الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الحدث الثقافي| مسلماني: لم أجد دعماً حقيقياً من وزارة الثقافة لـ "بيت مريم"

2016-08-21 05:01:25 PM
الحدث الثقافي| مسلماني: لم أجد دعماً حقيقياً من وزارة الثقافة لـ
مليحة مسلماني

 

الحدث- روان سمارة

 

المكان هو "بيت مريم" دار عرض للفن التشكيلي، تديره مليحة مسلماني، بكل حب وعطاء، لكن التجربة تعاني من إشكاليات عديدة تهدد استمراريتها، أهمها انخفاض القدرة الشرائية للمواطن العادي لاقتناء اللوحات والثانية عدم تعاون المؤسسة الرسمية ممثلة بوزارة الثقافة بشكل حقيقي بهذا الخصوص. 

 

"بيت مريم" هدفه أن يكون الفنان قادرا على الاكتفاء من فنه

 

"بيت مريم" الاسم جاء من علاقة مع السيدة العذراء، التي ترى مسلماني أنها تمثل الكثير من المعاني، منها الأمومة والأنوثة والبشارة، تقول لـ"الحدث": "(بيت مريم) جاء تحت هذا الاسم لعدة أهداف، فالبيت يشير لمكان الألفة والحميمية، واسم مريم له علاقة بالفن والصورة، والفن المسيحي هو مرحلة مهمة ضمن المراحل التاريخية لتطور الفن التشكيلي، واسم مريم قادر على كسر الحاجز بين الفن التشكيلي والمجتمع العربي لأن أي معرض في العالم يكون هناك حاجز بينه وبين الجمهور العام، ونحن نسعى لخلق ثقافة لتقليل هذه الفجوة، والبداية يجب أن تكون من العنوان".

 

بيت مريم هو جالري خاص، ويعتمد في التمويل على ذاته، من خلال بيع الأعمال الفنية التي يذهب جزء كبير من ريعها للفنان نفسه؛ فتصبح دار العرض بين المؤسسة الربحية والجمعية الأهلية، فدار العرض لا تدر أرباحاً لها فقط، هي أيضاً تساعد شريحة تحتاج للدخل، وأتمنى أن نصل يوما لأن يكون الفنان قادراً على الاكتفاء من دخل أعماله الفنية، دون اضطراره للعمل في وظيفة أخرى، تستنزف وقته ولا يجد بعدها وقتا للفن.

 

وزارة الثقافة لم تتفاعل

 

وزارة الثقافة التي شاركت في افتتاح "بيت مريم" بمشاركة وكيل وزارتها، لم تترجم سعادتها بافتتاح بيت مريم كدار عرض للأعمال الفنية لتعاون حقيقي، ولم تحاول تقديم المساعدة المعنوية أو المادية للدار لتضمن استمرارها، بالرغم من محاولات مسلماني المتكررة للتواصل، تقول: "تواصلت مع د.إيهاب بسيسو الذي زار دار العرض، وعرض أن نعمل سويا، تحديداً في مجال تعزيز الثقافة البصرية لدى الأطفال، وبناء على ذلك قمت بتحضير مجموعة من الأفكار، لكني لم أفلح حتى الآن في التواصل معه، لم أجد دعماً حقيقيًّا من الوزارة، حتى عند افتتاح الدار، كنت قد طلبت من الوزارة أن تساهم ولو بجزء من تكاليف الافتتاح.. إلا أنها اعتذرت بسبب عدم ترخيص الدار كجمعية غير ربحية".

 

وأكدت مسلماني لـ"الحدث" على أنها تقف على المشروع وحدها، حتى أنها غامرت بأخذ قرض شخصي لإقامة هذه الدار، وكانت تأمل أن تستطيع سداد القرض من ريع اللوحات التي تقوم ببيعها، وهذا ما لم يحدث، مما وضعها ماليًّا في أزمة قد تكون سبباً في إغلاق الدار.  

 

وتشير مسلماني إلى أن من المهم وجود دور العرض المتخصصة في الفن التشكيلي، وبيت مريم حاول الوصول للجمهور في أول معرض له، حيث عرض لوحات لإثنين وثلاثين فناناً تشكيليًّا، وكان من بينهم عرب، وفنانين من فلسطين التاريخية، وغزة، وأيضا من الشتات. كما يتم التحضير لكل معرض إعلاميًّا بشكل كبير، من خلال استثمار إمكانياتها البسيطة، والعلاقات الشخصية، لتضمن تواجداً كبيراً في افتتاح أي معرض، من إعلاميين يعملون في وكالات محلية، عربية، وعالمية، وهو ما سهل وصول الجمهور لبيت مريم.

 

تحاول دار العرض الاقتراب من الهم الوطني والشعبي، ومخاطبة الهم الجمعي الفلسطيني، من خلال تنظيم معارض في مناسبات وطنية وشعبية، منها معرض أقيم في الثلاثين من آذار الماضي، والذي جاء بمناسبة يوم الأرض.

