ترجمة الحدث- أحمد أبو ليلى
نشرت صحيفة جيروسالم بوست مقال رأي بتاريخ 11 آب 2016، يتحدث عن احتمالية فوز حماس في الانتخابات البلدية وكيفية مواجهة هذه المسألة، وهل بالإمكان ضم الفلسطينيين لإسرائيل إن قامت اسرائيل بمسح ديموغرافي وتبين أن التهديد الديموغرافي ليس واقعيا.
وإلى النص الحرفي للمقال:
لا توجد حلول سحرية لمشاكلنا مع الفلسطينيين. ولكن هناك خيارات أخرى غير التكرار والتوسع في السياسات الفاشلة.
في خطوة مفاجئة الشهر الماضي، أعلنت حماس أنها ستشارك في الانتخابات البلدية الفلسطينية في اكتوبر تشرين الاول. استقبلت قيادة فتح والسلطة الفلسطينية إعلان حماس بقلق عميق ومفهوم. ومن المتوقع أن تفوز حماس وتسيطر على عدد كبير، وربما حتى أغلبية المجالس البلدية والمحلية في الضفة الغربية.
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (الذي انتهت ولايته منذ ست سنوات) ورفاقه حركة فتح ليس وحدهم القلقون من الأمر. في الأسبوع الماضي، المعلق العسكري ليديعوت أحرونوت، أليكس فيشمان، أن القيادة العليا للجيش الإسرائيلي هي أيضا قلقة للغاية.
وفقا لفيشمان، فقد عقد وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان في الأسابيع الأخيرة سلسلة من المناقشات رفيعة المستوى، لمناقشة الخيارات الاستراتيجية الإسرائيلية على المدى الطويل في الضفة الغربية. وبسبب مخاوف الجيش الإسرائيلي من تلك الانتخابات، فإن تلك المناقشات آلت بسرعة إلى مناقشة أكثر محدودية في إطار كيفية منع انتصار حماس في الانتخابات.
ذكر فيشمان أن كبار الجنرالات أقنعوا ليبرمان، الذي كان حتى الآن يدعم التقاعد السريع للرئيس الثمانيني عباس، أنه "من مصلحة إسرائيل، ليس فقط بقاء أبو مازن (عباس) في السلطة، ولكن تقويته أكثر من ذلك."
تحقيقا لهذه الغاية، وفقا لفيشمان، فقد وافق ليبرمان على اعتماد خطة من قبل منسق أعمال الحكومة في المناطق الفلسطينية بحيث تكون اسرائيل مستعدة لنقل التخطيط من سلطة الإدارة المدنية في المناطق (ج) إلى السلطة الفلسطينية. الخطة أيضا تنطوي على منح تراخيص بأثر رجعي لعشرات الآلاف من المباني الفلسطينية التي بنيت بشكل غير قانوني في المنطقة (ج) والتي ستسمح ببناء مركز حضري فلسطيني جديد في المنطقة (ج)
وتجدر الإشارة إلى أن المنطقة (ج)، تشكل نحو 60 في المئة من الضفة الغربية. وبالكاد يذكر عدد سكانها الفلسطينيين. وتقع كل من المجتمعات الإسرائيلية في المنطقة (ج) والجيش الإسرائيلي هو من له السيطرة الأمنية الوحيدة على المنطقة.
والمنطقة (ج) هي المنطقة الوحيدة التي تحتفظ الإدارة المدنية بوظائف إدارية فيها. أما المناطق (أ) و (ب)، حيث تقع جميع المراكز السكانية الفلسطينية الكبرى، فإنها تدار بحكم ذاتي من قبل السلطة الفلسطينية منذ مدة 20 عاما.
خطة الجيش الإسرائيلي هي مذهلة على عدة مستويات.
