الحدث- غزة
قد يبدو ضربًا من الخيال ما يتمناه المدون الفلسطيني هشام ساق الله (51 عاما)، أن يخرج "هارد ديسك" يملكه، من تحت أنقاض منزله "سليما معافى"، إلا أن أمله في تحقيق أمنيته لا يفارقه البتة.
فداخل وحدة التخزين الإلكترونية تلك، يحتفظ "ساق الله" بأرشيف كلمات دَونها وكُتب وأعمال أخرى جمعها عبر سنوات عمره، اغتالتها الطائرات الإسرائيلية، في ثوانٍ، أثناء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، والتي دامت لـ 51 يومًا.
وأمام برج "الظافر 4"، الذي تحولت طوابقه الـ 13 إلى ركام، وقف "ساق الله"، حيث كانت شقته هناك يومًا ما، ينظر بحزن إلى أكوام الحجارة، حيث يستقر في مكان ما أسفلها، كلماته التي وصفها بـ "الأغلى من بيته الفقيد".
الرجل بدأ مسيرته في التدوين الإلكتروني قبل ثلاث سنوات؛ حيث اتخذ من مدونته "مشاغبات هشام ساق الله" منبرًا يفرغ فيه رغبته وطاقته في الكتابة، ويعبر من خلالها عن طموحه وآماله وانتقاداته للواقع، وكتابة كل ما يهم الناس، كما يقول لوكالة الأناضول.
"ساق الله"، الذي يعاني من إعاقة في قدميه منذ صغره، أضاف: "أكثر ما آلمني في تدمير البرج، فقداني لأرشيف كتاباتي وأعمالي ومعلومات احتفظت بها منذ سنوات، ما زلت أرجو أن أجدها يومًا، فهي بالنسبة لي أغلى ما أملك".
ويدون الأب لثلاثة أبناء، كتاباته تحت مختلف الجوانب، وتشهد مدونته في كل يوم إضافة 4 مواضيع مختلفة، على أقل تقدير، يعالج فيها عدة قضايا، وفق قوله.
وكانت أزمة الكهرباء في غزة أكثر ما يعيق نشاط ساق الله في التدوين بسبب انقطاعها لفترات طويلة.
ويقطن المدون المنتمي لحركة التحرير الفلسطيني (فتح)، في منزل شقيقته إلى أن يتمكن من شراء أو استئجار بيت جديد، حسب قوله.
ويعترف بوجود حرية في تدوين ما يريد، دون فرض قيود من الجهات الحكومية عليه، رغم انتقاد كلماته الواضح والمباشر لعدة جهات رسمية وغير رسمية.
ويقول: "لكن تعرضت للكثير من التهديد، والمضايقات والمراجعات ليس في الجوانب السياسية، إنما من قبل الشخصيات والجهات الخاصة غير الرسمية التي انتقدها، وما أكتبه تسبب في خسارتي لعلاقات عديدة، وحولت مقالاتي النقد إلى خلاف شخصي".
ويصف "ساق الله" التدوين في غزة بـ "الضعيف"، الذي لا يلقى اهتماما، مضيفًا "أتمنى أن يهتم مجتمعنا بالتدوين وينظر إليه بعين الأهمية فهو أداة مهمة في تقويم العديد من الأخطاء والعادات الخاطئة؛ فجميعنا يريد الرفعة لوطنه".
وأنهى المدون دراسته الجامعية من قسم المحاسبة في الجامعة الإسلامية بغزة، وانتمى لحركة "فتح" أثناء دراسته الجامعية.
ويقول: "بدأت تظهر لدي بوادر الكتابة الصحفية خلال الفترة الجامعية، ومع بداية الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، كان هناك عجز كبير في عدد الصحفيين في غزة، فالتحقت بركب الصحافة وكانت تلك البداية".
وخلال الفترة بين عامي 2005 و2010 وقبل بدء رحلته في التدوين، كان "ساق الله" يصدر نشرة إلكترونية يومية تحمل اسم "الراصد".
ولفت إلى أنه كان يعمل 14 ساعة يوميًا، ليصدر النشرة الإلكترونية، التي تهتم بقضايا فلسطين والشرق الأوسط.
"الراصد" التي لاقت قبولا كبيرًا، وفق قوله، كانت توزع عند منتصف الليل عبر عناوين البريد الإلكتروني لـ 10 آلاف مشترك، دون مقابل مادي، ما بين مراكز حقوق إنسان وتنظيمات فلسطينية ومؤسسات و باحثين وكل مهتم.
ويقول: "سأبقى أمارس قناعاتي وأكتب الذي أريد، وأنتقد بشكل بناء كل ما يحتاج إلى تقويم، مهما تعرضت لانتقادات، إلى أن أحقق الهدف من كتاباتي، فالتغير يحتاج إلى نقد".
(المصدر:وكالة الأناضول)