الحدث- خاص
يطلق مؤتمر ماس الاقتصادي 2016 غدا الأربعاء، أجندة وبرنامج عمل سياسات اقتصادية واجتماعية من أربعة محاور تشمل: التحديات التي تواجه الاقتصاد ممثلة بالتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه النمو، وبيئة الأعمال والحوكمة الاقتصادية، والقطاعات الإنتاجية كالصناعة، والزراعة، والسياحة وبعض القطاعات الخدمية، والبنية التحتية والإسكان، وتحديد التدخلات لجعل هذه السياسات حقيقة واقعة عبر آليات وأدوات وبرامج مناسبة لتنفيذ تلك السياسات.
وتكشف "الحدث" خلال مقابلة حصرية مع الدكتور نبيل قسيس - مدير عام معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطينية (ماس)، عن تدخلات أساسية فارقة في قطاعات محددة على المديين القريب والمتوسط تتراوح ما بين حوالي 10 - 15 تدخلا أساسيا في المجالات الاستثمارية المتاحة التي يطرحها المؤتمر وتتركز في الصناعة، ومحطات لتوليد الكهرباء، وتحلية المياه، وبناء شبكة طرق، والعديد من الأمور التي قد يكون فيها استثمار ضخم في تطوير مجالات الزراعة، والسياحة.
وتأتي هذه المبادرة التي يقودها معهد (ماس) في ضوء الإجماع الوطني على فشل الأسواق المحلية في تلبية الاحتياجات المعيشية للعديد من الشرائح الاجتماعية المهمشة، وعلى التشوهات المزمنة في أداء الاقتصاد، وفشل اندماج الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإقليمي والعالمي بعد حوالي نصف قرن من الاحتلال.
وتستهدف الرؤية التي وصفت بأنها صحيحة لدور الاقتصاد في هذه المرحلة التي تعاني مشاكل ملحة قابلة للمعالجة في الظرف الراهن. لذلك فان المقاربات الوطنية التأسيسية للمؤتمر تجمع على التحديات الرئيسية التي تواجه نمو الاقتصاد الفلسطيني وظروف معيشة الإنسان الفلسطيني، والرؤية الفلسطينية لمجابهتها وتداعياتها الاجتماعية الأكثر إلحاحا. و يرون أنه بات من الممكن استكشاف أبرز ملامح هذه التحديات وصياغة الرؤى والسياسات والآليات الكفيلة بمعالجتها ضمن ما يمكن توفيره من كفاءات وموارد ومؤسسات عامة وخاصة وأهلية في شراكة الصمود والبناء الذاتي.
ويؤمل من المؤتمر الذي يأتي تحت شعار "نحو رؤية جديدة للنهوض بالاقتصاد الفلسطيني" أن لا يكون مثل المؤتمرات السابقة التي امتلأت بخلوات للشراكة بين القطاعين العام والخاص، أو بمؤتمرات استثمارية لم تحدث نهوضا اقتصاديا، ولا مئات أو آلاف من ورشات العمل التخصصية والبؤرية والقطاعية التي تبخرت نتائجها وانتهت توصياتها بانتهاء تلك الورشات على موائد تناول الطعام.
وفيما يلي نص المقابلة:
وضع اقتصادي رديء، واجتماعي ليس بأفضل حالاته
بعد أشهر من التحضيرات والإعدادات للمؤتمر الاقتصادي الفلسطيني، يعقد غدا الاربعاء المؤتمر، فما هي الرؤية الاقتصادية التي يطرحها معهد (ماس) من وراء هذا المؤتمر؟ وهل هي رؤية بعيدة أم قريبة المدى؟
في الواقع انطلاقنا من عقد مؤتمر(ماس) نابع من وضع اقتصادي رديء، ووضع اقتصادي اجتماعي ليس في أفضل حالاته، ومؤشرات ذلك نسبة البطالة والفقر المرتفعة والتفاوت في التنمية بين المناطق، هذه كلها أمور تستدعي القيام بشيء ما.