منذ السنوات الأولى من عملية السلام في أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية، تم الاحتفاظ بالسيطرة الاسرائيلية على التخطيط وتقسيم المناطق والصلاحيات في المنطقة (ج) كهدف أساسي للسياسة الإسرائيلية. وقد مكن احتفاظ إسرائيل من هذه الصلاحيات من احتفاظ الجيش الإسرائيلي بالسيطرة الأمنية على المنطقة (ج) وقد مكنها ذلك ليس فقط من الدفاع عن التجمعات الإسرائيلية في الضفةالغربية، والتي تقع جميعها في المنطة (ج)، ولكن مكنها أيضا من الدفاع عن تل أبيب والقدس وباقي المراكز الحضرية الكبرى في إسرائيل ايضا.
لماذا يوصي الجيش الإسرائيلي أن يدخل مرماه هذه المصالح الاستراتيجية بينما تستعد حماس لكسب قوة كبيرة في الضفة الغربية؟ وأكثر من ذلك، ما هو أساس تقييم الجيش الإسرائيلي بأن التنازل عن هذه الأصول الاستراتيجية لإسرائيل ستعزز - ناهيك أنها ستضمن - فرص فتح في الفوز في أكتوبر؟ على مدى السنوات ال 16 الماضية، فإن التنازلات الإسرائيلية أدت لجعل الفلسطينيين أكثر ازدراء وكرها لنا.
لننظر في مسألة الانسحاب من غزة، كانت تلك العملية، التي بدأت منذ 11 عاما، أكبر تنازل استراتيجي قدمته إسرائيل للفلسطينيين في السنوات ال 23 الماضية.
رد الفلسطينيون على طرد إسرائيل بالقوة لـ 10،000 من مواطنيها، هو تدمير مجتمعاتهم وسحب جميع قواتها الأمنية من قطاع غزة من خلال تدمير البيوت البلاستيكية وكانت إسرائيل قد قدمتها لهم مجانا، وأشعلوا النار في المعابد التي تركت وراءهم.
في وقت لاحق وبعد خمسة أشهر، انتخبوا حماس لقيادة لهم.
الضرر الفعلي الذي سيلحق بإسرائيل في حال انتصار حماس في الانتخابات هو أيضا لا علاقة له تماما بمسار الجيش الاسرائيلي وبالعمل الذي يوصي به. فإذا فازت حماس بالسلطة في مختلف الحكومات المحلية في الضفة الغربية، فإن التغيير يضر إسرائيل بطريقتين.
أولا، في البلديات التي تسيطر عليها حماس، يمكننا أن نتوقع أن توقف قوات الأمن التابعة لفتح عملياتها ضد حماس. وهذا التغيير يتطلب من الجيش الإسرائيلي زيادة وتيرة عمليات مكافحة الإرهاب به.
كيف سيتم تسهيل هذا الأمر عن طريق التخلي عن السيطرة على سياسة الأراضي في المنطقة (ج)؟ ثانيا، مع فوز حماس في سلم البيروقراطية في السلطة الفلسطينية، فإنه يمكننا أن نتوقع أن السلطة الفلسطينية ستزيد من كمية الأموال التي تنقل بشكل شهري لنظام حماس في غزة.
للتخفيف من الضرر، سوف تحتاج إسرائيل استهداف التمويل الحكومي والمنظمات غير الحكومية الأجنبية المحول إلى السلطة الفلسطينية وفقا للقوانين تمويل الإرهاب الدولية والمحلية.
هنا أيضا، كيف ان السماح بالتنازل عن المناطق (ج) سيتم؟
وأخيرا، وإن تجاهلنا حقيقة أن خطة الجيش الإسرائيلي لا علاقة لها على الإطلاق بالنتائج المتوقعة من فوز حماس، فمن الصعب فهم المنطق الذي لا يتجزأ عن هذه الفكرة.
