غزة- محاسن أُصرف
على الرغم من التضحيات الجمّة التي قدمتها المرأة الفلسطينية على مدار سنوات النضال، إلا أن دورها في الحقل السياسي بقيَّ مجزوءًا تحكمه الكثير من العقبات أهمها الموروث الثقافي، ووجودها في مجتمع أبوي، بالإضافة إلى معيقات ذاتية تتعلق بالمرأة – وفق ما تحدث به خبراء ومختصون- .
وبيّن هؤلاء أن تمثيل المرأة في الحقل السياسي كان إجباريًا بقانون الكوتة والذي حدد لها نسبة 20% فقط، وجعل وجودها في القوائم متدرجًا بدايًة ضمن الأسماء الثلاث الأولى ومن ثمَّ السبعة وهكذا ما يُضعف فرصتها في الفوز لحساب الذكور الذين يتصدرون القوائم.
وتطالب النسوة خلال الانتخابات المحلية المقرر عقدها في 8 أكتوبر القادم، برفع نسب التمثيل، وهو ما توافقت عليه الفصائل والقوى الوطنية، حيث رفعت نسبة التمثيل إلى 30%، مما يُعطي المرأة الفرصة لأن تكون صاحبة القرار وليست منفذه له فقط.
ولجأت الدول والمجتمعات المختلفة إلى إقرار الكوتة النسائية لتمكينهن من المشاركة في الحياة العامة وفق ما يُقرّر لهن، مما دعا الكثير إلى المنادة بجعل التمثيل وفقًا للكفاءات بما يُحقق إنجازًا أكبر، ويُحقق تنمية أشمل للمجتمعات والدول، وفي هذا السياق تؤكد عبير ثابت أستاذة العلوم السياسية، أن المشاركة السياسية للمرأة أهم مؤشرات التنمية في أي مجتمع، وقالت: "من الضروري إعطاء المرأة دورها في الحياة السياسية وفق القنوات السياسية المطروحة".
تغييب المرأة عن القرار
وأكدت أنه على الرغم من تشكيل المرأة لما نسبته 49.2% من المجتمع الفلسطيني إلا أنها ظلت غائبة عن القرار السياسي بفعل نظرة الأحزاب والفصائل الوطنية لقدرتها على المشاركة الفاعلة، بالإضافة إلى وقوعها أسيرة لموروث ثقافي ومجتمع أبوي يُفقدها وعيها باستقلاليتها ووعيها بالمرأة الأخرى، وأضافت بالقول: "هذه الحالة أدت إلى ضياع أصوات المرأة وذهابها إلى قوائم هنا وهناك".
وشددت على ضرورة أن تأخذ مكانتها الحقيقية في المشاركة السياسية وعدم الاكتفاء بدورها كشكل تجميلي واستكمالي من قبل الأحزاب والفصائل الوطنية، لافتة إلى أن تمثيل المرأة في السلطات الثلاث لا يكاد يُذكر، وتابعت أن وجودها في المجلس التشريعي أوجدته الكوتا التي منحتها 20% كنسبة تمثيل، أما في السلطة التنفيذية ومدى تواجدها في الوزارات الهامة في صنع القرار يكاد يكون صفرًا، وأن ما يُولى إليها وزارات إسنادية فقط، وفي السلطة القضائية كذلك على الرغم من وجود كم كبير من المحاميات إلا أن النساء في سلك القضاء لا يتجاوز عددهن الثمانية.
ومن جانبها طالبت خالدة جرار النائب في التشريعي، وعضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، بضرورة العمل على زيادة نسب تمثيل النساء في الانتخابات المحلية من 20% إلى 30%، مما يُمكنها من القيام بدورها والمشاركة بفعالية في العملية السياسية تمامًا كما كانت شريكًا فاعلًا في العملية النضالية.
تقصير إعلامي
وإلى ذلك عدت ماجدة البلبيسي، إعلامية وناشطة مجتمعية في قضايا المرأة، أن عدم تمثيل المرأة الفلسطينية بنسب توازي تواجدها في المجتمع الفلسطيني يعود إلى سببين رئيسيين إحداهما المجتمع الأبوي الذي تعيش فيه والآخر حالة ضعف الثقة لدى المرأة بإنجازاتها وقدرتها على صنع القرار واتخاذه؛ نتيجة لتهميش الأحزاب والفصائل لدورها السياسي، وقيامها بالتحشيد لدور النساء في السياسة بشكل موسمي فقط.
ونبهت إلى تقصير المؤسسات الإعلامية في الكشف عن النساء الرياديات العمل السياسي في المجتمع الفلسطيني، وقالت: "إن أجندة المؤسسات الإعلامية تؤدي دورًا كبيرًا في إبراز قضايا النساء فإن كانت مهتمة بها وتسعى لإحقاق حقوقها في المجتمع الفلسطيني تكشف عنها"، داعية إلى إيجاد إستراتيجية وطنية قائمة على الكفاءة وتستند إلى تاريخ المرأة النضالي، وقالت: "لن يتم ذلك إلا بتعديل بوصلة العمل الإعلامي".
الكفاءات
بدورها اعتبرت ابتسام صايمة، ناشطة نسوية ومدير مؤسسة نساء من أجل فلسطين في قطاع غزة، أن مشاركة المرأة في الانتخابات ضرورة، داعية إلى العمل على انتقاء الكفاءات الواعدة التي من شأنها أن تُحقق التنمية للمجتمع الفلسطيني في مختلف قطاعاته.
وترفض صايمة اختيار المرأة في الانتخابات وفقًا لنظام الكوتة الذي أُقر وفقًا لقانون رقم (10) لعام 2005، والذي ينص على كوتة للنساء بنسبة 20% فقط في تشكيل القوائم الانتخابية، قائلة أن ذلك يحرم كفاءات كثيرة في مناطق مختلفة من الظهور والتقدم للترشح، وتابعت: "بعض المناطق القروية لا يتوفر فيها كفاءات نسوية مما يؤثر سلبًا على مدى فعالية المجالس المنتخبة".