ورؤيتنا هي بكل بساطة محاولة القيام بشيء ما حيال تردي الوضع الاقتصادي وتفاقم الوضع الاجتماعي، وأيضا جزء من رؤيتنا أن نقوم بما يمكن القيام به على المديين القريب والمتوسط، وأساس هذه الـرؤية استهداف أمور قابلة للتنفيذ وتحدث فارقا في حياة الناس.
طبعا، هناك بعض الأمور لا يمكن ان تحدث فارقا سريعا، ولكن من المهم ان يكون هناك تحرك اتجاه ما يمكن ان يحدث فارقا على المديين القريب والمتوسط، وبالتالي يختلف هذا المؤتمر عن مؤتمرات او محاولات سابقة من قبيل الاقتصاد الفلسطيني 2030 او 2050، لكن نحن نبحث عن ما يمكن عمله من الآن حتى عام 2020 وما يمكن عمله قريبا جدا خلال سنة أو 3 – 5 سنوات.
محاور ومكونات الأجندة وبرامج العمل
ما هي أجندة البرنامج الوطني المنوي الإعلان عنها وما هي أولوياتها في المؤتمر؟
نحن لا ندعي كمعهد سياسيات اقتصادية انه يحق لنا أن نعلن برنامج له صفة البرنامج الوطني، هذا الموضوع من مهام الحكومة، ولكن نحن بادرنا كمعهد أبحاث متخصص لأن نجمع المعنيين جميعا حول برنامج عمل، وبالتالي كان لنا اتصال مع الحكومة والقطاع الخاص ومؤسساتهم والأكاديميين والباحثين، بهدف الخروج معا بما يمكن وصفه بأنه أجندة أو برنامج عمل، يوجد توافق عليه بحيث عندما نذهب إلى المؤتمر نكون هناك لإطلاق البرنامج وليس لبدء الحديث عنه، وبالتالي بدأنا التحضير منذ حوالي ستة "أشهر عقدنا خلالها أربع ندوات تحضيرية مكثفة شارك فيها مستويات متقدمة من صنع القرار على الصعيدين الحكومي والخاص وأيضا من الباحثين، وخرجنا من هذه الندوات المكثفة ببرنامج عمل طرحناه في ندوات متخصصة ضمن مجموعات بؤرية متخصصة أصغر لنحدد تماما وبدقة أكبر على الأقل الأمور التي يمكن عملها وتحدث الفارق الذي نتحدث عنه.
وتشكل مكونات الأجندة أربع محاور رئيسية: المحور الأول – وهو التحديات التي تواجه الاقتصاد ممثلة بالتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه النمو بشكل عام. وبحثنا عن الأمور التي يمكن ان نستهدفها في مواجهة هذه التحديات وما هي السياسات اللازمة ان كانت موجودة؟ وان كانت غير موجودة نقترحها لتحقيق هذه الأهداف، وإن كان لدينا السياسات فسيصبح السؤال ما هي الآليات والتدخلات اللازمة لتصبح هذه السياسات حقيقة لوضعها موضع التنفيذ؟.
والمحور الثاني –بيئة الأعمال والحوكمة الاقتصادية، وهنا أيضا هناك الكثير ما يمكن عمله، وطبعا تجنبنا الغوص في المعيق الرئيسي الذي نعرفه في النمو الاقتصادي والاجتماعي وهو الاحتلال. وبحثنا أكثر عن ما يمكن عمله نحن كفلسطينيين رغم الظروف السياسية السائدة، وايضا مهم القول هنا دون اعفاء الاحتلال والمجتمع الدولي من مسؤولياتهم اتجاه دولة ترزح تحت احتلال طويل.
لكن مع ذلك هناك ما نستطيع عمله، فما الذي يمكن ان نعمله من اجل تعزيز بيئة الأعمال وتطوير الحوكمة الاقتصادية، وهناك أيضا أهداف وسياسات لتحقيقها، وأيضا تدخلات لجعل هذه السياسات حقيقة واقعة.
ويتمثل المحور الثالث في القطاعات الانتاجية، والأهداف التي يمكن ان نستهدفها في مجال القطاعات الانتاجية صناعة، زراعة، سياحة بعض القطاعات الخدمية، وما هي السياسات الواجب اعتمادها ان لم تكن موجودة.