هل يقترح الجيش الإسرائيلي أن تعطي إسرائيل صلاحيات التخطيط وتقسيم المناطق لحماس في المنطقة (ج)؟ أم أنه يشير إلى أن تنازل سيكون يتوقف على انتصار حركة فتح؟ إذا كان هذا الأخير هو الحال، لماذا يعتقد الجنرالات أن الفلسطينيين الذين يكرهون اسرائيل، سوف يصوتون لفتح التي تعمل إسرائيل على ترجيح كفتها. إن عدم الأهمية العملية واللاعقلانية الاستراتيجية لتوصية الجيش تجعل من الصعب تجنب الاستنتاج بأن ذهاب الجنرالات في اجتماعاتهم مع ليبرمان إنما كان بهدف منعه من وضع استراتيجية ذات الصلة بالخصم في الانتخابات.
ضمنية فيشمان أن هذا هو الحال عندما أشار إلى أن مكتب تنسيق الأنشطة الحكومية مارست ضغوطا لمدة عامين من أجل التخلي عن السيطرة على المناطق وإضفاء الشرعية على عشرات الآلاف من المباني الفلسطينية غير قانونية في المنطقة (ج).
وليس سرا مواصلة أركان جيش الدفاع العام لدعم الهدف الاستراتيجي للانسحاب الاسرائيلي من الضفة إما في إطار اتفاق سلام مع منظمة التحرير الفلسطينية، أو إذا لزم الأمر مع أي صفقة. ولذلك من المنطقي أنها تستخدم كل أزمة ينظر إليها على أنها وسيلة لتحقيق هذا الهدف، على الرغم من أن كلا من سياسة الدولتين وسياسة الانسحاب من طرف واحد فشلت تماما منذ سنوات.
الدافع موضوعي الرئيسي للسلوك هذا من الممكن أن يكون أن الجيش الإسرائيلي يرغب في تجنب التعامل مع التحدي الديموغرافي لإسرائيل. هذا هو التحدي الذي عملت إسرائيل على تجنب مواجهته منذ انتهى الاحتلال الاردني في الضفة الغربية في عام 1967.
اسرائيل لديها معضلة فيما يتعلق بيهودا والسامرة. إنها تحتاج إلى السيطرة على المناطق لأسباب أمنية. كانت ترغب في السيطرة على المناطق لأنها مهد الحضارة اليهودية. لكنها تخشى الاحتفاظ بالسيطرة عليها لأنه ارغب في الاحتفاظ بأغلبية يهودية هائلة.
الإسرائيليون قلقون من أن إضافة الفلسطينيين إلى سجل السكان وتدمير ثلاثة أرباع تلك الأغلبية. وإذا حدث ذلك، فإن إسرائيل سوف تفقد الشرعية الدولية لها من جهة، وتنهي الحلم الصهيوني في السيادة اليهودية من جهة أخرى.
وفيما يتعلق بمسألة الشرعية الدولية، أظهرت الأحداث على مدى السنوات الـ 16 الماضية أن المشاعر تجاه إسرائيل لا تنعكس ايجابا عن طريق التنازلات الإسرائيلية للفلسطينيين أو عن طريق رفض الفلسطينيين المفتوح بحق إسرائيل في الوجود. على العكس من ذلك، منذ رفض الفلسطينيون اقامة دولتهم عليها في يوليو 2000، واختارت الحرب الدائمة مع إسرائيل، ارتفع مستوى الدعم الدولي لهم بشكل مستمر، في حين أن الدعم لإسرائيل، لا سيما في الغرب، قد تآكل باستمرار.
هذا الوضع يشير إلى أنه لا يوجد علاقة مباشرة، ويمكن أن تكون هناك فعلا علاقة غير مباشرة بين المكانة الدولية لإسرائيل واستعدادها لتقديم تنازلات إقليمية للفلسطينيين. ونتيجة لذلك، يجب على إسرائيل عدم اتخاذ مسألة الشرعية الدولية بعين الاعتبار في المناقشات الاستراتيجية كأحد أهداف السياسة طويلة الأجل في الضفة الغربية وقطاع غزة.
أما بالنسبة للمخاوف الداخلية، فإن إضافة الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى سجل السكان الإسرائيلي كمقيمين دائمين أو مواطنين فإنه يغير الأغلبية اليهودية في إسرائيل، فإنه حينها سوف نحتاج إلى الاكتفاء بما هو أقل من السيادة الكاملة على الضفة الغربية.
