الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

المناهج وتغيير النمط الفكري/ بقلم: رمزي شاهين

2016-08-01 03:54:48 PM
المناهج وتغيير النمط الفكري/ بقلم: رمزي شاهين
رمزي شاهين

 

كثيرة هي التوصيفات للحالة السياسية والاجتماعية والتربوية التي نعيشها في عصرنا هذا، في ظل الانغلاق والتشدد الفكري الذي يقوم على إقصاء الآخر، وهذا ما يبدو جليا في الخطاب السياسي والديني والتربوي الذي نسمع ونرى.

 

لقد أشبعت الساحة الفلسطينية بالنقاش والبحث عن الوصفات السحرية  التي يمكن إعطاؤها لأبناء هذا الوطن بهدف الشفاء من الأمراض المستعصية التي  تعيدنا إلى الوراء خطوة بل خطوات، وأصبح الفكر الإقصائي ما يؤرقنا، فنذهب في البحث عن حل مناسب ليخرجنا من هذا المأزق وخاصة ونحن نعيش في جوار موبوء.

 

إن الحل النظري لهذه المعضلة عادة ما يكون سهلا، لكن الواقع الذي نعيشه مليء بالعقبات والصعوبات التي تحد من القدرة على إيجاد حل يعزز الإبداع والانفتاح، ولا يجعل من الاختلاف هدفا للعداء بل طريقا للتغيير الناجع، وبذلك أصبحت  الحلول الواقعية صعبة الميلاد في ظل ما نراه من إدارة  للقضايا المجتمعية الخلافية القائمة على الجدل لا الحوار.

 

أعتقد أن أي بادرة لحل هذه المعضلات لا ترى النور إلا من خلال بناء جيل جديد يحمل قيما وأخلاقا تقوم على قبول الثقافات والآراء المختلفة بهدف الإنجاز والتقدم، وتقبل واحترام الآخر لا الإقصاء، من منطلق أن الحقيقة المطلقة لا يملكها أحد، خاصة ونحن نعيش في عالم منفتح متقدم يمكن الفرد الحصول على المعلومة متى يشاء وكيفما يشاء.

 

وحتى لا نبقى في الإطار النظري وندور في حلقة مفرغة، فالتغيير بحاجة إلى خطوة جريئة، تبدأ من رأس الهرم وبجهود ودعم من مؤسسات المجتمع المدني، وكل من يؤمن بذلك. وهنا نتوجه بصوتنا إلى وزارة التربية والتعليم حيث أنها الجهة المخولة والقادرة على التغيير والارتقاء بالمسيرة التعليمية التربوية؛ لتنشئة جيل جديد يحمل أفكارا وأسسا تقوم على استيعاب الآخر، وإظهار صورته كجزء أصيل من مكونات هذا الوطن، أيضا إبراز الصورة الحقيقية للمرأة وتغيير صورتها النمطية الرجعية كشريك مساو للرجل في شتى مجالات الحياة، إضافة إلى ما ذكر تنقية المفاهيم التاريخية بما يتناسب مع الواقع لنكون جزءا منه، وإلغاء كل ما أكل عليه الدهر وشرب خوفا من الصدمة الحضارية التي يتلقاها طلابنا عندما يخرجون إلى العالم ، والأهم نبذ التطرف ،والعنصرية .وهذا يتطلب العمل على منحيين متوازيين أولهما: يكمن في مراجعة وتعديل المناهج التعليمية عامة والدينية خاصة، وذلك لما تتضمنه من إجحاف بحق بعض فئات المجتمع، والسعي إلى تعزيز هذه المناهج بكل ما يقوي فكر التميز والتقدم والاحترام. بينما يكمن المنحى الثاني في تأهيل كادر تعليمي مؤمن بهذا التوجه، وبمدى أهميته في التأثير الإيجابي في مستقبل أبنائنا .

 

فلتقم هذه المناهج على المساواة الكاملة بين فئات المجتمع كافة. وأيضا لتتناسب مع الواقع الذي نحب أن نعيش، وبالتالي إيقاف التفكير الانفصامي الذي يعشعش في عقولنا.

 

إن الوصول إلى هذه المرحلة ليس بالأمر اليسير، لأنها تحتاج إلى تضافر كل الجهود وإلى شجاعة في القرار، فالتغيير وتطوير المناهج لا يعطي أُكله ما لم يواكبه تغيير جذري في النمط الفكري والتفكيري والسلوكي للمؤسسة التربوية بأركانها. هذا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن المجتمع الفلسطيني يستحق أن يكون نموذجا وقدوة لغيره من الدول العربية .