا ما يحكوا مع بعض، ومش بس هيك، صاروا يدوّروا على الدفاتر القديمة، ويذكروا هفوات بعض.

لعند هون كان الموضوع عادي، وبيحصل في أحسن العائلات، لحد ما سمعنا وما حدا عزمنا على كتب كتاب رامي وليلي.

 

خالي ما عزمنا؛ يمكن لأنه عارف خصوصية الموضوع، بس هون دارت الشربه، وصارت طوشه وصلت لأبو موزه، وهون اسمهان كشرت عن أنيابها وصارت وحده ثانيه، وطبعا طلّعت اللّي عندها أنها كانت حاسه، وعارفه كل شيء.

 

أمي كانت عارفه أنها أول عن آخر رح تخسر أخوها مثل ما أبوي خسر أخوه، فرجعت للاسطوانه القديمة تاعتها  وحَمّلت الفيس بوك المسؤوليه، وصارت ما في مناسبه إلاّ تسب وتِدعي على الفيس بوك، واللّي صنع الفيس بوك واللّي كان السبب في الفيس بوك، واليوم اللّي طلع فيه الفيس بوك.