الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

نصر الله لم يكن في حلب/ بقلم: فارس صرفندي

2016-09-08 04:36:37 PM
نصر الله لم يكن في حلب/ بقلم: فارس صرفندي
فارس صرفندي

 

أشفق كثيرا على بعض أبناء الحركات الإسلامية وعلى الفرحة التي لا تكتمل دوما لديهم ...لكن للحق أقول أن بعض الساسة في الحركات الإسلامية دهانقة في الفكر والعمل السياسي، ولديهم إلمام بكل ما يدور حولهم، ويقرأون المشهد بتأن، ويرسمون ما يليه بدقه، وكثير من هؤلاء الدهانقه يرون قاعدتهم ويلوحون لها، لكنهم في الحقيقه يخالفونها في التطبيق العملي فهم لا يحضون قاعدتهم على تغيير مواقفها لأن ذلك قد يطيح بهم، وبالمقابل هم يلعبون بعيدا عن هذه القاعدة وفق البراغماتيا التي يفرضها الملعب، في حرب أفغانستان كان قادة الحركات الإسلامية على قناعة تامه أن المعركة هناك لم تكن بين مجاهدين وشيوعيين وإنما كانت بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، ورغم ذلك ترك هؤلاء لقاعدتهم أن تهلل للمجاهدين الأفغان لكنهم كانوا على قناعة تامة أن المجاهدين بعد انتهاء الحرب سيقتلون أنفسهم، وبأن أمراء الحرب من المجاهدين سيشعلون النار بإخوانهم المجاهدين، وللأمانه في السنوات الأخيره قبل اغتياله عبد الله عزام أدرك المعادلة وكان يحاول أن لا ينحدر المجاهدون نحو الحرب الأهلية التي كان يراها بالعين، والرجل قتل بأيدي من نظّر لهم على مدار عقد من الزمن او يزيد.

 

وقبل أن أذهب إلى معركة حلب التي رأى كثير من أبناء الحركات الإسلامية أنها بداية النصر لإخوانهم من المجاهدين سأعرج على مصر، يوم أحداث رابعة لم أجد أحدا من أبناء الحركات الإسلامية إلا ووضع شعار رابعة على صفحته الشخصية في الفيس بوك ولن تجد أحدا من أبناء الحركات الإسلامية إلا ويشتم المشير السيسي بعد مجيء السيسي، وكان هؤلاء يظنون ظن اليقين أن مرسي عائد إلى الحكم، وبأن زمان السيسي لن يطول.

 

دهانقة السياسة من الإسلاميين وتحديدا في حركة حماس كانوا واثقين بأن الزمان لن يعود إلى الخلف، وأن عودة الإخوان إلى الحكم تحتاج إلى عقود طويلة وعليه فهؤلاء أدركوا بعد أشهر بأن عليهم أن يلطفوا الأجواء مع النظام المصري الذي -كما ترى القاعده قتل إخوانهم السجد في رابعة- فبدأ قادة حماس وعلى رأسهم موسى أبو مرزوق بفتح خطوط اتصال مع المخابرات المصرية والتي تأتمر بأمر السيسي مباشرة، واليوم الأنباء تتوالى من القاهرة عن علاقات دافئة بين حماس والقاهرة و قادة حماس الذين يفهمون الفرق بين الخطاب للاستهلاك المحلي والخطاب السياسي للعالم، وهم جاهزون لتلبية دعوة من المشير السيسي والذي أصبح جزءا لا يتجزأ من المعادلة الإقليمية الجديدة وقد يكون هو من أهم لاعبيها، ومن اللاعبين الأساسيين في المرحلة المقبلة أردوغان ليلة الانقلاب عليه كاد أبناء الحركات الإسلامية يصابون بسكتة قلبية وبعد ساعات من الانفراج وتثبيت أردوغان لأقدامه عاد هؤلاء مستبشرين فرحين بما آتاهم الله من فضله ببقاء أردوغان في سدة الحكم، لكن صدمتهم كانت بأن الرجل انتقل بتحالف جديد نحو روسيا التي يصفها الإسلامين بالشيطان قاتل إخوانهم في حلب، وإلى طهران صاحبة القكر الشيعي التي تقاتل إخوانهم بطائفيتها فكانت النكسة.

 

 لكن دهانقة السياسة من الإسلاميين والذين يسترقون السمع من خلف الأبواب الموصدة كانوا واثقين أن أردوغان لن يجد في ظل الحراك الكردي والتخاذل الخليجي سوى موسكو وطهران، ولا أذيع سرا أن بعض هؤلاء الدهانقة أبلغوا من المخابرات التركية بأن تركيا ستتجه نحو الحلف الثاني لأن لا طاقة لها بإقامة دولة كردية مفاتيحها الآن بيد روسيا وإيران.

 

أما في حلب فقد كتبت على صفحتي على الفيس بوك (إلى أبناء حركة حماس أشعر بأنكم تقاتلون في حلب) بالطبع ولأن غالبية أبناء الحركات الإسلامية يستقون معلوماتهم من مصدر واحد، فقد ظنوا بأن الفجوة التي فتحها المسلحون في الحصار المفروض عليهم هي بداية النصر المؤزر، وهنا انطلق الإسلامييون يحتفلون بالنصر ويهللون للفتح المبين، أحدهم كتب حلب وعد الله، والآخر كتب هذا بداية النصر الذي وعد الله به، والثالث انتصر إخواننا المجاهدون على حزب الشيطان وعلى إيران الكافرة، لكن عجبت لأحدهم حين كتب ((الموت لنصر الشيطان وسنصلي قريبا في الأموي )) هذا النصر الوهمي الذي اتضح بعد ساعات أنه وهمي جعل الكثيرين من أبناء الحركات الإسلامية يصابون بالإحباط، فكيف كانوا على بعد أمتار من فتح مكة وأصبحوا الآن يرون هزيمة المسلحين، هنا تكمن الازدواجية أو بالأحرى الفارق بالفهم والإدراك بين القاعدة للإسلاميين وحركة حماس وبين القيادة، ففي الوقت الذي كانت قاعدة حماس تدعوا بالهزيمة على الجيش السوري وعلى حزب الله وإيران وروسيا، كان ممثل حماس في طهران يعلن بأن العلاقة مع طهران استراتيجية ولن تهتز، وكان عدد من قيادة حماس يلتقي في بيروت بالسفير الإيراني ويبلغه أن حماس جزء من حلف المقاومة.

 

قيادة حماس كجزء من الحركة الإسلامية العالمية تدرك أن ما تغرد به قاعدتها يختلف تماما عن الواقع السياسي، وعليه فهي تترك لقاعدتها أن تغرد كما تشاء وهي خلف الأبواب المغلقة تمارس البراغماتيه بكافة أشكالها، فالقاعدة تتحدث بمشاعرها أما القيادة فعقلها هو صاحب القول الأول والأخير .