الحدث - فرح المصري
أجمع عدد من المحللين السياسيين على أن خطاب الرئيس محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قد يكون بلا جدوى إذا لم يترافق مع جهود سياسية فعلية على أرض الواقع، تتضمن التوجه إلى مؤسسات المجتمع الدولي واستثمار تأييده.
وقال مدير مركز مسار للدراسات نهاد أبو غوش لـ"الحدث": "إن خطاب الرئيس يضعنا أمام احتمالات متعددة، إما أن يكون الخطاب بلا جدوى، ويقودنا إلى مزيد من التعايش مع الأوهام والإنتظار، أو أن يكون الخطاب جزء من سياق وطني شامل يسعى إلى إعادة تغيير معادلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".
وأضاف: "إذا اعتمد الرئيس المرحلة الثانية، التي تسعى إلى إعادة تغيير معادلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، سيقودنا ذلك إلى مرحلة جديدة عن طريق اعتماد استراتيجية بديلة عن الرهان الخاسر على المفاوضات والتوجه إلى مؤسسات المجتمع الدولي، واستثمار الـتأييد الدولي من أجل استخدام أدوات القانون الدولي لمحاكمة إسرائيل وتعزيز المكانة الفلسطينية في المجتمع الدولي، بالتزامن مع جهد كفاحي شعبي من أجل تغير معادلة الصراع لصالح الشعب الفلسطيني".
من جهته، رأى المحلل السياسي جورج جقمان لـ"الحدث": "أنه ليس من المستحيل أن يكون هناك بعد استراتيجي مختلف لاحقا، حيث ستواجه المفاوضات طريقا مسدودا، فخطاب الرئيس يعد خطوة أولى وضرورية في طريق التخلص من المرحلة السياسية السابقة بكل ما تحتويه، لكن هذه الخطوة يستند عليها عدة خطوات، الخطوة الثانية تتضمن مسعى تقديم مشروع اقتراح لمجلس الأمن والمتوقع رفضه من الجانب الأمريكي".
وأضاف "من المهم معرفة ما إذا كان الرئيس سيكتفي بالفيتو الأميركي أمام مجلس الأمن أم أنه سيكون هناك توجه سياسي لمؤسسات المجتمع الدولي وما يليه من خطوات أخرى تتضمن الذهاب إلى الأمم المتحدة والدخول في اشتباك مفتوح مع إسرائيل والذهاب لمحكمة الجنايات الدولية لمعاقبة إسرائيل".
من ناحيته، قال المحلل السياسي هاني البسوس لـ"الحدث""إن خطاب الرئيس كان نوعي لكن يحتاج لخطوة سياسية فعلية بعيدا عن المفاوضات مع إسرائيل، وضرورة اتخاذ الخطوات اللازمة للانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية لمعاقبة إسرائيل على جرائمها بحق الشعب الفلسطيني".
وأضاف البصوص: "سيبقى الأفق السياسي أمام الشعب الفلسطيني محدود، حتى يتم الاستناد على أرضية خصبة تتضمن حكومة الوفاق الوطني، وعلى أن تكون هناك خطة سياسية بالتنسيق مع جميع الفصائل الفلسطينية، لتشكل حاضنة للسطة الفلسطينية لتتمكن من تحقيق مطالبها".
في حين رأى المحلل السياسي عبد الستار قاسم: "أن خطاب الرئيس لا يحتوي على شيء جديد، لأنه عجز عن إعادة بناء وضع سياسي اجتماعي اقتصادي جديد في البلاد".
وأضاف "على الرئيس أن يصنع تناغم بين اللفظ والواقع فمن أجل أن يكون هناك مصداقية للألفاظ التي ألقاها في خطابه يجب أن يكون هناك سياسيات على أرض الواقع، وأن يفعل شيئا واقعيا وعمليا على الأرض من أجل إيصال رسالة إلى أمريكا وإسرائيل".
وأشار إلى أنه لا يوجد أفق سياسي أمام الشعب الفلسطيني، لأن خطاب الرئيس "مجرد كلام" ما دام لا يوجد إجراءات تتناسب معه، فالرئيس لا يتخذ إجراءات فعلية على أرض الواقع وبالتالي لا يستطيع عمل تغيرات جذرية." بدوره، أكد المحلل السياسي عبد المجيد سويلم لـ"الحدث"، أن خطاب الرئيس وضع حدا فاصلا بين مرحلتين، المرحلة السابقة تحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية وتمادي إسرائيلي ومصادرة الأراضي باعتبار أنها أراض متنازع عليها، والمرحلة الجديدة التي جاءت بعد الخطاب لتؤكد أن الطريقة الوحيدة للضغط على إسرائيل هي عن طريق الضغط على المجتمع الدولي ليتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه في مواجهة إسرائيل".
وأضاف "من المهم تحويل الجهد الدولي إلى دور فاعل ومؤثر للضغط على إسرائيل، وهي جزء من معركة متشعبة لا تشمل فقط الضغط الدولي سياسيا، وإنما قانونيا أيضا، ويتمثل ذلك بهيئات الأمم المتحدة ومؤسساتها ومن ضمنها محكمة الجنايات الدولية، والضغط الدولي سيؤثر على طريقة الدعم الأمريكي لإسرائيل، وعندها ستجد نفسها محاصرة كما كانت جنوب إفريقيا إبان الضغوط الدولية أثناء فترة الفصل العنصري".