الحدث- غزة
لم يكد الصياد الفلسطيني محيي الدين كُلَّاب (46 عاما) يقترب بقاربه من تلك العلامات المضيئة، التابعة لقوات البحرية الإسرائيلية على بعد 6 أميال من سواحل قطاع غزة، حتى توقّف زورق إسرائيلي على بعد أمتار قليلة منه، وتردد صوت أحد الجنود على متنه، بلغة عربية ركيكة، وبنبرة تهديد يطلب إيقاف المركب والتراجع.
وما أن أبدى الصياد كلاب رفضه لمطلب الجندي الإسرائيلي، لأنه لا زال لم يتخط مسافة الستة أميال بحرية المسموح بعمل الصيادين فيها، حتى فتح الزورق الإسرائيلي نيران أسلحته بالقرب من القارب الذي يحمل على متنه 5 صيادين.
ويضيف كُلَّاب الذي يقول إنه نجا بأعجوبة من حادثة إطلاق النار:"اضطررت لإيقاف المركب بعد إطلاق النار تجاهه خشية على حياة الصيادين الذين على متنه، وفور توقفه طلب ضباط البحرية الإسرائيلية من الصيادين الخمسة خلع ملابسهم، والسباحة نحو الأسطول البحري العسكري الإسرائيلية".
وبعد دقائق، اقترب الزورق الإسرائيلي، وقام بعملية إنزال لجنوده على متن القارب، لتفتيشه، ومن ثم مصادرته مع كافة معدات الصيد، ونقله إلى ميناء "أسدود" العسكري الإسرائيلي، الواقع شمال قطاع غزة، كما تم اعتقال الصيادين، وإخضاعهم للتحقيق العسكري.
ويقول الصياد كُلَّاب: "هذا الأمر لم يحدث معنا مسبقاً، فقد كنا قبل توقيع اتفاق التهدئة الأخير، نعمل بشكل أكثر حرية ولم يتم اعتقالنا أو توقيفنا أو مصادرة معداتنا، واليوم تحت ذريعة اختراق اتفاق التهدئة، اعتقلتنا البحرية الإسرائيلية".
ومضى يقول:" العلامات التي يضعها الجيش الإسرائيلي تكون داخل مسافة تقل عن 6 أميال بحرية لذلك ربما يتجاوزها بعض الصيادين".
وفي السياق، قال محمد أبو عودة، أحد الصيادين الذين كانوا على متن المركب الذي تم مصادرته، وخضع للتحقيق العسكري في ميناء أسدود الإسرائيلي:" اقتادونا نحو ميناءهم العسكري، دون الحديث حول أسباب الاعتقال، فقط أخبرونا أننا تجاوزنا الحد المسموح به وهو (6) أميال بحرية".
واستكمل قائلاً:" نحن لم نتجاوز تلك الحدود، وقفنا عند العلامات التي وضعتها البحرية الإسرائيلية، ورمينا شباك الصيد في البحر لتجمّع الأسماك، لكن بعد مرور دقائق محدودة حصل ما حصل وتم اعتقالنا جميعاً".
وذكر أنه في غرفة التحقيق الإسرائيلية، خضع جميع الصيادين الخمسة، لتحقيق ضباط إسرائيليين عسكريين، إذ ركّزوا في تحقيقهم على أسباب اختراقهم لشروط "الهدنة"، التي أكّد أبو عودة أنها لم تحصل.
ولفت إلى أن البحرية الإسرائيلية، تشدد حصارها على الصيادين المفروض منذ العام 2007، إذ باتت تعتقل الصيادين، وتطلق نيران رشاشاتها الثقيلة تجاه قواربهم، تحت ذريعة اختراق شروط التهدئة.
وأضاف:" قبل اتفاقية التهدئة، كنا نمارس أعمالنا في مسافات أبعد من (6) أميال، وكان يتم تحذيرنا قبل إطلاق النار علينا بفترة طويلة، فنعود أدراجنا نحو شاطئ غزة، لكن اليوم وفي أحيان كثيرة لا يتم تحذيرنا".
وكان المركّب الذي صادرته البحرية الإسرائيلية قد كلّف الصياد كُلَّاب، وعائلته مبلغ (230) ألف دولار أمريكي.
ومن جانب آخر، قال نزار عيّاش، نقيب الصيادين الفلسطينيين في قطاع غزة، إن اتفاق التهدئة الأخير الموقّع بين الفصائل الفلسطينية، بغزة وإسرائيل، بوساطة مصرية، لم يصل قطاع الصيد بغزة.
وتابع:" اتفاق التهدئة لم يؤثر على قطاع الصيد، فقد كان الصيادون قبل ذلك الاتفاق يبحرون في حدود (6) أميال بحرية، وهذا ما يحدث اليوم، كما أن اتفاقية التهدئة تضمن توسيع الحدود إلى (9) أميال ومن ثم (12) ميلاً بحرياً، وهذا لم يحدث حتّى هذه اللحظة".
وأشار إلى أن سياسة قوات البحرية الإسرائيلية في التعامل مع الصياد الفلسطيني لم تتغير بعد اتفاقية التهدئة، إذ لا زال عناصر من البحرية يعتقلون الصياديين الفلسطينيين ويصادرون مراكبهم ومعدّات الصيد كما أنهم يصوبّون نيرانهم تجاههم.
وأضاف:" حتّى اللحظة، تم اعتقال (11) صيادا فلسطينيا من شاطئ غزة، كما أنه تم مصادرة ثلاثة مراكب صيد صغيرة، وواحد كبير".
(المصدر: وكالة الأناضول)