في العقدين الأخيرين تطورت مفاهيم وثقافات في المجتمع الفلسطيني نتيجة التسارع في التطور التكنولوجي، والخلل في النسيج الاجتماعي، وظهور طبقات جديدة في الحياة السياسية والاقتصادية وبطريقة تجاوزت التطور الطبيعي دون أن تتمتع الناحية الفكرية والثقافية بنفس النصيب من هذا التطور، وأصبح المجتمع أمام حالات وتناقضات، ما جعل من مهمة الأهل في تربية الأطفال وتنشئة الأجيال مهمة صعبة في هذه الظروف، بالإضافة إلى حالة من عدم المبالاة والتي تحكم سلوكيات وممارسات الأهل. فغالباً ما يكون الأهل غير مهتمين بمعرفة أولياء أمور زملاء أبنائهم، ولا يتعرفون على البيئة والظروف العائلية والاجتماعية التي يعيش فيها هؤلاء، وما قد يشكل من خطر على سلوكيات أبنائهم .
هناك حالات كثيرة يتعامل فيها الآباء مع الأبناء وخاصة حديثي النعمة بإغداق الأموال مقتنعين بأن هذا السلوك يعطي الآباء المبرر للغياب وعدم التدخل ومتابعة سلوكيات الأبناء اليومية، وكأن المال كفيل بالتربية وتوفير الاحتياجات لقناعتهم أنه الأساس في كل شيء، هذه ثقافتهم .
وهناك الكثير من الأهالي لشعورهم بالنقص أو مستوى فكري وثقافي محدود، أو حرمان في الماضي يجعلهم يغضون البصر عن سلوكيات لأبنائهم ترقى إلى المحرمات مثل قيادة السيارات والآليات المختلفة بدون رخصة، أو التدخين والأرجيلة والمشروبات الكحولية في سن مبكّر.
بناءً على ما تقدم وهذا جزء يسير من سلوكيات مرفوضة يدرك الإنسان صعوبة التربية في هذه الظروف والتي دائما ما تَخَلَّق حالة من التحدي والاستفزاز بين الزملاء وتصبح هذه السلوكيات مقياساً للتميز أو الرجولة المبكرة، وهنا بعض المشاهدات التي قد تساعد في بناء علاقة أسرية سليمة ومحصنة:
١-البيت ليس فندقاً للنزلاء، بل مكان مقدس تجتمع فيه جميع العائلة تحت سقفه على وجبة طعام يوميا، يستمع فيها الجميع للصغير قبل الكبير، وهذا يولد نوعاً من الصراحة بين أفراد العائلة.
٢-بالاجتماع اليومي تتشكل حالة من الصداقة بين الأولاد والأم أو الأب، وهذا ضروري لبناء علاقة مبنية على الصدق والمكاشفة اليومية مما يساعد الأب أو الأم على متابعة تفاصيل الأمور والتقرب إلى الأولاد لإعطائهم الشعور بالثقة والأمان.
٣-مسؤولية التربية هي مسؤولية مشتركة تلعب فيها الأم الدور الأساسي، ويلعب الأب دور الداعم والحامي لكل الأطراف، وهو المرجعية حين تشتد الأمور بين الأم والأولاد.
٤- الأبناء دائما يبحثون عن شخص مثالي في حياتهم، يقلدونه ويتأثرون به فليكن هذا الشخص هو الأب أو الأم، وهذا بحد ذاته تحدٍ لسلوكيات الآباء في الانضباط وبناء علاقة مبنية على الصدق والصراحة، بالإضافة إلى خلق جو من الثقافة والقراءة والفكر الحر وتبادل المعلومات، يعطي الأب فيها جزأً من فكره وثقافته وخبرته.
وأخيراً محاولة الأهل وبشكل دائم تشجيع واستكشاف الطاقات الكامنة عند الأبناء وخاصة فيما يتعلق بالنشاطات اللامنهجية مثل الرياضة بأنواعها، أو الدبكة والموسيقى، والمشاركة في الأعمال الخيرية، وبالرغم ما يسببه ذلك من تعب وإرهاق للأهل إلا أنه يفتح آفاقاً كبيرة فكرية ومجتمعية وأساليب جديدة في التربية والانضباط عند الأبناء .