الحدث- رام الله
شدد المحلل الاقتصادي نصر عبد الكريم على أن خطة كيري الاقتصادية لا يمكن لها أن تطبق في ظل الاحتلال الإسرائيلي، وفي حال تم تطبيقها لن ينمو الاقتصاد الفلسطيني بنسبة 2,5%.
وتوقع عبد الكريم أن لا يكون هنالك تدهور في الاقتصاد الفلسطيني حتى نهاية العام الجاري، لأن المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ستستكمل حتى نهاية العام على أقل تقدير، وعقب عام 2014 هنالك إمكانية لانكماش الاقتصاد الفلسطيني أو الانفراج بحسب تطورات الأمور السياسية، لكن يجب وضع خطط اقتصادية جدية للعام المقبل تحسبا لما سيحدث من سياسات إسرائيلية.
وقال عبد الكريم خلال مشاركته في ندوة بعنوان 'الاقتصاد الفلسطيني بين الواقع والآفاق المستقبلية'، نظمها مركز كارتر بمدينة رام الله، إن الاقتصاد والسياسة مترابطان، ولا يمكن فصلهما عن بعض في الحالة الفلسطينية.
وأضاف أن اتفاق أوسلو قيد الموارد الطبيعية الفلسطينية من خلال تقطيع الأراضي الفلسطينية إلى مناطق جغرافية سياسية (أ، ب، ج)، ومعظم الموارد الطبيعية موجودة في المنطقة (ج)، ومحدودة جدا في المناطق (أ).
وأشار إلى أن سيطرة إسرائيل على المعابر الحدودية أضعف من نمو الاقتصاد الفلسطيني بشكل كبير، لسيطرتها أيضا على تعاملات الاستيراد والتصدير من وإلى فلسطين، وربط إسرائيل ضرائب العائدات الفلسطينية من التجارة بمصالحها من خلال جنيها الضرائب نيابة عن السلطة.
وأوضح عبد الكريم أن سيطرة إسرائيل على عائدات الضرائب الفلسطينية من المعابر وهي ما تعرف (المقاصة)، يشكل قوة ضغط تمارسها إسرائيل ضد السلطة الوطنية عبر إبقاء مفاتيح الاقتصاد الفلسطيني بيد إسرائيل.
وقال عبد الكريم إن بروتوكول باريس الاقتصادي ساعد إسرائيل في سيطرتها على السياسات التجارية والمالية والنقدية الفلسطينية، وما تقوم به السلطة الوطنية أقصى ما تستطيع في ظل الإجراءات الإسرائيلية والقيود التي تفرض على الحركة والتعاملات الاقتصادية.
وأضاف أن بروتوكول باريس ظلم السلطة الوطنية بشكل كبير، وسلم مفاتيح الاقتصاد الفلسطيني لإسرائيل، وجعلها ورقة ضغط رابحة بيد إسرائيل، مبينا أن السلطة الوطنية تسلمت عند استلامها زمام الأمور اقتصادا مشوها، مع عدم السماح لها من تصحيح الوضع، مبينا أن أوسلو من حكم الشكل هو من جاء بـ برتوكول باريس الاقتصادي.
وأشار إلى أن الانقسام الفلسطيني الداخلي هو أيضا أحد أسباب تدهور الاقتصاد الوطني بشكل متزايد، ولا بد من إنهاء الانقسام وفك الحصار عن قطاع غزة لعودة الإنتاج الاقتصادي للقطاع والتبادل التجاري مع الضفة الغربية.
وأوضح عبد الكريم أن الحل السياسي هو الأساس لتطوير الاقتصاد الوطني، عبر إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، ما ينتج عن ذلك اقتصاد قادر على الاستدامة والنمو ولا يحتاج إلى المساعدات المالية المقدمة من الدول المانحة.
وأكد أن السياسات المالية التي تتبعها السلطة خاطئة، وسياسة الإنفاق تحمل مشكلة كبيرة، حيث يوجد بنود إنفاق عالية لدى أفراد الحكومة في غير موقعها تؤثر على ميزانية السلطة بشكل كبير، نحتاج لسياسات اقتصادية خلاقة.
بدوره، قال رئيس مجلس إدارة مجموعة سنقرط العالمية مازن سنقرط، إن الواقع المرير الذي نعيشه من بطالة وقلة استثمارات وتحكم الاحتلال الإسرائيلي في الاقتصاد الفلسطيني، أمور أساسية في التأثير على الاقتصاد الوطني.
وأضاف أن ما يتحكم في الاقتصاد الفلسطيني عدة أمور، الاحتلال الذي يهيمن على الاقتصاد ويتحكم في المعابر والصادرات والواردات، والموارد الطبيعية، والمانحين الذين لا يقدمون مساعدات للشعب الفلسطيني منة بل يتوجب عليهم دعم ومساعدة شعبنا، كذلك الانقسام بين شطري الوطن وحرمان الاقتصاد الفلسطيني من إنتاج قطاع غزة وتوقف التجارة والصناعة بشكل كبير هناك، إضافة إلى السياسات الاقتصادية المالية الفلسطينية التي كانت متخبطة في الآونة الأخيرة.
وشدد سنقرط على ضرورة السيطرة على الموارد الطبيعية في المناطق الفلسطينية كاملة، لأن معظم الموارد الطبيعية موجودة في المناطق (ج)، وإسرائيل تسيطر عليها بالقوة، وكافة المصانع التي نحتاج لبنائها تحتاج إلى هذه الموارد، وهذا الأمر مطروح أمام اللجنة الرباعية وأميركا، وتحدثنا معهم حوله، للضغط على إسرائيل للسماح للدولة الفلسطينية من فرض سيادتها على مواردها الطبيعية كافة.
وأشار سنقرط إلى أن المبادرات الاقتصادية التي طرحت مؤخرا "خطة كيري الاقتصادية" مهمة جدا، لأنها تفعل نمو الاقتصاد الوطني من خلال ثمانية قطاعات ودعم للناتج الوطني، مبينا أن لقاء سيعقد بين رجال الأعمال الفلسطينيين الأسبوع المقبل مع وزير الخارجية الأميركية جون كيري بحضور رجال أعمال أميركيين للحديث عن المبادرة، وكيفية جذب استثمارات للسوق الفلسطينية.
وأوضح أن إسرائيل ترفض خطة كيري الاقتصادية بقوة، لأنها تعطي صلاحيات للاقتصاد الفلسطيني بشكل أوسع مما عليه حاليا، وستضغط الخطة من خلال الإدارة الأميركية على إسرائيل لفسح المجال أمام الاقتصاد الفلسطيني للنمو، ما يعري الممارسات الإسرائيلية ونواياها بتدمير الاقتصاد الفلسطيني.
ودعا القيادة الفلسطينية إلى أخذ المبادرة بشكل جدي، لأنه لا يوجد موقف رسمي بخصوص المبادرة من قلب السلطة، وكل ما خرج تبني خجول من قبل السلطة.