نحن نريد فقط أن نحصر هذه الأمور معا، ثم نسأل ما هي السياسات الإضافية التي يجب وضعها حيز التنفيذ، ومرة أخرى ما هي التدخلات الواجب تنفيذها من اجل تحقيق هذه السياسات.
أما المحور الرابع والأخير، فهو البنية التحتية والإسكان، هذه المحاور الأربعة التي لدينا وبمجملها معا تعطي أجندة.
توقعاتنا ليست كبيرة حتى يصبح معها إمكانية الفشل ملموسة
سبق وتم تنظيم عديد المؤتمرات الاقتصادية والاستثمارية، لكن في الواقع نتائجها مخيبة للآمال، هل تعلقون آمالا بأن يكون هذا المؤتمر بنتائجه يختلف عن سابقاته من حيث التنفيذ والتطبيق للأفكار الريادية والمشاريع التنموية لتكون قابلة للتطبيق فعليا ما بعد انتهاء المؤتمر ام سيكون مثله مثل سابقاته من المؤتمرات؟
لا أريد أن أحكم بطريقة سلبية على مؤتمرات سابقة، لكن هذا المؤتمر الذي نتحدث عنه ليس مؤتمرا استثماريا، ولكن ممكن أن يخرج عنه أفكار للاستثمار وهذا متوقع، نحن نبحث عن تفعيل شراكة بين القطاعين العام والخاص، والشراكة بتعريفها يجب أن يكون الطرفان مهتمان بها.
ومن تحضيرنا لهذا المؤتمر لمسنا اهتماما كبيرا بتطوير الشراكة والعمل المشترك بين القطاعات المعنية بما فيه القطاع الأهلي، ولمسنا اهتماما كبيرا من الجميع، وبالتالي نحن لدينا أمل أن يعطي هذا المؤتمر نتائج جيدة وان ينجح.
وفي نفس الوقت نحن لم نرفع سقف توقعاتنا إلى درجة كبيرة تصبح معها إمكانية الفشل ملموسة، جعلنا توقعاتنا واقعية، ليست منخفضة، لكنها واقعية بحيث تكون امكانيات النجاح أكبر، كل ما طرحناه سألنا أنفسنا عن قابلية تحققه؟ وإن لم يكن قابلا للتحقيق على المدى المتوسط نضعه جانبا ولكن ليس إلى الأبد.
وما اتفقنا على انه قابل للتحقيق، أبقينا عليه وبحثنا عن سبل تحقيقه وان وجدنا السبل نكون قد وصلنا الى الطريقة التي نستطيع بها تحقيق هذا الهدف والأمل بالنجاح يكون هنا أكبر. هذه الطريقة التي اتبعناها.
المؤتمرات الأخرى كمعهد ابحاث سياسات اقتصادية، شاركنا منذ انشاء المعهد في عام 94 في العديد من المؤتمرات الاقتصادية، كان فيها الكثير من التشخيص، برؤية بعيدة المدى، ولكن نحن رؤيتنا بعيدة المدى هي دولة مستقلة واقتصاد قابل لتحقيق ذاته وقدراته الكامنة، ولا مجال لتغييرها.
وعندما نقول انه في سنة 95 كان هناك مؤتمر اقتصادي، وضع رؤية ولم تنجح أو أنه لم يحقق رؤيته، هذا لأننا ما زلنا نرزح تحت الاحتلال بعد 20 سنة من مخرجات ذاك المؤتمر. لا نقبل بالاحتلال كأمر واقع، ولكننا نتعامل مع ما هو قائم، وبالتالي امكانيات النجاح هي واقعية أكثر، وأؤكد مرة أخرى بأن التوقعات التي وضعناها منخفضة ولأنها واقعية فإنها قابلة للتحقيق.
هكذا أقارن هذا المؤتمر بأي مؤتمر آخر، سوف نبتعد في هذا المؤتمر تماما عن التشخيص والتحليل، وستكون جميع التدخلات التي نضعها ونطرحها من على المنصة هي تدخلات لتحقيق أهداف محددة.