 

تعدد المدارس الفنية في بيت مريم

 

لا يعتمد بيت مريم في معروضاته على مدرسة واحدة، بل يركز على التجربة الناضجة للفنان، وليس من الضروري أن ترتبط هذه الأعمال بالقضية، فعرض بيت مريم أعمالاً من التجريد للواقعي، وعرض أعمالاً خرجت عن المدارس كمعرض محمد فضل "اختراق"، وترى مسلماني أننا لم نصل حتى الآن ليكون لدينا دور عرض متخصصة بمدارس معينة، حتى أن الفنان الفلسطيني لا يمكن أن يحسب على مدرسة بعينها، فمعظم الفنانين الفلسطينيين مروا بالعديد من المدارس في تجاربهم.

 

تفاعل الجمهور

 

وحول تفاعل الجمهور مع الفن تقول مسلماني: "هذه المشكلة الكبيرة التي لا يواجهها فقط بيت مريم، فلا يوجد تفاعل مع الحدث الثقافي كما يجب، فنحن قد نرسل الدعوة لألف شخص، لا يحضر منهم سوى مئة شخص في أحسن الأحوال، بالرغم من أن المكان سهل الوصول، والعرض مجاني، ولا يجبر الحاضرون على اقتناء الأعمال، لكن السؤال يبقى لماذا؟ وتحتاج الإجابة عليه لأبحاث طويلة، لكن أظن السبب الأهم هو محتوى ما يعرض، وغياب الثاقفة البصرية عن الجمهور؛ لذلك نرى أن جمهور الفن التشكيلي هو جمهور نخبوي، فقبل أوسلو كنا نرى الفنان الفلسطيني يعبر عن القضية من احتلال وشتات وانتفاضة، بعد أوسلو اتسعت الفجوة بين الفنان والجمهور فأصبح الفنان أكثر غربة وانعزالا عن المجتمع وتراجع دوره الحقيقي كمبدع في الحديث عن الأزمات الفردية والمجتمعية".

 

تسعير الأعمال الفنية عائق

 

تسعير الأعمال الفنية هو أحد الحواجز بين الجمهور والفن التشكيلي، وهو ما يجعل الإقبال على الأعمال الفنية واقتنائها حكرا على طبقة معينة، تقول مسلماني: "العملية جدا معقدة، وأنا لا ادعي أنني أمتلك مفاتيحها، وأنا أحاول من خلال بيت مريم صناعة التغيير، فأدعو الفنانين للاقتراب من الجمهور، والتواضع في تسعير أعمالهم حتى يكون المقتني المحلي قادرا على اقتنائها، العمل الفني هو خاضع لثقافة السوق شئنا أم أبينا، في عملية التسعير، والمفاوضة على السعر، وحتى آلية الدفع، ونحن مجبورون كدور عرض على التعامل معها لأنها ضرورية للفنان، ودار العرض، وأيضا لتحفيز ثقافة الاقتناء لدى الجمهور، كل هذا دون النيل من جودة العمل الفني".

 

الربح ليس الهدف الرئيسي لبيت مريم، وهو بهذا يختلف عن دور العرض الأخرى، فترى مسلماني في المال وسيلة لاستمرارية المكان فقط، فاتخاذ الربح كهدف يغير في طريقة العمل بشكل كامل ويترك أثره على فلسفة المكان، تقول مسلماني: "لا يجوز إخضاع الفن للسوق، فليس أخلاقيا أن ندفع الفنان لرسم ما يباع، فمن الضروري الحفاظ على تنوع المدارس في الفن التشكيلي، الأمر الذي سيضمن مراعاة الأذواق المختلفة للجمهور".

الفنان أقوى من دور العرض

 

وحول من يُسعّر العمل الفني تقول مسلماني: "دور العرض لدينا ليست قوية بما يكفي فالفنان أقوى، وهناك العديد من العوامل التي قد تؤثر على آلية تسعير الفنان لأعماله، منها أسعار الأعمال التي باعها الفنان في السابق، وأسعار أعمال الفنانين الآخرين، والأسواق الخارجية كالسوق الخليجي، وكل هذا قد يجعل هذه الأسعار لا تتناسب والقدرة الشرائية للجمهور، وهو ما يوقع الفنان في أزمة لعدم بيع أعماله، بسبب ارتفاع أسعار اللوحات". تكمل: "يأتي لدار العرض موظفون من الطبقة الوسطى، وهؤلاء لا تتعدا القدرة الشرائية لديهم ألف ومئتي دولار، ويصدمون بأن أقل عمل لدي سعره ثلاثة آلاف دولار، إذن فالفئة القادرة على شراء عمل فني بسعر ألفي أو ثلاثة آلاف دولار هي تكاد تكون غير موجودة، وهو ما يسبب الخسارة لدار العرض والفنان الذي عادة ما يربط أهميته بسعر لوحاته وحجمها".  

 

وقارنت مسلماني بين أسعار الأعمال الفنية في الأردن وأسعار الأعمال لدينا قائلة: "عادة الأسعار هناك متواضعة أكثر، والبيع هناك أكثر، وتجب الإشارة إلى أنَّ جزءً من هؤلاء الفنانين هم فنانون فلسطينيون أردنيون، فعلى سبيل المثال تراوحت أسعار لوحات الفنانين المشاركين في معرض الافتتاح لبيت مريم بين 700 لـ 1500 دولار فقط".

 

            مليحة مسلماني

   مليحة مسلماني وبيت مريم ووزارة الثقافة وإيهاب بسيسو إغلاق