الناصرة- محمد وتد
باتت إقامة شركة عربية عالمية تعنى بالتكنولوجيا والبرمجة حلماً يراود كل مهندس حاسوب أو مبرمج من فلسطينيي 48 المختصين في برمجة وهندسة الحاسوب، ومهدت حاضنة الناصرة للأعمال وبمبادرة «تسوفن» مراكز التكنولوجيا العليا، إلى توفير الإطار والبيئة الداعمة «لأدمغة الهايتك»، للتواصل واللقاء العلمي والعملي لطرح ومناقشة الأفكار والمبادرات التكنولوجية بمشاركة ومرافقة فعالة لمهندسين ومبرمجين واكبوا المنافسة وتوظيف الخبرات في الابتكار والإبداع بطرح برمجيات وتطبيقات تنتظر تمويل المبادرين والمستثمرين.
وتنافس أكثر من 120 مبرمجاً ومهندساً ومهندسة مختصين بالتكنولوجيا والهايتك من فلسطينيي 48 على اكتشاف تطبيقات وبرمجيات مختلفة في عالم التكنولوجيا، على أن تعرض وتسوق اكتشافاتهم عالميا، حيث تم التنافس ضمن ماراتون « هاكاثون الناصرة الثاني»، وجمع نخبة من المهندسين والمبرمجين العرب في منافسة ماراتون يجري في العالم بين صفوف المبرمجين وعاشقي علم الحاسوب، اللذين يلتقون من مختلف المجالات ولغات البرمجة، بهدف توظيف الخبرات والإبداع إلى تنفيذ برمجيات وتطبيقات جديدة، عادة ما تخصّص لخدمة المجتمع، ومنها ما يكون مسابقة في مجالات محدّدة. ويسير «الهاكاثون» وفق تقاليد موحدة في مختلف أنحاء العالم.
مبادرات وأفكار
يولي مهندس الحاسوب عدي عمري أهمية قصوى للمشاركة في المنافسات والفعاليات التي ترى مبادرات الأجيال الناشئة في عالم الهايتك، حيث يرى فيها فرصة سانحة للتعريف بقدرات وطرح مبادرات وأفكار في مجال الهندسة والتطبيقات، إلى جانب التعرف على المزيد من المهندسين والمختصين العرب للتشبيك وتبادل المعلومات والأفكار التي من شأنها أن تسهم في تطوير شركة وفكرة يروج لها عالميا.
ويرى عمري أن أفكار ومشاريع العديد من المهندسين تتمحور حول هندسة التطبيقات والبرمجيات الخدماتية في عالم التكنولوجيا وتحويلها إلى وسيلة اتصال وتواصل للمجتمع بمختلف قطاعاته عبر توفير رزم من الخدمات المتعلقة بالتسوق والسياحة والترفيه والمراجعات بالدوائر الحكومية والرسمية سعيا لتنظيم الوقت وتوفير المصروفات على الفرد ومنحه التسهيلات وتذليل العقبات في حياته اليومية.
حلم وفرصة
ويحلم مبرمج الحاسوب محمود تايه إلى تأسيس مبادرة تجمع شباب وشابات من المجتمع العربي نحو إقامة شركة عربية عالمية تعنى بعالم الهايتك التكنولوجيا وهندسة الحاسوب، لافتا إلى وجود الكثير من الطاقات والعقول غير المستغلة التي تضاهي المهندسين عالميا.
لكن يقول محمود: “هذه العقول لن تحصل على الفرصة دون أن تحظى بالدعم والاستثمار لمشاريعها، خاصة وأن هناك نسبة كبيرة من المهندسين والخبراء في عالم الهايتك والحاسوب بدون عمل وينتظرون الفرصة لإثبات ذاتهم”، داعيا أصحاب رأس المال والمستثمرين العرب إلى توظيف المال في خدمة أدمغة الهايتك العرب، وعدم الاعتماد فقط على استهلاك الانترنت والتكنولوجيا، بل السعي ليكون العرب جزءا لا يتجزأ من هذه الصناعة والابتكارات.
ويشكو مهندس الحاسوب هيثم خطيب، أسوة بغيرة من الخريجين العرب في مجال الهندسة والتكنولوجيا والتطبيقات، قلة أطر وفرص العمل، ناهيك وأن الأبواب تكون موصدة أمام الكثير من الشركات الإسرائيلية التي تستثمر أكثر في الطاقات والأدمغة في الوسط اليهودي، وبالتالي فقط الحالات المبدعة تجد طريقها في الشركات الإسرائيلية، لكن مسيرتها وتطورها قد يتوقف بأي لحظة بحال أنجزت مشاريعها أو توفرت بدائل من المهندسين اليهود.
وقال المهندس هيثم خطيب: “تعتبر المجتمعات العربية أكبر مستهلك للهايتك والتكنولوجيا والشبكة العنكبوتية، لكن بالمقابل دورها محدود بكل ما يتعلق في الإنتاج والابتكار، ليس بسبب عدم وجود قدرات وطاقات، بل بسبب عدم الاستثمار بالعقول وعدم وعي رجال الأعمال العرب للأهمية والجدوى من الاستثمار بشركات الهايتك”.