تمويله من القطاع الخاص الفلسطيني بالكامل
من هم شركاء معهد(ماس) وما هو دور كل واحد منهم؟
الجميع شركاء. فالحكومة شريكة بمعنى نسقنا مع رئاسة الوزراء ودولة رئيس الوزراء منذ البدء، نحن قمنا باطلاعه على ما نريد عمله، وكان هناك تشجيع ومؤازرة وحث لدى الأجهزة الحكومية للمشاركة في النشاطات التي قمنا بها. ثم كان هناك اهتمام من مؤسسات الدولة الاقتصادية وهم أيضا شركاء.
ثم هناك القطاع الخاص، وهو منذ البداية كان مهتما بالاتصال بنا، ويتفق الجميع على أنه حان الوقت لعمل شيء ما، فهل (ماس) مستعد؟ نحن مستعدون دائما، وكان هناك اهتمام بالتمويل من القطاع الخاص، هذا مؤتمر عقد بتمويل من القطاع الخاص الفلسطيني بالكامل. فشركاؤنا في الحكومة والقطاع الخاص ومؤسساته وايضا جميع المؤسسات الاقتصادية للدولة غير الحكومية، كسلطة النقد جهاز الإحصاء المركزي، هيئة سوق رأس المال، الصناديق العربية والاسلامية، صندوق الاستثمار الفلسطيني، وهيئة تشجيع الاستثمار.
ثم هناك الأكاديميين الذين شاركونا بالعمل، جميع هؤلاء سيكونوا موجودين على المنصة بطريقة أو بأخرى في تقديم وطرح الحلول والتدخلات اللازمة، وبالتالي بشراكة الجميع والكل له دوره، سواء كان في الندوات التحضيرية الأربعة أو في المجموعات البؤرية الاربعة التي عقدت للوصول الى ما سوف يطرح في المؤتمر يوم المؤتمر.
لجنة متابعة مشتركة لتنفيذ التدخلات والقرارات
هل سيكون هذا الجسم مجلسا أم لجنة؟ ومن الذي سيترأسها؟
مع أن رئيس الوزراء أعلن في مقابلته الحصرية لـ "الحدث"، أنه (...سيكون هناك لجنة متابعة من القطاع الخاص والحكومة لتنفيذ كافة توصيات ومخرجات المؤتمر...) الا أن د. قسيس قال:
سأترك هذا الموضوع لرئيس الوزراء لطرحه فهو الذي سيطرحه، وموضوع رئاسة مثل هذه المجالس هي تكليف وعمل ولا اعتقد أن هذا الموضوع شائك التعقيد، لكنه مهم للتنظيم ولكن ليس لإطلاق العملية، ومرة أخرى أترك هذا لرئيس الوزراء، ونحن في هذا الوقت من الأفضل ان لا نسأل أنفسنا عن ما هو الموقع الذي سأشغله ولكن من المفترض أن أركز ماذا يمكن أن أفعله من الموقع الذي أشغله.
يؤسس لقاعدة استثمارية ويشكل محطة جذب لرأس المال
هل من الممكن أن يبني المؤتمر سياسات اقتصادية لقطاعات مختلفة، وهل يمكنه أن يؤسس لقاعدة استثمارية وأن يشكل محطة جذب لرأس المال الفلسطيني المهاجر والعربي؟
نعم، هناك طروحات محددة اذا تم التجاوب معها وايجاد الالية لتنفيذها سيكون هناك مجال لاجتذاب أموال فلسطينية وغير فلسطينية أيضا من أجل الاستثمار، هناك العديد من المشاريع التي تحتاج إلى تنفيذ والتي قد يمكن تنفيذها رغم وجود الاحتلال.
والمجالات الاستثمارية المتاحة في محطات لتوليد الكهرباء، وتحلية المياه، وبناء شبكة طرق، والعديد من الأمور التي قد يكون فيها استثمار ضخم في تطوير مجالات الزراعة وغيرها.
