كلنا كان يعلم أن انتخابات الهيئات المحلية لن تتم، لكن، كلنا مع ذلك، ونحن بكامل قوانا العقلية، أردنا أن نصدق أنها ستجري، وأن الاقتراع سيكون في 8 أكتوبر/تشرين الثاني المقبل.
وبدأت عمليات تسجيل الناخبين، وبدأت القوائم باستقطاب مرشحيها، وكتبت القوائم برامجها الانتخابية، وقوائم بدأت بدعايتها الانتخابية، وقمنا معشر الصحفيين بمتابعة الأخبار عن مجمل العملية بحماسة واهتمام، فكانت النتيجة سريعةً جداً: لم ينجح أحد.
منطوق الحكم الصادر عن محكمة العدل العليا واضح:"حيث أن القرار الإداري (قرار مجلس الوزراء) لا يقبل التجزئة وعليه، يجب أن تجرى الانتخابات في الوطن في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، وحيث انه لأسباب سياسية لن يستطاع إجراء الانتخابات في القدس تقرر المحكمة إيقاف قرار إجراء الانتخابات في كل الوطن، لحين إصدار قرار بموضوع الدعوى."
نعم ألغوا الانتخابات، وألغوا أي أمل في انتخابات تشريعية أو رئاسية مقبلة.
والجواب بسيط، لأن مصير هذا الشعب تحركه "فتح" في الضفة، وتحبسه "حماس" في غزة، أما لاعبو الاحتياط، من أحزاب اليسار والمستقلين، فهم مُقعدون، لا حول لهم ولا قوة.
أما ماذا يعني إلغاء الانتخابات؟
فيعني مزيداً من الانقسام، ومزيداً من الغضب والغليان المحلي، الذي سيدخل الأوضاع نحو مزيد من التعقيد، ونحو مزيد من نزع الشرعيات لكافة القيادات.
يعني أن كل السلطات العامة أصبحت مرتبطة وأسيرة الانقسام.
يعني مزيداً من التفرد بعمليات صناعة القرار، وانتهاك الحريات، وتعميق الفجوة بين المجمتع المدني والمواطن والمستوى السياسي، الذي بات لا يعبر عن أحد.
يعني المزيد من التآكل في بنية النظام السياسي المهترئة أصلاً والمتآكلة التي ستنهار قريباً جداً فوق رؤوسنا جميعا.
يعني أننا بتنا بحاجة ماسة وملحة إلى تطبيق مفهوم العدالة الانتقالية على كافة المستويات، لإعادة رتق النسيج المجتمعي المتفسخ.
يعني أننا بتنا بحاجة عاجلة إلى إصلاحات جذرية تطال كل السلطات والأجهزة حتى تصل إلى بنية النقابات وتركيباتها.
يعني أننا بحاجة إلى صوت رابع في الساحة الفلسطينية يحتوي كافة الأصوات التي لا تعبر عنها "فتح" أو "حماس" أو "اليسار".
نحن بحاجة لأن نفهم أن أي علاج موضعي، لا يعالج الألم.
ولا يعالج كم كرهنا تحكم نخب لا تمثلنا بمصائرنا.
نعم، نأسف لم ينجح منكم أحد.