بداية، وقبل وضع ملاحظاتنا في "الحدث" بشأن مؤتمر ماس الذي يبدأ يوم غدٍ، نود التأكيد أننا على قناعة بوجود إرادة جدية ونية حقيقية لدى القائمين عليه لإنجاحه، لكن تلك القناعة لا تحول دون توجيه بعض الملاحظات بهذا الخصوص:
أولاً: كنا في "الحدث" نتابع ومن بعيد، لكن باهتمام، مجريات ومخرجات الندوات واللقاءات التي كان يجريها معهد "ماس" طوال الأشهر الستة الماضية تحضيراً للمؤتمر، وكنا نكتفي بنشر البيانات الصحفية التي كانت تصدر عن المعهد إثر كل لقاء. وكنا حقيقةً معنيين بعدم المشاركة في الجلسات الحوارية، التي دُعينا لها، لأسباب نشرحها بعد أن نوجه الشكر لمعهد "ماس" على دعوته لنا لنكون جزءاً من هذه اللقاءات، وما شكرنا لهم إلا احتراماً وتقديراً لعملهم وجهدهم المتواصل لإخراج هذا المؤتمر إلى حيز الوجود بدءاً من د. نبيل قسيس ود. رجا الخالدي، وحتى كل فرد من أفراد الطاقم التحضيري للمؤتمر. غير أن قصدنا من وراء عدم المشاركة لا يحملُ سوءا بقدر ما يحملُ رغبةً منا بأن نكون بعيدين عن دائرة التأثرُ المهني والعاطفي، فيكون لنا في "الحدث" حكمنا المنطقي على المخرجات المتوقعة من هذا المؤتمر، وعلى إمكانيات تطبيقها، فلا نتحمل الوزر الأخلاقي بأن نكون جزءا من الإعداد للمؤتمر ومن ثم نكون من ضمن الجهات التي توجه النقد له، لأن عملنا كما نراه في "الحدث" نقدي لغايات التصويب.
ثانياً: يُحسبُ للقائمين على المؤتمر تلك المهارةُ والمقدرة على جمع كل تلك الأطياف الاقتصادية على اختلاف مشاربها، رغم علمهم بالتوازنات والمعادلات الاقتصادية التي تحكم علاقات تلك النخب في فلسطين، فهذه المهارة الفريدةُ تحسبُ لهم، لو أنهم لم يغفلوا غزة، والتي نوضح رأينا في الأمر في البند ثالثاً.
ثالثاً: يحسبُ ضد القائمين على المؤتمر إغفالهم غزة، ولا أعتقد أن الإشارات الدبلوماسية الخفيفة بإلقاء اللوم على واقع الحال السياسي تمثلُ مبررا لتجاهل الواقع الاقتصادي المعاش في القطاع، كنا في "الحدث" سنأخذ المؤتمر على نحو أكثر إيجابية، لو كان القائمون عليه أكثر جرأة بإعلانهم أن الظرف السياسي المتمثل في الانقسام يحول بينهم وبين جعل غزة جزءاً أساسيا من هذا المؤتمر. هذه المصارحة إلى جانب الوقوف على حقيقة أنهم يناقشون آليات تطوير الاقتصاد في الضفة بحسب مواضيع الجلسات الواردة في المؤتمر ستكون متوائمةً مع ما قاله لنا د. نبيل قسيس في مقابلته المنشورة اليوم في "الحدث"، بأنهم لا يريدون رفع سقف التوقعات دون وجود آليات حقيقية للتطبيق، فليس مطلوباً من القائمين على المؤتمر أن يكونوا ملكيين أكثر من الملك، ففي كلتا الحالتين كان سيوجه لهم اللوم وتحديداً من الاقتصاديين في قطاع غزة وهو ما رصدته "الحدث" في تقرير تنشره في هذه التغطية التي نفردها للمؤتمر، فبرنامج المؤتمر لا يتواءم مع التصريحات ومع العنوان العريض له، وما ضير أن يكون المؤتمر عن الضفة وحدها، فالمزايدات ضد الانقسام وأجنداته لن تتوقف.
رابعاً: لنا في "الحدث" ملاحظة بشأن اختيار المتحدثين، فمن الأسماء المشاركة أسماء من النخبة الاقتصادية التي تسيطر على مفاصل الاقتصاد، وهي النخبة الأكثرُ استفادةً من بقائه على حاله، وستكون تلك هي النخبة المستفيدةُ من أي منفذٍ جديد يتم فتحه، ما لم تكن هنالك طرقٌ لمعالجة سياسات الاحتكار والهيمنة على الاقتصاد الوطني، التي من المتفرض أن تكون إحدى محاور النقاشات والجلسات.
خامساً: يبدو واضحاً أن بعض الأسماء المشاركة فرضتها أجندات تمويل المؤتمر، أو التوازنات السياسية الحالية، وبعض الأسماء الهامة غابت لنفس الأسباب.
سادساً: كان من المفترض أن يكون للشباب حضور على منصة المتحدثين، فهل غابوا أم غيبوا؟
سابعاً: المزاعم التي تقول بأن الاقتصاد الفلسطيني يقوم في أكثر من 90% منه على المشاريع الصغيرة والمتوسطة، من يتحدث باسم أولئك القائمين على تلك المشاريع، ومن يطرح مشكلاتهم، التي يواجهونها بسبب بعض الجهات المشاركة في المؤتمر؟
ثامناً: كنا نتطلع لأن يكون د. رجا الخالدي، من ضمن المتحدثين رغم علمنا بحجم مهامهه التنسيقة إعداداً لهذا المؤتمر.