ونأمل أن يؤدي المؤتمر إلى وجود اهتمام من قبل المستثمرين، وبالمقابل ما هي ضمانات الاستثمار تحت الاحتلال يقولون رأس المال جبان ويحتاج إلى ضمانات لسبل تقليل المخاطر التي يمكن وضعها حيز التنفيذ من اجل تطمين المستثمرين.
هذا السؤال الأبدي مطروح دائما، ولكن بالنظر الى قصص النجاح والنقاط المضيئة والتي يجب الاقتداء بها مثل مشروع بيت لحم 2000 الذي استثمر فيه 200 مليون دولار خلال سنتين في منطقة عدد سكانها 60 الف نسمة. واصبحت البنية التحتية مناسبة لصناعة سياحة متقدمة. وهناك مدن وضواحٍ تبنى وهناك الحاجة إلى المزيد من الاستثمار. والقطاع المصرفي يستطيع أن يعمل المزيد في هذا المجال لاجتذاب الاستثمارات.
تدخلات ومحطات فارقة في قطاعات محددة
ما هي توقعاتكم حول مخرجات المؤتمر؟ هل هناك توجه معين من القطاعين العام والخاص للتركيز على قطاعات اقتصادية معينة دون غيرها؟
من الصعب التركيز على جميع القطاعات الاقتصادية مرة واحدة، حتى في النظرية الاقتصادية فانها تستهدف قطاعات قليلة تحمل الاقتصاد او قادرة على حمل الاقتصاد والنهوض به، وهذا ما سنسعى اليه في مجال القطاعات الانتاجية "زراعة، صناعة، وسياحة" وهناك أيضا ما يمكن عمله في قطاع الخدمات، والبنية التحتية وبيئة الأعمال الضرورية لتحفيز المستثمرين، هذه تتكامل مع بعضها البعض.
سيتم التركيز على قطاعات محددة ونطرح السبل لذلك وبعضها سبل واضحة ولن نذهب الى المجتمع بأجندة من مئة عنوان للتدخل ولكن سيكون هناك تدخلات فارقة وهي تدخلات تم التعرف عليها من خلال المشاركة الواسعة وفيها نوع من التوافق لأنها أمر هام سنبرزه.
فإذا كان لدينا عدد من التدخلات الأساسية على المديين القريب والمتوسط حوالي 10 إلى 15 تدخلا أساسي هاما يعمل فارق سيكون جيد جدا. وهناك تدخلات طفيفة كثيرة يمكن عملها تأخذ مداها ويمكن الحديث عنها بصوت واحد، ولكن هذه لن نتطرق لها مع أننا سنأتي على ذكرها، ولكن سنذكر عددا محدودا جدا من المحطات الفارقة في خطة العمل التي سنطرحها للتبني والاعتماد عليها.
خطة تعرف أولي على الجهة المسؤولة عن التنفيذ بتوزيع الأفكار والمشاريع على جهات الاختصاص
تحدثتم عن وجود خطة فما هي محاور هذه الخطة؟
ليس لدينا خطة بالمعنى الشامل، لدينا خطة تعرف أولي على الجهة التي ستكون مسؤولة عن التنفيذ بتوزيع الأفكار والمشاريع على جهات الاختصاص الحكومية والقطاع الخاص وأيضا الجهة المشاركة في تحمل المسؤولية من قبيل آلية المسؤولية المشتركة والذي يمكن عمله بين الوزارة المختصة وجهة الاختصاص في القطاع الخاص.
نحن نضع الهدف والسياسات ونطرح الآليات والإطار الزمني للتنفيذ والجهة التي نعتقد انها من الافضل ان تكون المسؤولة والمتابعة وايضا الجهة التي يجب أن تكون مشاركة. من هناك فصاعدا يجب وضع خطط تفصيلية.
في الأمور التي تحتاج إلى تنفيذ سريع لا تحتاج إلى خطط كبيرة، هناك أمور في موضوع الحوكمة تحتاج إلى قرار وإرادة سياسية ولا تحتاج إلى تخطيط كبير، هناك أمور تحتاج إلى تخطيط ويمكن عمل التخطيط للتنفيذ على المدى القريب ليكون التنفيذ على المدى المتوسط فأي مشروع اقتصادي ضخم يمكن وضع خطته حالا مع أن التنفيذ قد يأخذ مدى متوسطا.
