السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

على وجوه الناس غريب عسقلاني

2014-09-29 07:49:27 PM
على وجوه الناس
غريب عسقلاني
صورة ارشيفية

 

الحديث عن الهدنة والإعمار وحكومة الوحدة الوطنية وتجاذبات فتح وحماس وسلاح المقاومة، أخذ مساحاته في الإعلام والفضائيات، وحرق مساحاته أيضاً من تفكير الناس في غزة التي تعيش حالة ما بعد الحرب، وتبحث عن سبل الحياة مع النتائج غير المباشرة وغير المعلنة، والتي تنطبع على الوجوه أسى وتيه وبلبلة، وعدم يقين بما يحمله الغد من توقعات!!

ولعل أول الأسئلة عن الأطفال والصبيان الذين انطلقوا إلى مدارسهم محملين بالذعر والخوف والصور والأشلاء التي تحاصرهم في أحلامهم.. كيف يمكن إعادة ترميم ذاكرتهم القريبة، ومسح ما ترسب عليها من سواد، لتأهيلهم لاستقبال العلم والتربية الرشيدة؟ وعلى أي أساس نفسي وتربوي؟ وهل من طاقم مؤهلة لذلك؟ ومدارسهم المكتظة بعد أن شغل النازحون عن بيوتهم المدمرة بعضاً منها؟ سؤال يبدو نكتة سوداء تطير مع رغوات الحال..

ماذا عن الاضطرابات النفسية والعصبية، وحالات التشنج والصرع والهذيان والتبول اللاإرادي الذي نال من الصغار والكبار؟

ماذا عن حالات الإعاقات الدائمة، وغياب الحواس الأطراف التي باتت أحد مظاهر الحياة في القطاع؟ وكيف سيتم التعامل معها في ظل ضيق الحال وشح الموارد ومحدودية المؤسسات العاملة في هذا المجال؟ وهل سينتهي بها المطاف مع نفايات ما بعد الحرب؟

أسئلة الوجع تغذي الألم بالدموع..

وماذا عن جيوش الشباب الهائمين بلا بصيص أمل في العثور على عمل، وليس أمامهم سوى خرم الوظيفة الرسمية، والذي يعاني ما يعانيه في الضفة والقطاع؟ ولعل عنوانها الطافي على سطح مفاوضات رواتب السلطة وحماس، أزمة تعكس كل يوم أزمة السلطة والمعارضة التي تعيش على أموال لا تنتجها، وعلى تبرعات مشروطة لا تدفع لسواد عيون القضية في غالب الأحيان.. وكيف سيقلع هذا الجيل بالوطن، وعلى أي الرؤى والتصورات؟

ماذا عن صناعة وزراعة مدمرة، ألقت بمزارعين وحرفين إلى هامش العوز والبطالة بعد أن قصفت مصانع وجرفت مزارع  في غمضة عين؟

وماذا عن غياب الكهرباء في غزة؟ والتي غيرت الساعة البيولوجية، وجعلت غياب وحضور الكهرباء مواعيد حلت بدل شروق شمس الكون وغروبها، وجعلت شروق الكهرباء بعض ساعات وغروبها معظم الساعات.. ناهيك عن شروق يأتي بعد منتصف الليل، وغروب لا يسمح برفع الماء إلى المنازل..

أسئلة ما بعد الحرب، هي الشغل الشاغل للذين يبحثون عن سبل البقاء، وقد أسقط في أيديهم إمكانية توفير الاحتياجات اليومية، وقد ملوا الوعود وغادروا براويز الشعارات البراقة، وأدركوا المأزق السياسي الذي تعاني منه القيادة  بكل أطيافها وعنوانيها، بعد أن توارى ضجيج الإعلام الذي وزعنا عبر الأثير إلى كافة أرجاء المعمورة، وسرعان ما غادرنا إلى مساحات أخرى في ليبيا والعراق وسوريا واليمن السعيد، فهبطنا من الأثير إلى الأرض نلعق جراحنا ونعيد السؤال إلى أصحاب الجواب.

لماذا جرى الذي جرى؟ وكيف الخروج من نتائج ما جرى بأقل قدر من الخسائر؟

فهل نقف أمام مرايانا لمرة واحدة، ونسأل عن فلسطين من جديد؟!

يا أصحاب، انظروا إلى الوجوه في غزة بكل أطيافها لعلكم تدركون.