الحدث- أ.ف.ب
في وسط غرفة استقبال الضيوف في منزل المواطن حسام الضابوس في مدينة غزة، اربع مزهيرات يتبين بعد التدقيق فيها انها بقايا صواريخ وقذائف اسرائيلية اعيد ترميمها بشكل فني.
وحصل هذا الشاب (33 عاما) على بقايا هذه الصواريخ والقذائف الاسرائيلية من ارض حدودية مع اسرائيل شمال غزة بعد انتهاء الحرب الاسرائيلية الاخيرة على قطاع غزة.
واطلقت اسرائيل عشرات الاف الصواريخ خلال الحرب التي شنتها على قطاع غزة في الثامن من تموز/يوليو الماضي واستمرت اكثر من خمسين يوما قتل خلالها 2100 فلسطيني على الاقل.
وقال الضابوس الذي يسكن في مخيم جباليا للاجئين شمال القطاع "اخذت الصاروخين كذكرى لكن الاهل والجيران خافوا من منظرهما ففكرت بالرسم عليهما لتصبحا تحفة جميلة".
واضاف "اردت ان احتفظ بهما ليراهما اطفالي حين يكبرون واخبرهم انهما من مخلفات حرب 2014 التي قتلت اكثر من الفي شهيد وكيف حولت القتل الى حياة بعمل مزهرية من هذه الصواريخ".
ومع افتقاره للخبرة في الاعمال الفنية لجأ الشاب الذي يعمل في انتاج العسل الى جاره الذي يمتلك ورشة للتصميم و الاعلانات لمساعدته في تزيين هذه القذائف.
لكنه لاحظ اقبالا واسعا من اصدقائه وجيرانه على اقتناء بقايا هذه الصواريخ المزينة، ما دفعه للتفكير في استثمار الفكرة لعمل عدد اكبر منها وبيعه كما يقول.
وفي سبيل الحصول على المزيد من بقايا الصواريخ الاسرائيلية وتزيينها لجأ الى شرطة حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ منتصف حزيران/يونيو 2007.
واوضح "طلب مني العشرات ان اقوم بعمل تحف لهم من بقايا الصواريخ الاسرائيلية، لذلك ذهبت للشرطة لاحصل على عدد كبير منها وفعلا اعطوني تصريح لاخذ العدد الذي اريده بشرط استخدامه في الاعمال الفنية فقط".
لكن بالرغم من حصوله على تصريح من شرطة حماس باخذ اي عدد يريده من بقايا هذه الصواريخ الا انه اكتفى باخذ دفعة اولى من نحو عشرين قطعة متنوعة بين قذائف مدفعية وطيران وهاون. وقال "اخشى ان يعتقد الناس انها صواريخ حقيقية، فتقوم اسرائيل بقصف منزلي".
ويرفض الضابوس الافصاح عن السعر الذي سيبيع فيه هذه التحف مبينا ان "ذلك يعتمد على نوعها والشغل الذي سنقوم به فيها"، مشيرا الى انه ينوي عرضها في معرض.
اما خضر ابو ندى (32 عاما) احد الزبائن الذين طلبوا من الضابوس تزيين بقايا صاروخ اسرائيلي له، فيقول "اعجبتني الفكرة. اريد ان احصل على تحفة من بقابا صواريخ اسرائيل التي يقتلونا فيها".
ويتابع الشاب الذي دمر مصنعه لصناعة مواد التنظيف شرق مدينة غزة في الحرب الاسرائيلية الاخيرة "ساضع المزهرية في بيتي وازرع فيها الورود، فالله يحب السلام ونحن في غزة كذلك".
وفي مخيم البريج وسط قطاع غزة يزين محمد الزمر (33 عاما) ايضا حديقة منزله بالعديد من التحف التي صنعها من بقايا صواريخ وقذائف الهاون الاسرائيلية وايضا بعض الشظايا التي تطاير عدد منها على منزله في الحرب الاسرائيلية الاخيرة.
ويشير الشاب الذي يعمل نادلا في مقهى الى بقايا صاروخ مدفعية اسرائيلية كتب عليه "لا للحرب، كفى" الى جانب خريطة رسمها لفلسطين، ويقول "هذه رسالتي".
ويتابع "نحن شعب نحب الحياة لكن ما يفرضه علينا الاحتلال هو القتل والدمار، اريد تحويل القتل والحرب الاسرائيلية الى حياة فلسطينية نابضة بالحب والحياة".
ويرفع شظية صاروخ اسرائيلي قام بتثبيتها على لوح خشبي وزينها بشريط قماشي. وكتب عليها "نحن شعب لا نستسلم اما ننتصر او نموت" ويقول "اعتز بهذه القطعة، فهذه الشظية سقطت على منزلي في الحرب الاخيرة ونجوت حينها من الموت باعجوبة".
ورغم ان الشاب لم يتلق دراسة جامعية او اي دورات في الفنون الجميلة الا انه يعلق العديد من اللوحات التي رسمها في منزله وفي الحديقة مستخدما في بعضها عددا من الرصاصات الاسرائيلية الفارغة.
ويتصدر حديقة منزله نوتة موسيقية يطلق عليها "سيمفونية الموت والحياة" صنعها من الخشب وعلق عليها عدد متفاوت الاحجام من الرصاص الاسرائيلي وقنبلة الى جانب ريشة للرسم و"مفتاح العودة" الذي يرمز الى حق اللاجئين الفلسطينيين الى العودة لاراضيهم التي هجروا منها في العام 1948.
وفي الجهة المقابلة من الحديقة ايضا يحتفظ الزمر بصاروخ اطلقته طائرات اف-16 اسرائيلية وما زال يحتوي على مادة متفجرة، الا انه يقول ان "الراس الكيميائي الذي يقوم بتفجيره انتزع منه".
ولم ينته الشاب من العمل على هذا الصاروخ الذي كتب عليه عدد من اسماء الاطفال الذين "استشهدوا" في الحرب الاخيرة. ويقر ان جمع هذه الصواريخ محفوف بالمخاطر.
ويقول "قد اذهب لاحضار بعض من بقايا هذه الصواريخ واموت".
وقتل ثلاثة فلسطينيين الجمعة واصيب اثنان آخران بجروح في انفجار قذيفة اسرائيلية من مخلفات الحرب الاخيرة في قطاع غزة، كما افادت مصادر طبية.
ولجا الزمر ايضا الى شرطة حماس التي قامت بتزويده ايضا بعدد من بقايا الصواريخ الاسرائيلية مع ارشادات حول انواعها وكيفية التعامل معها كما يقول.
لكن على الرغم من ذلك لا يخفي قلقه من السماح لطفليه محمد (سبع سنوات) و عبد الرحمن (3 سنوات) من العبث بهذه التحف، ويقول "امنعهما من لمسها حتى اتاكد من تعقيمها بنفسي بمواد احصل عليها من قسم هندسة المتفجرات، خوفا من المواد الكيميائية والفسفورية التي تغطيها".