قالت: أفي الليل متسع ليصلح
ما أفسده النهار؟
أهناك حقا بداية حرة من
مُخلّفات ما سبقها من
نهايات؟
قلت: لا جواب على سؤال لا
يعرفه سوى من على
هامش جنون.
قالت: دعنا نبتعد عن الحزن
حيزا، لعلنا ننساه فينسانا،
دعنا نتحايل على الألم،
فينسانا هو أيضا.
قلت: ليت كل همومنا
حزن وألم للنسيان،
لو يتذكرنا الفرح ولو برهة
في زمهرير الزمن الكبير
والصغير على الشعوريات.
قالت: كثيرا ما نختلف في
صغيرات وتفاصيل الوجود،
وكأن الإختلاف صرعة
هذا العصر.
قلت: لكننا نتشابه أكثر بسعينا
إلى هذا الإختلاف،
وكأننا مُسّخنا على قالب
واحد من الإختلاف
غير المختلف.
قلت: قالت لي نساء مخملات
بالذكريات يجلسن على خيط
الصباح في شعاعه الأول،
على ناصية الماضي
وتَخوم مستقبل،
بأن البيت مهما تغيرت عليه
السنون يبقى على حال.
لكن متغير هو البيت كنهر
ماء يجري ولم ير نهايته بعد.
قالت: لربما لم يتغير
غيرك أنت.
قلت: أجزع من الوقت
قربه وبعده في آن،
يسكنني أمل بحجم سبع
سماوات أو أكثر قليلا،
وخيبة لا تقل حجما عن أملي،
وكأن الشعورين خلقا ليكون
كليهما متلازمين معا،
فلا يكون أحدهما دونما الآخر.
قالت: لا أخاف ما أنا عليه الآن،
مخيف هو ما يمكن أن أكون،
أي شيء، يمكن أن أصير أي شيء
وكم مهيب أي شيء هذا!
كان الليل في هزيعه الأول،
أو هزيعه الأخير، ولا فرق،
ما دام غسقا حاجب الرؤى
ومسار الطريق،
وكلٌّ في قمقمه يعيد ببلاهة
ما تُلِيَ عليه من بعيد.