محفزات قانونية ومحاكم تخصصية
هل سيناقش ويطرح المؤتمر محفزات قانونية؟
سيطرح المؤتمر محفزات قانونية في مجالات معينة فنحن بحاجة إلى محاكم متخصصة، سنطرح محاكم متخصصة في التأمين، فهناك حاجة لوجود محاكم تبت بمسائل التأمين، هناك امور من هذا القبيل ممكن طرحها وتقريبا مسلم بها فهي واقعية ومقبولة، والتنفيذ يحتاج الى مخطط للتنفيذ ومتابعته وهذا سيكون من مهام الجهة المسؤولة ويتم الاتفاق على آلية متابعة الأمر، قطاع التأمين مثلا، هو قطاع قابل للتطوير، وأحد الحلول العامة وجود محاكم متخصصة في مجال التأمين وكذلك في مجال الأراضي وغيرها.
خارطة طريق قادرة على قياس التقدم في التنفيذ ولا نريد قتل المشروع أو الفكرة بآليات
تحدثتم عن شراكة، وعن محفزات وعن تنفيذ، لكن من الواضح لغاية الآن أنه لا يوجد هناك اتفاق حول آلية محددة للتنفيذ ومتابعة مخرجات المؤتمر؟ والتجربة تدلل أن الكثير من نتائج وتوصيات ومقترحات المؤتمرات وورشات العمل السابقة لم تجد طريقها للنور وانتهت بانتهاء المؤتمر؟
اذا اتفقنا حول فكرة ومشروع ما، فإن بعض الأمور معقدة وبعضها بسيط جدا، لا أريد أن أسهل أو أتفه بعض الأمور الصعبة، لكن إذا وجدت الإرادة فالالية ليست مشكلة، في كثير من الأمور تستخدم الآلية أحيانا لتصعيب وتعقيد الأمور، بالعادة الآلية تحتاج إلى مخطط يضع الخطوات في خارطة طريق قادرة على قياس التقدم في التنفيذ او تعديل المسار عند الحاجة لتقدم على ما يليها من خطوات في الأمور بعيدة المدى.
نحن إذا أخذنا القرار والأهم هو اتخاذ القرار ودعمه بالإرادة، أن أخذناه لعمل شيء ما وكان لدينا المعطيات الكافية لكي نحكم أن هذا قابلا للتنفيذ، فالآلية شيء بسيط جدا وبرنامج عمل يضعه المنفذون المؤهلون.
لا نريد قتل المشروع والفكرة بآليات، الآلية تتمثل بوجود طريق وقيادة، وكل يعمل في موقعه، وإن وجد الهدف المشترك والقناعة والمثابرة والالتزام بأهمية الوصول إلى الهدف تصبح تفاصيل الآلية قابلة للتعامل معها كأي مشروع تم عمله في فلسطين ونفذ. نحن نحتاج إلى القرار ومن هو قادر على تنفيذ الفكرة.
إرادة حكومية وجدية في التنفيذ
هل الإرادة متوفرة لدى الحكومة؟
أعتقد أن الإرادة متوفرة لدى الحكومة فمن حديثي مع رئيس الوزراء هناك نظرة ايجابية جدا فالارادة موجودة، والتحفيز الذي شعرت به لعقد المؤتمر يعني بان هناك جدية كفيلة بتطمينا بالنسبة للتنفيذ، مع اعترافي ان التنفيذ لا يحتاج الى أكثر من طرف دائما، هناك حاجة للتنسيق والتشاور بحيث يصل في نهاية المطاف الى قرار قابل للتنفيذ، وهناك عمل ضروري ودائما هناك حاجة للعمل المشترك الجماعي ضمن الفريق مهما كان القرار الذي تم اتخاذه.
