الحدث- روان سمارة
وقع الكاتب الفلسطيني، ومدير متحف محمود درويش، سامح خضر أمس الأحد في متحف محمود درويش في مدينة رام الله روايته الثانية تحت عنوان "الموتى لا ينتحرون".
قدمت الكاتب وروايته الإعلامية جمان قنيص، التي ركزت في تقديمها على شخصيات الرواية، وطرح سامح الجريء لقضية الاعتداء الجنسي داخل العائلة، فكانت الضحية بطلةحكاية سامح التي أسماها حياة، فتاة تقطن قرية نائية من قرى فلسطين وتتعرض للاعتداء من جدها.
وحول اختيار اسم حياة يقول الكاتب: "حياة هو اسم رمزي للحياة التي تخرج منها حياة أخرى، وحياة كان عنوان الرواية لكنني غيرته في اللحظات الأخيرة ليصير الموتى لا ينتحرون".
الرواية غوص في المحرمات
حاول الكاتب من خلال روايته الغوص في المحرمات من خلال أن يغوص في داخل شعور الأنثى المغتصبة، وهو لا يرى في ذلك عيبا يخدش رجولته، ففي كل واحد منا رجل وأنثى يسكننانه والتعاطف شعور إنساني بحت لا شأن له بالهوية الجنسية للمتعاطف.
يقول الكاتب: "في أحيان كثيرة كنت أبكي للوقع النفسي والجسدي الثقيل للاغتصاب، وقد سألت عددا من الصديقات هل تعرضن لمحاولات اعتداء أو تحرش في إطار عائلاتهن، وصُدمت بأن عددا كبيرا منهن تعرضن لذلك في أسرهن، ولم أكتفي فقمت باستشارة طبيب نفسي وطبيبة نسائية لمساعدتي على الوقوف على ما تمر به المغتصبة".
سامح الذي أثار في روايته زوبعة الجدل حول شخوصه آثر أن تكون الأم في روايته ضحية أخرى وهذه المرة ضحية لانهيار المثل والمنظومة القيمية، فنرى الأم وقد طغت غيرتها الأنثوية من اختيار الجد لحياة كجسد يفرغ فيه شهواته، على غريزة الأم التي تحاول جاهدة حماية ابنتها من أي اعتداء وكل معتدي.
إياد شخصية لا تقل جدلية عن الأم، فهو عاشق قبل بحبيبته كما هي دون أن يلتفت لعذريتها، والعذر في هذا كما رواه الكاتب يعود لكون إياد كغيره من الفلسطينيين فشل في الانتصار لقضيته، فقرر الانتصار لفتاة من بلاده، فإياد هو رومانسي ثوري فقد أمه وأخته في مجزرة تل الزعتر، وغادر لبنان مع الفدائيين وهو لم يتجاوز السابعة عشر، إذن فهو ابن الثورة الباحث عن نصر حققه بقبوله لحياة.
الخاتمة جدلية
الخاتمة أيضا في روايته كانت جدلية، وعن هذا يقول سامح: "خلال الكتابة كان المشهد مختلفا، كان أكثر صخبا وفي جامع البلدة، لكن من قرأوا المخطوط الأول أجمعوا على أننا لسنا هكذا، فنحن نختبئ، ونتستر، ونتصرف في الضوء وكأن كل شيء على ما يرام، فحذفت الجد من المحاكمة، وجعلت القرية تناقش أموره بعد أن كان هو من يناقش أمورها، ليكون الانتصار للمجتمع وليس لحياة".
وأشارت جمان للخاتمة الجدلية التي اختارها سامح لروايته، والتي كانت من خلال محكمة جمعية، جاءت نتيجتها مفاجئة للقارئ، فهي لم تلبي حاجته بالثأر لحياة من شخصية الجد، بل همشت حياة ليكون الثأر للمجتمع من ذاته، كل هذا كما قالت جمان مرّ بجمالية سرد وتوظيف متقن للمونولوج الداخلي للشخصيات، وتحديدا "حياة" التي تنتقل من طفلة مغتصبة يعطي جسدها ثماره عنوة، لعاشقة ترغب قطف ثمارها لتقدمها لعاشق اسمه "إياد" يشاركها أحداث الرواية.
أبقى الكاتب النهاية في حالة من الاقتضاب السردي، ليظل القارئ معها في حالة من الغضب مسكونا بالهواجس، فالروايات تكتب كنا يرى الكاتب لاستفزاز الجمهور وخلق التفاعل.
قرأ الكاتب للحضور جزئين من روايته، كان الأول حوارا بين حياة وشروق، والثاني حوار بين حياة وإياد، وهما شخصيتان وظفهما الكاتب لخلق مساحة أخرى داخل الرواية بعيدا عن حياة، يناقش من خلالها مواضيع أخرى تصب جميعا في مستنقع واحد هو الاغتصاب الذي لا يقتصر على الجسد وحسب فهناك اعتداء ديني ومجتمعي وغير ذلك من أشكال الاعتدات التي نتعرض لها جميعا.
سامح الذي أصدر قبل أقل من عامين روايته الأولى، غير راض عن التجربة، لكنه كان يحتاجها ليتجاوز عقدة المرة الأولى، وليتدارك ما مر به من أخطاء في تجربته الثانية، وهو يرى أنه ككاتب لن يكتب ما يحلم به، لكنه سيظل يحاول.