تشكلت مع أوسلو مجموعات حصلت على وكالة مشروع السلام الاقتصادي، وبغطاء رسمي كامل، ووُضِعَت كل إمكانيات السلطة الأمنية والرسمية تحت تصرفها، فبدأت تحتكر المشاريع الشرعية وغير الشرعية بالإضافة إلى احتكار العلاقات مع بعض الأجهزة الأمنية حتى فقد مشروع السلام هويته وتحول إلى مشروع استثماري ومصالح وسمسرة محمية بشرعية وعقلية مرحلة اعتبرت أن هذه الحالة مع الارتباط بالإسرائيلي هي الضمان لمشروع السلام، وأن ذلك نموذج للعلاقات وتعميم لفهم فكرة ومشروع السلام في الشرق الأوسط.
وقد نجحت هذه المجموعة في بناء نسيج من العلاقات في القطاع الخاص والمستوى السياسي وعلى المستوى الإقليمي حتى أصبحت بدون منازع تتصرف كملوك الإمارة والتجارة. إلا أن هذا المشهد لم يرُق لغالبية الشعب والذين اعتبروا أن هذه الممارسات والمظاهر هي جزء من الفساد السياسي وفساد المرحلة، وأن البوصلة الوطنية كفيلة بعزل هذه المجموعات بالرغم من ظاهرة الاستنساخ النشطة في المجتمع الفلسطيني، ووجود تربة خصبة لهكذا أشخاص في كل زمان ومكان.
وما إن بدأت مرحلة جديدة من النظام السياسي الفلسطيني حتى تشتتت رموز كثيرة من رموز هذه المرحلة بين الوطن وبين عواصم الدول العربية والغربية. وتشكلت محاكم الفساد على أمل استرجاع ما تم اختلاسه من أموال الشعب الفلسطيني وكأن القضية خيانة الأمانة أو جنحة مالية. لا يا سادة إن عمليات الاختلاس التي رافقت قيام السلطة الوطنية ونسج شبكات كبيرة من السماسرة والفاسدين على مساحة الوطن وحرف المشروع ( وان إختلف عليه نسبة كبيرة من الشعب ) من مشروع سلطة وطنية وبناء دولة الى مشروع سمسرة، والاستهزاء والاستخفاف بتاريخ شعب كامل من شهداء وأسرى ومناضلين.
هذه الممارسات والتي جاءت على حساب مستوى الآداء في الخدمات الصحية والتعليمية ومخصصات أُسر الشهداء والأسرى والبنية التحتية لشعب خارج من انتفاضة طويلة أنهكته وأنهكت مؤسساته وخلفت في كلِ بيتٍ إما شهيدا أو أسيرا أو جريحا، لا تعالج في محاكم الفساد من أجل تسوية أو صفقة مالية بل في المحاكم العسكرية لأنه ثبت بما لا يقبل الشك أن جرائم الفساد المالي غالبا ما تكون مترافقة مع تآمر وتواطئ سياسي في جميع المراحل وهذا ما أصبح جلياً في الفترة الأخيرة، وأن بعض رموز هذه المرحلة جاهزة من أجل حماية مصالحها للتحالف مع الشيطان واستباحة وطن كامل .