المشكلة مع تحديد كيفية المضي قدما هي أننا ببساطة لا نعرف ماذا سيحدث.
ليس لدينا أي فكرة عن كيفي يعيش عدد كبير من الفلسطينيين في الضفة الغربية كل ما لدينا يتنافسون تقديرات غير رسمية من هذا العدد.
اليسار يتحدث عن سيناريو يوم القيامة الديموغرافي. ويستند كليا على البيانات السكانية الفلسطينية، يصر اليسار أن اليهود سوف لن يكونوا الأغلبية في الجهة الغربية من نهر الأردن، هذا إذا لم نكن بالفعل الأقلية.
ونتيجة لذلك، فإن اليساريين يتهموم أي شخص يعترف بأن صيغة الدولتين وخيار الانسحاب أحادي الجانب قد فشلت في بمعاداة للصهيونية.
يقول الحق أن البيانات السكانية الفلسطينية هي ملفقة عمدا. في عام 2005، نشرت مجموعة الأبحاث الديمغرافية لأمريكا وإسرائيل المستقلة أول تقييم لها عن عمق البيانات الفلسطينية. هذه الدراسة، وما تبعا من الدراسات في السنوات اللاحقة أثبتت أن عدد السكان الفلسطينيين مبالغ فيه بنسبة 50 في المئة، مشيرة الى نحو 1.5 مليون شخص لا وجود لهم.
واستنادا إلى بيانات AIRDG وعلى حقيقة أن معدلات الخصوبة في إسرائيل أعلى من معدلات الخصوبة الفلسطينية في يهودا والسامرة، وإلى أن معدلات الهجرة اليهودية إلى إسرائيل آخذة في الارتفاع بشكل حاد في حين لا تزال معدلات الهجرة الفلسطينية عالية، فإن التركيبة السكانية هي أبعد ما تكون عن الحقيقة وهي ذخر استراتيجي بالنسبة لإسرائيل.
للأسف، لا شيء من هذا هو أقل مفيدة ليبرمان، أو أي شخص آخر، وبصراحة. طالما ليس لدينا مسؤول عن الموضوع، فقد قبلت قبلت البيانات الإسرائيلية بحجم السكان الفلسطينيين، ولا يمكن أن يكون هناك نقاش حقيقي حول خياراتنا الاستراتيجية للمضي قدما.
وكما يصر ليبرمان، نحن بحاجة إلى مثل هذا النقاش.
نحن بحاجة إلى إجراء إعادة تقييم علاقاتنا مع الفلسطينيين في الضفة الغربية بغض النظر عن نتائج الانتخابات البلدية.
تحقيقا لهذه الغاية، يجب على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن يعين فريقا لمعرفة عدد الفلسطينيين هناك، و، لن تحتاج إسرائيل لإرسال عمال التعداد للطرق على الأبواب في رام الله أو جنين لتحقيق هذا الهدف. نحن لن نحتاج حتى إلى الاعتماد على البيانات السلطة الفلسطينية.
كل ما نحتاج إليه لتحديد حجم السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية هو فريق من الباحثين قادرين على تحليل الصور الجوية في الضفة الغربية، وتفسير البيانات الكهرباء واستخدام المياه الفلسطينية، وجمع بيانات الهجرة من نقاط العبور إلى الأردن ومن مطار بن غوريون.
وللحد من الخطر تسييس البيانات، يجب أن يعمل نتنياهو على تعيين ممثلين عن الفصائل المتحاربة في الموضوع الديموغرافية في مجموعة الدراسة حيث سينضم لهم محللون من مجلس الأمن القومي.
لا توجد حلول سحرية لمشاكلنا مع الفلسطينيين. ولكن هناك خيارات أخرى غير تكرار والتوسع في السياسات الفاشلة.
لتطوير هذه الخيارات، إسرائيل بحاجة إلى معرفة أبعاد التهديد الديموغرافي.