الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

عصام السعدي: لم نفعل لأجل فلسطين ما يليق بها

2016-08-24 10:48:20 AM
عصام السعدي: لم نفعل لأجل فلسطين ما يليق بها
صورة من اللقاء في مكتب "الحدث"

الحدث- روان سمارة 

لست مستشرقا أو سائحا، أنا عشت في الشتات، ومن عاش في الشتات وفلسطين هي حضن، ومن عاش في الشتات يحتاج هذا للمكوث في هذا الحضن ليشعر بالدفء، وبالرغم من اختلاط مشاعري إلا انني أدرك أننا لم نفعل ما يكفي لإنهاء الاحتلال، في حين أن الاحتلال قد فعل أكثر مما ينبغي ليبقى". بهذه الكلمات رد الشاعر الفلسطيني المغترب عصام السعدي  على سؤال حول كيف رأى فلسطين، وكان  السعدي قد قدم أمسيته الأولى في وطنه، في رحاب متحف محمود درويش، الذي أهدى له قصائده.

 

وصف السعدي في زيارة لمكتب "الحدث" صدمته الأولى عندما علم أنه في فلسطين، يقول: "كانت لحظة اصطدام، كنت أركب سيارة وأفكر أن هناك مرحلة أخرى لرحلتي قبل الوصول، وكنت أفكر أن الاستراحة هي نقطة حدود، عندها ناداني أحد الأصدقاء قائلا: "عصام أنت في فلسطين"، هنا لم أستطع أن أفتح عيني، فلم أرها وكأننني خرجت من نفق أصابني بعده انبهار بالضوء، وأخذ الأمر معي دقائق لأستوعب أنني في فلسطين، وكنا نغادر أريحا".

 

أما زيارته لمدينته الأم جنين فقال عنها السعدي: "كنت أمر من تلك الطريق كل يوم، ورغم أنني غادرت وأنا صغير السن إلا أنني أحفظ تلك الطريق حتى اليوم، فقد سرت في هذه الطريق وأنا في الصف الأول، وهي المرحلة التي تعلمت فيها القراءة، وكنا نتبارى على قراءة اليافطات الموجودة على الطريق أنا وزملائي وهو ما جعل هذه الأسماء والطريق الحاملة لها مخزنة في ذاكرتي".

 

وكان السعدي في رحلته للمدرسة يمر كل يوم من جانب سينما جنين التي لم يتمكن من دخولها، يقول: "كنت أمر كل يوم من جوارها، وكنت أحلم أن أدخلها لأعرف معنى السينما، وكيف تكون، إلا أنني لم أفلح في ذلك، فبقيت محفورة في ذاكرتي، وكانت هي مركز انطلاقي في رحلتي لجنين، ومن خلالها استطعت معرفة الجهات والأماكن ليستدلعلى بيته الذي بقي كما تركه من خمسين عاما".

 

ديوان واحد هو حصيلة سبعة وخمسين عاما من الشتات، يقول السعدي لـ"الحدث": "كان والدي جنديا، وكان يقضي إجازته وهو يقرأ الشعر لنا، من هنا بدأت أنتبه لاختلاف الشعر عن غيره من الكلام، وصرت أتساءل كيف صار أبي شاعرا؟ وكيف يُكتب الشعر؟ لأبدأ الكتابة، وبعد أحداث أيلول ذهبت لسوريا، وهناك تعرفت إلى محمد عمران المحرر الثقافي لملحق الثورة الثقافي، الذي شجعني ثم شاركت في مسابقة على مستوى الجامعات، وفزت بجائزة الأسد، ورغم نصيحة صديق لي بأن لا أكتب لأنني أصبت بالغرور إلا أنني ظللت أخونه حتى بدأت أحداث بيروت، عندها أدركت أن لا قيمة للشعر، فقررت التوقف عن الكتتابة، واستمر الأمر عشر سنوات".

 

يكمل السعدي: "وفي إحدى الأمسيات قدمت الشاعر يوسف عبد العزيز الذي قرأ الشعر في تقديمي له، وطلب قراءة قصائد لي، فأعجبته، فعدت للكتابة، وأصدرت ديواني الوحيد باسم "يشرق بالحنين"، ولم أصدر غيره حتى الآن".

 

يكتب السعدي الشعر ليعرف كيف يشعر الشعراء، وليتذوق الشعر، وهو يرى أن الشعر هو ترجمة للمواقف الحياتية، وبالرغم من ذلك فهو لا يستطيع استحضاره، بل يترك الشعر حتى يداهمه، يقول: "لا أمارس طقوسا خاصة لأكتب الشعر، أنا فقط اترك نفسي له عندما يفاجئني بالحضور، فأنظم مقطعا أظل أردده، وإن شعرت أنه يمكن أن أبني منه قصيدة أعمل على ذلك، وقد حدث هذا معي في قصيدة نعي للشاعر حسين البرغوثي، حيث بدأت القصيدة على علبة مناديل في سيارتي بعد معرفتي بالخبر".

 

يقرأ الشاعر المغترب لكل شعراء فلسطين، لكنه يرى أن ما حققته المرأة الفلسطينية في السنوات الأخيرة على صعيد الشعر هو أمر لافت، فبعد أن اقتصر الوجود النسائي على الشاعرة فدوى طوقان لفترة من الزمن صرنا نرى أسماء أخرى تتردد، وتثبت جدارة شعرية كبيرة.

 

ويرى الشاعر المشتاق لأرضه أن التطبيع هو اعترف برواية الإسرائيلي عن القضية، وهذا ما يحصل إن قرر زيارة أرضه بطلب تأشيرة دخول عن طريق سفارة الاحتلال، أما دخولها بتصريح يتعامل مع الاحتلال كسلطة أمر واقع فهو تجريم لها وإثبات لكذب روايتها.

 

وكان عصام السعدي قد زار مقر "الحدث" برفقة طارق عسراوي، والقاص محمد خليل، وكان في استقباله كل من أحمد زكارنة، ورئيس تحرير الحدث رولا سرحان.

 

مرّ الشاعر الذي تلى في متحف درويش آيات من شعره بالعديد من المراحل والمنعطفات التي شكلت شخصيته وأثرت بشكل مباشر أو غير مباشر في شعره، ليصير عصام السعدي المهندس الشاعر الفلسطيني المغترب الحاضر بشعره أبدا.