بقلم: عبدالرحيم الحسن[i]
من المتوقع أن تجري الحكومة تعديلاً على الفقرة 1-ب من المادة 116 من القرار بقانون رقم (6) لسنة 2016 بشأن الضمان الاجتماعي، بما يمكن من الإبقاء على مكافأة نهاية الخدمة عن فترة ما قبل سريان القانون لدى صاحب العمل لقاء استمرار الأخير باحتساب كامل تعويض نهاية الخدمة على أساس آخر راتب، مع إشارة واضحة إلى حق صاحب العمل بأن يطرح من مكافأة نهاية الخدمة المدفوعة للعاملين قبل و/أو عند بلوغ العامل سن التقاعد كامل قيمة الاشتراكات التي أداها (صاحب العمل) إلى مؤسسة الضمان الاجتماعي طوال فترة خدمة العامل.
مرةً أخرى، إن من شأن إجراء التعديل المذكور أن يحول دون وقوع اضطرابات في سوق العمل جراء خلافات محتملة بين العاملين وأصحاب العمل بشأن الأسس التي سيتم بناء عليها "أداء مكافأة نهاية الخدمة....في أي وقت، وفقاً لاتفاق تسوية... ودون إجحاف أو تغيير في شروط العقد؛ ذلك أن تلك الفقرة لم تبين ما إذا كان آداء مكافأة نهاية الخدمة سيتم على أساس راتب شهر أو أقل للذين تقل مدة خدمتهم عن 10 سنوات عند تاريخ صرف مكافأة نهاية الخدمة. كما ستحول صيغة التعديل المقترحة دون وقوع شرائح عدة من أصحاب العمل في ضائقة مالية قد تهدد استمرارية أعمالهم جراء اضطرارهم لصرف مستحقات جميع العاملين لديهم دفعة واحدة عند بدء سريان القانون، وسيمكن إبقاء المستحقات لدى صاحب العمل (الى حين انتهاء خدمة او تقاعد العامل) من تعزيز قدرة صاحب العمل على تحمل الاعباء المالية الاضافية التي ستترتب عليه جراء احتساب تعويض نهاية خدمة العامل على أساس آخر راتب.
سيترتب على "آداء مكافأة نهاية الخدمة....في أي وقت، وفقاً لاتفاق تسوية... ودون إجحاف أو تغيير في شروط العقد إجحاف بالغ بحق العاملين أو أصحاب العمل؛ ذلك أن تفسير آداء مكافأة نهاية الخدمة على أساس الاستقالة سينطوي على إجحاف بحق العاملين الذين تقل مدة خدمتهم عن 10 سنوات عند تاريخ أداء المستحقات العمالية؛ ويعود السبب في ذلك إلى أن اعتماد ثُلث أو ثُلثي الراتب كأساس لاحتساب وآداء المكافأة يكون متوافقاً مع أحكام قانون العمل ساري المفعول عند الاستقالة فقط، وبالتالي فإن صرف مستحقاتهم على أساس استقالة بينما هم لا يزالون على رأس عملهم سيزعزع أركان العدالة التي يسعى قانون الضمان الاجتماعي إلى تحقيقها. كما أن تفسير آداء مكافأة نهاية الخدمة على أساس الإقالة سينطوي على إجحاف بحق أصحاب العمل الذين يأخذون مخصصات مكافأة نهاية خدمة للعاملين لديهم على أساس ثُلث الراتب (للذين تقل مدة خدمتهم عن 5 سنوات) وثُلثي الراتب (للعاملين الذين تزيد مدة خدمتهم عن 5 سنوات وتقل عن 10 سنوات)؛ وبالتالي فإن إلزام أصحاب العمل بآداء مكافأة نهاية خدمة على أساس راتب شهر كامل عن كل سنة بصرف النظر عن مدة الخدمة سيتسبب في إرهاقهم مالياً بما قد يؤثر سلباً على استمرارية أعمالهم. ولن يكتب لهذه المعضلة أن تحل إلا من خلال الإبقاء على مكافأة نهاية الخدمة عن فترة ما قبل سريان القانون لدى صاحب العمل، لقاء استمرار الأخير باحتساب كامل تعويض نهاية الخدمة على أساس آخر راتب على النحو المقترح.
كما سيصب احتساب مكافأة نهاية الخدمة وفق الصيغة المقترحة في صالح أرباب العمل حيث أنه سيحد من معدل الدوران الوظيفي للعاملين الذين تقل مدة خدمتهم لدى نفس صاحب العمل عن 10 سنوات، الأمر الذي سيحافظ إلى حد ما على الخبرات والكفاءات ويحول دون ازدياد وتيرة تنقلها من صاحب عمل إلى آخر لمدة كافية تمكن أصحاب العمل من إدارة عملية نقل سلسة ومنظمة للخبرات من جيل إلى جيل دون التعرض لأزمات قد تنجم عن التنقل السريع للعمالة من صاحب عمل إلى آخر. كما سيسهم إبقاء المستحقات لدى صاحب العمل في تعزيز قدرته على تحقيق العائد على استثماراته في الموارد البشرية؛ والتي تتمثل إحدى طرق تحقيقها في توقيع العاملين على سند تعهد بالالتزام بالخدمة لمدة محددة لدى صاحب العمل لقاء تحمل الأخير كافة التكاليف المترتبة على تدريب العاملين، وتزويدهم بمعارف ومهارات جديدة، حيث يقوم صاحب العمل باقتطاع تكاليف استثماره في تدريب وتأهيل العاملين من مكافأة نهاية الخدمة قبل دفعها للعامل في حال قيام الأخير بترك العمل قبل استكمال المدة المحددة في سند التعهد الالتزام بالخدمة...
من ناحية أخرى، وفي ظل عدم إدراج تأمين البطالة ضمن التأمينات الاجتماعية المشمولة في نطاق التطبيق عند سريان القانون، فإن الإبقاء على مكافأة نهاية الخدمة وصناديق التوفير والادخار لدى صاحب العمل وصرفها للعامل عند انتهاء خدمته قبل بلوغ سن الستين سيمكن العامل من مواجهة أعباء البطالة و/أو الاستمرار بآداء اشتراكاته (حصته وحصة صاحب العمل) إلى مؤسسة الضمان الاجتماعي حتى يوفق بالحصول على عمل.
[i] تعبر هذه المقالة عن رأي الكاتب حصراً، وتسلط الضوء في بعض من جوانبها على قضايا جوهرية سبق أن تم طرح بعضها عبر منابر إعلامية وطنية متعددة.