ابن عمّي هشام اتصل من دبي، وقلّي بالحرف:
_إلك ولاّ للذيب.
استدعيت جذور القبيله الراسبه في الطبقات السفليه لعقلي وقلبي، وقلت له:
_خسا الذيب، شو الموضوع.
طبعا جماعة دبي والخليج ما بتّصلوا فيك بدّهم مصاري، بالعكس نحن إذا بنتصل فيهم بيكون بدنا دينه نكمَل سقف هالدار، نكمّل جيزة هالولد أو نسكر خازوق من الخوازيق الكثيرة في حياتنا.
قال:
_بدي عروس لنضال؛ دبرنّي.
أنا طول عمّري ماخذ موقف من هذا الموضوع، في الجيزه والجواز بخاف، شكّاك غير متأكد حتى لو كان الولد إبني والبنت بنتي. وماشي مع المثل اللّي بقول "إمشي في جنازه ولا تمشي في جوازه" بتردد في الحكم على الناس، وبخاف اعطي رأيي، اليوم صعب تعرف الناس كيف بتفكّر أو كيف تربَّت، حاولت أعتذر بطريقه لبقه، حاولت أتملّص من الموضوع، هو كمّان ذكرّني بطريقه لبقه بالدّينه اللّي عَلّي، فقبلت واضمرت في نفسي أنّي لو ببيع الدار، لو بوخذ قرض من الجامعه، لازم أسدد هالدينه اللّي صار إلها 7 سنوات وكاسره ظهري.
مرَّت صور بنات العيله، وصور بنات الجيران، وبنات الحاره، والعمارات والحارات اللّي جنبنا، وصور بنات الجامعه اللّي بعرفهم واللّي ما بعرفهم، وصور الممثلات الهنديات، والعربيات، بس في صوره وحده انطبعت في راسي بدون أي مقدمات ولا تبرير، وكانت نجاة..
نجاة طالبه عندي تخصص فيزياء، درّستها 4 مساقات، طوال الثلاث سنوات الماضيه، كانت لطيفه مؤدبه خلوقه طويله وجمالها متوسط.
اعتصرت كل خبرتي المتواضعه في النسوان وبنات الجامعه، استحضرت كل المواقف والمعارف وعلاقاتي الغراميه السابقه، وعلشان ما أندم على اختياري، صغت كل الموضوع على شكل السؤال التالي.
لو عندي ولد على وجه جيزه بختارها زوجه لأبني؟
تذكرت نضال وشخصية نضال وطباعه، وتذكرت نجاة وشخصيتها وعاداتها وأخلاقها، وكان الجواب نعم.
اتصلت في إبن عمي وصار الحكي يحضر هو ومرته وابنه يشوفوا نجاة.
بعدها صار النصيب ونضال كتب كتابه على نجاة، كانوا مبسوطين في بعض، وزي كل شب وصبيّه لمّا برتبطوا؛ نولدت أحلام جديده بتخصهم لوحدهم، اعتبروا إنهم مخلوقين لبعض، وانّه كل واحد اختصر العالم في شخص الثاني، وفي أسرع من قطار ياباني، أسرع من طلقة مسدس روسي حبّوا بعض وقبلو بعض، اللّي شافهم في الحفلة بقول بعرفوا بعض من 24 سنه رغم إنهم قبل 24 ساعة ما كانوا شايفين بعض.
كتبوا الكتاب، عملوا حفله في أفخم صالة أفراح في البلد، نضال كان جايب معه للتلبيسه من ذهب دبي، رقصوا حتى شبعوا، والجميع كان مبسوط في العروسين نجاة ونضال، وصار الحكي على الصيف وبعد ما تكون نجاة تخرجت من الجامعه، يتجوزوا وتسافر نجاة مع نضال على دبي.
بعدها أنا دوري انتهى، وما عدت أعرف شيء عن علاقتهم، بس تلفون إبن عمّي هشام فاجأني.
ما كان مرّ على كتب كتاب نجاة ونضال 4 أشهر، اتصل إبن عمّي هشام وقال بعد السلام والتحيه:
_شكله ما في نصيب للولد في البنت تاعتك.
في البدايه أنا فكرته بمزح.
ومن لهجته فهمت أنه الموضوع جدّي
_مثل ما عرّفتنا عليها، خلصنا منها.
طبعا أنا ما بدّي أخسر إبن عمّي وعلاقتي الطويله فيه، وكمان ما بدّي يزعل ويروح طالب الدينه تاعته، طلبت منه يهدّي حاله، وقلت له: خلينا نحكي مع الولد والبنت، يمكن يكون خلاف بسيط، كمان الشب والصبيه بعدهم صغار وعقولهم مش ناضجه، وكمان خلافاتهم سخيفه، ومثل ما بتيجي بتروح بسرعه.
بس إبن عمّي كان مصر إنّه ما في نصيب، لأنّه الولد ما عاد بدّه إياها، والخلاف بينهم وصل للحدود القصوى، وعرفت فيما بعد، أنها هي كمان ما عادت بدها إياه.
بسأل حالي كيف حكموا على بعض، وكيف عرفوا إنهم ما بناسبوا بعض، وهمّا ما عاشروا بعض، ولسّا ما اقتربوا من بعض ولمسوا ايدي بعض، يمكن لأنهم عرفوا بعض في العالم الإفتراضي على الفيس والوت أب وغيره علشان هيك صار اللّي صار.
وطبعا صار الحكي على الصيف بدل ما يتمموا الزواج يتمموا الطلاق.
صديقي وزميلي في الجامعه، الدكتور فهمي سليم، كان عنده تفسير أقنعني لمّا حكينا في الموضع قال:
_ شباب وبنات اليوم جميعهم تقريباً ممثلين قديرين، الصوره اللّي بتشوفها والشخصيه اللّي أمامك مش هي بالضبط الشخصيه الحقيقيه للبنت أو الشب، وأنه موضوع الزواج والإرتباط هاي الأيام صار أصعب من الصعود للمريخ.
أضفت لكلامه، لمّا كنا نحكي في الممر وقبل ما ندخل كل واحد على محاضرته، أنه أكثر شيء أصبح يشكل شخصية هذا الجيل هو التقليد، صاروا البنات يقلدوا معارفهم في كل شيء دون ما يحكّموا عقولهم، لدرجه أنه الجيل كلّه صاروا بشبهوا بعض إلى درجة الملل.
_ كلامك صحيح دكتور.
ردّ الدكتور فهمي سليم.
وأنا بدخل على المحاضرة شفت نجاة، وكأني بشوفها لأول مره.
لكن اقسمت على كتاب ربنا، لو إبني بدّه يتجوز ما نصحته بحدا.