آن الآوان للتدخل لإحداث فارق جوهري في الوضعين الاقتصادي والاجتماعي
ما أهمية انعقاد المؤتمر في المرحلة الحالية، آخذين بالاعتبار الوضع السياسي والاقتصادي؟
بالنظر إلى الوضع الاقتصادي في السنوات الثلاث الأخيرة كان هناك اجماع على تراجعه، فالبطالة متفاقمة والفقر أصبح قضية مستعصية ومع وجود البطالة من الصعب معالجة الفقر معالجة جذرية، وهناك تراجع أيضا في المعونات الدولية للسلطة الوطنية وللخزينة الفلسطينية، وهناك وضع سياسي في المنطقة غير واعد بوجود حلول قريبة.
هذا كله مع بعضه البعض اعطى الاشارة أنه آن الوقت لأن نقوم بشيء جدي أو أكثر جدية بحيث نستهدف النجاح بشكل أقوى، وعندما تحدثت كمدير لمعهد (ماس) مع جميع الجهات التي كان يجب أن أتحدث معها قبل الدخول في مثل هذا المشروع الهام كان الجواب دائما نعم أن هذا وقته وقد آن الآوان وهو الوقت المناسب لعمل شيء ما.
لم اجد شخصا يقول لي انه ليس الوقت الملائم وللحقيقة لم أسمع مباشرة أحد يقول لي ولكن كان هناك مؤتمرات في الماضي وهل هذا ثمة مؤتمر آخر؟ .
المحاولات السابقة فشلت لظروف موضوعية
المعهد سبق وشهد اجتماعات وقاد حوارات اقتصادية ووطنية أفضت الى الفشل بين القطاعين العام والخاص، والمعهد حاول خلق شراكة حقيقية لكن الجهود كلها باءت بالفشل؟
حينما طلب من المعهد ان يلعب دور الميسر والمسهل لهذا الحوار، نأمل ان نقوم به بشكل جيد، فاحيانا الوضع صعب يمكن عمل المزيد لتيسيير علاقة الشراكة بين الجهات التي لديها ما تبحثه.
هل المعهد سيتجاوز العقبات التي أدت إلى إفشال الحوارات السابقة؟
لا استطيع ان أقول هناك محاولات لافشال، وانما الامور فشلت لأن هناك ظروف موضوعية فعندما كان هناك نقاشات معمقة حول موضوع تعديل قانون الضريبة، حاولت حينما اصبحت وزيرا للمالية حيز للتنفيذ للامور التي وجدت ان هناك اتفاق عليها، وعملت ما استطيعه كوزير مالية ضمن حدود صلاحياتي، ولكن هناك دائما اعتبارات أخرى، فالموضوع ليس اكاديميا بحتا، لاعتبارات اضافية وليست فوقية، وقد تكون اعتبارات عملية في التنفيذ، هناك اتفاق على انه يجب توسيع القاعدة الضريبية، انا شخصيا كنت دائما من دعاة توسيع ثقافة دفع الضريبة. من منطلق الحس بالمواطنة والرغبة بالمشاركة.
شركاء في وضع وتنفيذ أجندة التنمية الفلسطينية
كان هناك خلوات ومؤتمرات خاصة بالشراكة ما بين القطاعين العام والخاص، في هذا المضمار، كيف تتصور الشراكة ما بين القطاعين في مخرجات هذا المؤتمر؟
احد الامور التي طرحت في الجلسات التي كانت مغلقة، موضوع الشراكة ما بين القطاعين الخاص والعام، وهو مطروح كآلية أساسية في انجاح المؤتمر، هي ليست هدفا وانما هي آلية، وبالتالي كان هناك تساؤل عن كيفية شراكة القطاعين الخاص والعام، وطرح وجود جسم تنسيقي نحن نترك هذا الموضوع لرئيس الوزراء لطرحه، لكن كان هناك قبول لهذه الفكرة، طرحت من قبل الطرفين حسب المعلومات الموثوقة لدي ان رئيس الوزراء مهتم جدا بايجاد جسم يخاطب هذا المطلب بطريقة عملية بحيث لا تكون مجرد شعار وانما تكون طريقة عمل في المستقبل بتعاضد الجانبين وبمشاركتهما واهتمامهما لا يوجد شراكة من طرف واحد.
