الحدث- روتيرز
يمضي الفنان الفلسطيني حسام عابد ساعات طوال جالسا إلى مكتبه يقطع ويلون أو يحرق ثم يلصق عيدان قش القمح بالغراء ليبدع لوحات متقنة بأسلوب فني فريد من نوعه يقول إنه في سبيله للاختفاء.
وجاءت فكرة استخدام عيدان القمح في أعمال فنية لحسام أصلا من أمه التي كانت تبدع لوحات من هذا النوع في شبابها.
وقال الفنان الفلسطيني "الفكرة أجتني وها -حكيت لك- كان عندنا لوحتين ثلاثة في الدار. وأمي كانت تشتغل وهي صغيرة بالألوان زي ما هي موجودة في البتاع (اللوحة). فأنا أعجبتني جداً فكرة القش بتاع القمح وإبداع أو مهارة مش موجودة. بيعود الشغل بقش القمح لعصر الخمسينيات أما بعصرنا الحين لا يوجد هذه المهنة أو هذه الهواية أو هذا الإبداع بالقش."
ويقول عابد إنه آخر فنان في غزة ما زال يمارس هذا الشكل التقليدي من الفن الذي يختفي تدريجيا.
فكل قطعة من هذا الفن لابد أن تمر بعملية دقيقة وطويلة تبدأ بفصل عيدان قش القمح طوليا ثم تنظيفها وتقطيعها.
بعد ذلك تُضاف أصباغ للعيدان بطريقتين أولاهما غمسها في ألوان وثانيتهما حرقها للحصول على اللون الأسود. وأخيرا تصبح العيدان جاهزة للصقها بالغراء من أجل تكوين الشكل الفني المطلوب.
وأوضح حسام عابد ذلك وهو يمسك بيده لوحة لامرأة شابة وقال "القش القمح بأجيبه في شهر 5 (مايو أيار). بس موجود في شهر خمسة لأنه حصاد القمح في نهاية شهر خمسة. على مدار السنة لا يوجد قش قمح. فكنت أجيبه وألون. لو حبيت ألون أصبغ الألوان. لو حبيت أشتغل باللون الأسود أحرقه. وبديت إني أنا أركب اللوحات. يعني زي هادي اللوحة أنا لسه بأشتغل فيها. هادي اللوحة عشانها منظر ممكن تقعد معي أربعة أيام..خمسة أيام عشان أطلعها بنفس الملامح اللي هي موجودة عليها."
واعتاد عابد إبداع لوحات عيدان القمح وتقديمها هدايا لأصدقائه وأقربائه لكنه يأمل الآن في أن يتمكن من فتح صالة عرض لأعماله بهدف المساعدة في إحياء ذلك الفن القديم الذي يقول إنه وسيلة لتفريغ الطاقة السلبية التي تنجم عن قسوة الحياة في أوضاع مثل تلك التي يعيشها قطاع غزة.
وأضاف "في ظل الضغط اللي صار في بلدنا. في ظل الاحتلال. في ظل الحصار الموجود هنا. في ظل كمان دائما انقطاع التيار الكهربائي .. بيخليني مش بدي أشتغل شغلانة. بدي أنا أفرغ طاقتي. بأحس إني أنا لما أقعد ثلاث ساعات أربع ساعات أمام اللوحة بأشتغل.. خلاص بأحس إني أنا أنجزت شيء أو عملت شيء لذلك."
وأبدع عابد 120 لوحة فنية من عيدان قش القمح منذ عام 2007. ويستغرق عمل كل لوحة منه نحو أسبوع كي تكتمل وتُباع بنحو 400 شيقل .
الصور: الاناضول