وعليه، يؤكد خطيب أنه لا بد من تضافر الجهود والتشبيك على مستوى الوطن العربي وتجميع العقول والقدرات والاستثمار فيها للابتكار والمساهمة في الإنتاج في عالم التكنولوجيا والبرمجيات وعدم الاعتماد فقط على الشركات الأجنبية، خاصة وأن العقول العربية من الممكن أن تؤدي نتائج أفضل بل تسهم باختراعات تسوق على مستوى العالم».
«هاكاثون الناصرة»... تعاون وتشبيك
وتحول «هاكاثون الناصرة»، إلى حدث تقليد سنوي لتحفيز التطوير التكنولوجي، وصقل المبادرات التكنولوجية المبدعة للمبرمجين في المجتمع العربي، ويعمل على تنظيم الحدث كل من أماني بريق من مؤسسة تسوفن والمهندسون المتطوعون أمير طبعوني وهشام عبد الحليم. ويقف إلى جانبهم مجموعة من الخبراء العرب واليهود الذين تبرعوا لتقديم المشورة ومواكبة المتنافسين خلال المنافسات، ويتميز الهاكاثون بمشاركة فعالة لمهندسين من السلطة الفلسطينية أكان على مستوى المشاركة أو الإرشاد والتحكيم.
واستعرضت أماني بريق الأهداف من وراء تنظيم مثل هذه البرامج لجمع أكبر عدد من الشباب والشابات ممن لديهم طاقات وقدرات في مجال « الهايتك» والبرمجة والتطبيقات، إذ تسهم المنافسات في تعزيز روح المبادرة واكتشاف القدرات بكل ما يتعلق بالتخطيط والهندسة في مجال الشبكة العنكبوتية، ما يؤدي إلى خلق ثقافة لمثل هذه المشاريع، وبالتالي إلى اكتشاف الأدمغة في عالم الحاسوب والبرمجيات.
وقالت بريق: “لقد أثبتت التجارب أن لدى المجتمع العربي في الداخل الكثير من الطاقات والقدرات المختصة في مجال هندسة الحاسوب والبرمجيات، التي يمكن أن تنافس على المستوى العالمي وتسهم في الابتكار والاختراع، لكن في المقابل وللأسف الشديد ليس هناك الأطر الكافية والجهات الداعمة والراعية لهذه الأدمغة، وبالتالي فان مثل هذه المنافسات تؤدي أولا، إلى دعم الشباب وتحفيزهم نحو الاكتشاف وثانيا، فتح الآفاق والمجالات أمامهم والمجالات لطرق عالم الهايتك على المستوى العالمي، والأهم تشجيع الجهات الداعمة لتبني مشاريع البرمجيات وأفكار صناعة الهايتك التي يطرحها الشباب”.
وعن التطلعات المستقبلية لمثل هذه المشاريع تحدث إبريق بالقول: “بداية نطمح لتشجيع المبادرات العربية الذاتية والتشبيك مع العالم العربي ومجتمعنا الفلسطيني بكل أماكن تواجده، وتحويل أفكار المشاريع إلى شركات وخلق إطار تعاوني بين مختلف المجموعات، وجذب المستثمرين لدعم هذه الشركات والأفكار وإخراجها إلى حيز النور عبر اكتشافات وابتكارات وبراءة اختبار للعرب في مجال الحوسبة والهايتك”.
الهايتك والاقتصاد
وتنشط حاضنة الناصرة للأعمال في دعم المشاريع الاقتصادية والتجارية ودمجها مع عالم التكنولوجيا والهايتك، وعليه يقول مدير الحاضنة فادي سويدان:» نلمس مدى أهمية دمج عالم الهايتك بالتجارة والصناعة، وعليه نشارك في دعم المنافسات والمبادرات لاكتشاف أدمغة الهايتك في المجتمع العربي وتوفير البيئة الحاضنة والداعمة لمبادراتهم ومشاريعهم، إذ نتطلع لنكون حلقة الوصل ما بين الشباب أصحاب القدرات التكنولوجية ورجال الأعمال والمستثمرين العرب».
ولفت سويدان إلى أن الحاضنة تسعى إلى التطوير الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع العربي وتطمح إلى تنوع وتعدد أنواع المصالح التجارية والاقتصادية، ولإحداث تغيير في مفهوم المبادرة والتجديد في المجتمع ومواكبة تطورات العصر والاستحداث في عالم التكنولوجيا وتشجيع المبادرات في عالم الهايتك عبر الربط ما بين رأس المال والعقول لتطوير الأفكار إلى مصالح ناجحة وطرق مجالات أخرى في عالم التجارة وبضمنها الهندسة والبرمجيات والتطبيقات التي باتت جزء حيوي في حياة المجتمعات.
ويرى سويدان أهمية وضرورة تشجيع المصالح الاقتصادية في مجالات غير متطورة وغير مطروقة في المجتمع العربي، ومنها عالم التكنولوجيا وهندسة الحاسوب التي باتت محورا رئيسا في الحياة اليومية، ما يؤكد بأنها كسائر المبادرات تعتبر احد العوامل الأساسية لزيادة عجلة النمو الاقتصادي، وتسهم في خلق فرص عمل والحد من معدلات الفقر والبطالة ورفع مستوى المعيشة، كما أن دمج الأكاديمي في الحياة الاقتصادية والتجارية والهايتك بمثابة رافعة اقتصادية واجتماعية وتعليمية للنهوض بالمجتمع والالتحاق بركب التطور