01
أريد أن أكتب عن تلك اللحظة؛
تلك اللحظة بالتحديد؛
اللحظة؛
التي كنت أراك فيها ممددا على السرير..
وأنا أحلق عاليا..
عاليا جدا..
كأيّ طائر شدّته جاذبية الأرض؛
ثم لفرط نشوته برائحة التراب..
خفَّ..
خفَّ كثيرا..
وطار دون حتى دون أن يَفْرِد جناحيه..
تاركا لغيبوبة الفراغ
أن تلاعبه كأرجوحة
يُـحرّكها مِزاجُ ريحٍ عابرة..
02
ياصَاحِب الـمِزاجِ اللّعِين..
مُذْ رأيتُكَ أدركتُ أنّي ضيّعتُ وجهيَ الحقيقيَّ منذُ سنين..
وعرَفتُ أنَّكَ أنتَ الحُضورَ وأنا الغيابُ الأكيد..
عرَفتُ أنّي ظِلٌّ مُرتَـحِلٌ يبحث عن شجرةٍ مُقيمة..
تتطابق مع شكله وانحناءَتِهِ ليجلسَ تحتها..
وقتَ شروقِ الشّمسِ وقبل الـمغيبْ..
وعرَفتُ أنّي إليك أسيرْ..
كما يسير النّهر نحو البحر الكبيرْ..
03
من تحت ركام قلبي سطَعتَ كالبرق،
حاملاً في عينيك لي الأبيض من الحبّ،
بعدما ظننتُ الحلمَ عابرَ سبيلْ..
04
لأجلك فقط؛
أسامحْ..
أصغُرُ عشرين عاماً..
أُسَرِّحُ ظفيرتي السّوداءَ شَعراً غجريّاً- كما تحبه أنت..
بِضَراوةِ لَبُؤةٍ تُريد أنْ تَظْفُرَ بكْ،
بكَ وحدك؛
أعود وأضع أحمرَ الشّفاه الذي نسيتُهُ داخل هزيمتي منذُ آخرَ محاولةِ صيدٍ فاشلةْ..
كَتِفي يَشرَبُ من كتفك،
يدي تأكُل من يدك،
ونركضُ نركضُ نركضُ معاً نحو غابةِ الجنون..
حيث لا رجوع إلى الوراء..
05
بين الكسرة والفتحة..
تَسكُنُ في أحضاننا الـمعاني..
عند لَـحْظِ خيطِ ضوئي.. تكونْ..
وبضمّةِ أثيرِ حُضورِكَ.. أكونْ..
لـم تَغِبْ عن ناظري ياسيّدي..
ولـم أغِبْ..
بين رِقّةِ بَوْحِ غَزَلك؛ أنا..
أتبعثر ضَيَاعا..
أختبئُ خلْفَ أُمْنِيَةٍ..
ودعوةٍ مُنْصفةٍ لِـجَمْعِنا..
إن كنتُ لك رافدا زلالا..
فأنتَ لي .... بحرٌ..
تُلَمْلِمُني ببقايا آمالي..
06
أشتاقك جدا..
هذا الشوق؛
يُطْلِقُ أطيافَ حُزنٍ هائجة،
تَنْهَشُ سُكوني وفرحي ..
هذا الشوق؛
يَـجُرّ الشتاء لِيُسْكِنَه في أطرافي،
لِيَعُضّ صقيعُهُ قلبي..
هذا الشوق؛
يبني جدارا من شرودٍ يَفْصِلُني عن العالم،
يَسْتَحضِرُ كلَّ الدّموع،
ويَـحْشُدُها على حافّةِ بُكاءٍ مُــرٍّ..
هذا الشوق؛
يَنْدَسُّ في ذَرّات الشوكولا..
لِتُصبحَ كلُّها بِـَمذاقِ الحزن اللاذعْ..
هذا الشوق؛
يَقْطَعُ حَبْلَ الصّبر..
فَتَنْفرطُ حبّاتُ الحُلمِ في الزّوايا السّحيقة ..
من لي.. وللحلم.. ولأطرافي الراعشة..
إذا أنتَ غِبتَ !
07
ماذا أكتبُ لِرجلٍ يُـجيد تمزيقَ خرائطي ثم يمنحني وطنًا يتّسع مَداه لأقصى شقوق شتاتـي؟
ماذا أكتبُ لِرجل يغدو غضبه مَوْسمَ الجفافِ والقحطِ وعودةِ الجراد؟
وماذا أكتبُ لِرجل يَغفِرُ لي حماقاتي دون أن تنسى أصابعُه مَلْمَسَ آمالي؟
وكيف أصِلُ لِرجل أشعل الحرائق وقال للهشيم: كن عِطْرًا..