النية موجودة والالية موجودة ومقترحة، بعض التفاصيل سيتم بحثها في مرحلة معينة ولكن التوجه هو لوجود ما يمكن ان يجعل القطاعين الخاص والعام شركاء اضافة للمجتمع المدني، شركاء في وضع أجندة التنمية الفلسطينية وتنفيذها.
لا وجود اجنبي على منصة المؤتمر والتحضيرات كلها فلسطينية
هل سيكون هناك حضور ومشاركة أجنبية ودور داعم مالي لهم؟
لا، الحضور الأجنبي في المؤتمر سيكون للاستماع، وليس هناك على المنصة اي جهات غير فلسطينية، وهذا ليس موقفا، قد يكون لهم دور داعم مالي ولكن نحن لم نطلب منهم، وعندما قمنا بالتحضير كانت كلها فلسطينية صرفة، لنبحث الموضوع بين بعضنا البعض ونتوصل لقناعات فيما بيننا، وأن لا نكون متأثرين بما يمكن أن يسمى أجندات أو وجهات نظر غير فلسطينية.
وهمنا إيجاد فرص عمل لاستيعاب العمالة المتزايدة وتأهيل العاملين لكي يجدوا العمل حيث تتوفر فرص العمل في فلسطين وفي اماكن أخرى اذا تيسر ذلك.
نتحدث من وجهة نظرنا عن دور المجتمع الدولي في دعم دولة تحت الاحتلال نظرا لمسؤولياتهم، نحن نتحدث داخليا ونبحث عن حلول قادرين على تنفيذها بدون ان يكون مسلط على رقابنا سطوة الممول واجنداته، نحن دعونا جميع المؤسسات الدولية الموجودة في الوطن للحضور.
مجالات لخلق فرص عمل
نحتاج الى العرض والطلب في مجال العمل، والانتاج والتوزيع في مجال الدخل
في اطار تحضيراتكم ونقاشاتكم ودراساتكم التي حصلت ضمن 8 جلسات، هل درستم كم يمكن استحداث وخلق فرص عمل ما بعد المؤتمر وكم حجم المشاريع التي يمكن تنفيذها وحجم فرص العمل التي تتيحها ؟
كل المواضيع الاقتصادية التي طرحناها سواء كانت تحسين بيئة الاعمال، او تطوير الانتاج او تحديث وتطوير البنية التحتية، كلها مجالات ان تم تفعيلها وزيادة الاستثمار فيها، فهي مجالات لخلق فرص عمل، ولكن عندما نتحدث عن التشغيل لا نتحدث فقط عن الطلب، وانما نتحدث ايضا عن العرض، هل لدينا الأشخاص المؤهلين لإشغال هذه الوظائف التي ستنتج نتيجة تطوير القطاعات الانتاجية؟
أحد الصناعيين قال لنا: انا بحاجة الى عمال بتأهيل معين ولكن لا أجدهم، فليس فقط هناك من يبحثون عن فرص عمل للعمل، ولكن هناك من يبحثون عن عاملين مؤهلين، وهنا حاجة كبيرة لاعادة النظر في المسار التعليمي الذي دأبنا عليه، حيث يجب ايجاد مسارات اخرى للتعليم بجانب التعليم الاكاديمي، فالدول التي تنهض باقتصادياتها لديها مسارات غير المسار الاكاديمي ولا تستطيع ان تبني اقتصادها فقط باشخاص مؤهلين اكاديميا، وانما تحتاج الى اشخاص مؤهلين فنيا ومهنيا وتقنيا، وهذا موضوع لا يأخذ نصيبه من الاهتمام.
يجب فتح مجال لتحقيق الذات في مجالات اخرى، ونحن نفتقد الى عمالة ماهرة بالقدر الكافي وفي قطاعات بسيطة بحيث تزيد انتاجية، وهذا مع بعضه يقود للنهوض بالاقتصاد نظريا على الاقل، فنحن نحتاج الى العرض والطلب في مجال العمل، والانتاج والتوزيع في مجال الدخل ايضا.