ربما يبدو العنوان غريبا والاكثر غرابة هي المقارنة التي يجوز أن يعتبرها البعض في غير محلها وخاصة لغير المتابعين لموضوع الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية.
ولكن من خلال المتابعة لمجريات المؤتمرين الجمهوري والديمقراطي والحملات الانتخابية وتصريحات المرشحين الرئيسين لا تبدو هذه المقاربة مستحيلة. فالديمقراطية الأميركية قد تمت تعريتها خلال السنة الماضية والنصف من عمر الحملة الانتخابية لتثبت عدم أهلية هذه الديمقراطية.
وهنا لا يعرف المتابع هل يشكر ترامب وساندرز وحتى هيلاري على هذه السنة الانتخابية المجنونة؟ بلا شك يجب شكر جميعهم على كثافة التغطية وعرض وجوه مختلفة من السياسة الأميركية لم نعرفها من قبل. وأخص رجل الأعمال دونالد ترامب (مرسي) الذي جاء ليعرضها لنا بدون روتوش بغوغائيته وعدم التزامه بقواعد العمل السياسي المعهودة. فالرجل لا يبالي إن شتم هذا أو ذاك، ولا يقدم اعتذارا حتى وإن أخطأ، وبالرغم من هذه الغوغائية إلا أنه أيضا لديه الجرأة على طرح مواضيع لم تطرح من قبل، بل تم التستر عليها.
وصفت ترامب بمرسي لأن الرجل هو من خارج الأطر السياسية التقليدية للحزب، وربما هو هذا الاختلاف البسيط بما أن مرسي كان من قيادة الإخوان. فترامب يتهم النظام السياسي الأميركي بالفاسد، ويحذر منذ الآن من تزوير الانتخابات، في حرب استباقية وتمهيدا لمرحلة ما بعد يوم الانتخاب في شهر نوفمبر-تشرين ثاني القادم.
فالرجل قبل انتهاء أعمال المؤتمر الديمقراطي كان يقود استطلاعات الرأي متقدما على منافسته وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون (شفيق). والتي تقود آخر الاستطلاعات وتتقدم على ترامب في أحد الاستطلاعات بعشر نقاط مئوية.
بالنسبة لـ (شفيق) كلينتون فهي تمثل النظام السياسي التقليدي وهي ابنة هذه المؤسسة السياسية، تماما كما هي حالة أحمد شفيق المرشح الرئاسي السابق في مصر. والذي كانت فكرة فوزه تمثل انتكاسة للثورة المصرية واستمرارية للنظام "العميق" كما كان يوصف، وكانت فكرة فوزه وصفة سحرية لاشعال فتيل حرب أهلية.
فمرسي ترامب كما أسلفنا من خارج الأطر السياسية التقليدية وجزء كبير من مناصريه وداعميه في الانتخابات يشاركون للمرة الأولى في هذه الانتخابات. وهؤلاء مقسمون إلى مجموعتين، الأولى الطبقة الكادحة البيضاء، وهي طبقة ترى في المهاجرين والأقليات الأخرى تهديدا لساديتهم وتفوقهم. والمجموعة الثانية هي أيضاء بيضاء ولكنها طبقة تمتلك الثروة والمال، ولديها نعرات عنصرية، وسئمت النمط التقليدي للمرشحين ويرون ترامب كخير ممثل لهم في هذه الانتخابات.
لست سوداويا، ولكن من خلال متابعاتي ومشاهداتي لمجرى هذه الانتخابات، إليكم السيناريو التالي وآمل أن أكون مخطئا. في حال فوز مرسي ترامب، فإن رافضي عنصرية وسياسة ترامب من مناصري هيلاري كلينتون (شفيق) والسيناتور برني ساندرز (حمدين صباحي) سيخرجون للشوارع رفضا لنتيجة الانتخابات ورفضالأن يحكمهم شخص مثل مرسي ترامب.
وفي حال فوز شفيق كلينتون، فإن مناصري ترامب سيعتبرون ما حصل هو عملية تزوير، وأن النظام السياسي الأميركي رفض الرجل لأنه من خارج الأطر السياسية، وهو ما يمهد له منذ الآن في محاولة لاستباق الأمور من خلال تصريحاته.
هذه الانتخابات غير كل الانتخابات السابقة، وبالتأكيد لن تكون مثل أي انتخابات قادمة، فالداخل الأميركي مقبل على مرحلة مفصلية وأيا كان الفائز، لديه ملفات ضخمة يجب اأن يجد حلولا جذرية لها. بداية من العنصرية المتغلغلة في الأطر الحياتية والمؤسساتية الأميركية،ونهاية بإنهاء العجز المالي والذي سيصل إلى مايقارب العشرين تريليون دولار بنهاية العام.
وبطبيعة الحال فإن السياسة الأميركية الخارجية أيضا مقبلة على تغييرات مهمة، وطبعا هذه المتغيرات تعتمد على شخص الفائز في الانتخابات. أو استمرارية لنفس النهج، وخاصة أن السياسة الخارجية الحالية لأميركا قد ساهمت هيلاري كلينتون في صياغتها ووضع أسسها.