الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

من المهم إجراء الانتخابات البلدية في موعدها / بقلم د. مصطفى البرغوثي

2016-09-11 11:31:34 AM
من المهم إجراء الانتخابات البلدية في موعدها / بقلم د. مصطفى البرغوثي
د. مصطفى البرغوثي

نأمل أن لايتعامل أحد باستخفاف مع قضية إجراء الانتخابات البلدية الفلسطينية في موعدها.

 

فهذه الانتخابات، إن جرت في تشرين الأول، ستكون أول انتخابات في تاريخ الشعب الفلسطيني تجري مرتين متتاليتين في موعدها، ولذلك مدلول عظيم في تكريس تقاليد الممارسة الديمقراطية.

 

وهي ستكون أول انتخابات تجري في الضفة والقطاع بشكل موحد منذ عام 2006، ويمكن أن تفتح الطريق لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وللمجلس الوطني، والتي طال انتظارها بعد أن مر على موعدها سنوات.

 

وهي تمثل إثباتا على إمكانية الممارسة الديمقراطية رغم الانقسام، وكأسلوب فعال ومثالي لإنهائه واستعادة وحدة النظام السياسي.

 

 وستعطي هذه الانتخابات فرصة للشعب المغيب عن صنع القرارلاختيار قياداته المحلية، وتكريس مبدأ مساءلة المسؤولين أمام الشعب.

 

ومن شأن الانتخابات المحلية أن تكون فرصة لعزل ومحاصرة العناصر المتناقضة مع المشروع الوطني التحرري، ولتكرار مأثرة انتخابات عام 1976 في إسقاط المتعاونين مع أعداء شعبنا.

 

وستساهم الانتخابات في تعزيز وتمكين الشعب الفلسطيني بمجالس حيوية متجددة، أقدرعلى مواجهة مخططات الاستيطان وتحديات الاحتلال.

 

كما أنها تمثل وسيلة مباشرة لتأكيد استقلالية القرار الوطني الفلسطيني في وجه ضغوط الاحتلال، وأي أطراف خارجية تريد أن تحرم شعبنا من حقه في ممارسة الديمقراطية ، ومن تميزه بالتعددية السياسية؛ لتغدو التعددية عنصر قوة وليس عنصر ضعف مرافق للانقسام .

 

ومع بالغ الاحترام لمحكمة العدل العليا، وأعضاءها فإن قراراها بوقف العملية الانتخابية حتى 2192016 ، بحجة النظر في اعتراضات مقدمة لم يكن مقنعا، لثلاثة اسباب :

أولا: أن التذرع بأن الانتخابات لن تجري في القدس كسبب لإلغاءها يتجاهل أن كل الانتخابات البلدية السابقة في أعوام 2006وحتى 2008 و2012 لم تجر في مدينة القدس، وإن كانت كما الانتخابات الحالية جرت في معظم القرى والبلدات المحيطة بها.

 

ثانيا: أننا قد اقترحنا مثل كثيرين، منذ أسابيع إجراء انتخابات بالتوافق لمدينة القدس العربية، وما زال ذلك ممكنا، كشكل من أشكال المقاومة الشعبية، وبحيث يعاد تشكيل أمانة القدس لتكون هيئة فاعلة لحماية عروبتها.

 

وبدل وقف الانتخابات كان بإمكان المحكمة إصدار قرار بإجراء هذه الانتخابات في القدس العربية أيضا وبالصيغة القابلة عمليا للتطبيق.

 

وثالثا: أن مسالة صلاحية محاكم البداية واختلاف طبيعتها في غزة عن الضفة كانت حاضرة في ذهن وخطاب لجنة الانتخابات المركزية منذ البداية، ومعروفة للجميع ومشمولة ضمنا بميثاق الشرف الذي وقع من قبل كل الأطراف.

 

وإن كانت بعض القرارات قد بالغت في شطب بعض القوائم، علما بأن جزءا منها شطب بقرار لجنة الانتخابات المركزية حسب القانون، فمن الممكن حصر مشكلة الانتخابات في تلك المواقع، وإيجاد حلول عادلة لها دون أن تؤدي مشكلة خمسة مواقع إلى إلغاء الانتخابات في 422 مدينة وقرية وبلدة بكاملها.

 

إننا نأمل من محكمة العدل العليا،أن تراعي كافة الاعتبارات الوطنية والديمقراطية، وأن تحترم جهد مئات الآلاف ممن شاركوا فيها حتى الآن، وأن تسمح في قراراها النهائي باستئناف العملية الانتخابية، وإجراء الانتخابات في موعدها.

خاصة أن الحجتين المطروحتين كسبب لتعطيل الانتخابات هما قضيتان سياسيتان خالصتان، وليستا مسائل قانونية.

 

ولنتذكر أن إجراء الانتخابات سيوجه ضربة قوية للانقسام ومن يروجون له، في حين أن الغاءها سيعمق الانقسام والشرذمة وسيؤدي بالتالي إلى إلحاق المزيد من الضعف بالشعب الفلسطيني.

 

ولا بد للجميع من تذكر أن العالم يراقب ويتابع كل صغيرة وكبيرة تجري في حياتنا. وإلغاء الانتخابات سيعطي صورة بالغة السلبية عنا لدى شعوب نحتاج إلى دعمها ومساندتها.

 

وأول الشامتين بنا سيكون أولئك الذين يضغطون لإلغاء الانتخابات وفي مقدمتهم سلطات الاحتلال، حيث سينبرون للادعاء بأن الفلسطينيين ليسوا ديمقراطيين، ولا يستطيعون ممارسة الديمقراطية، وأن الديمقراطية في منطقتنا حكر على إسرائيل.

 

يعاني النظام السياسي الفلسطيني من عوارض أزمة خطيرة، من مظاهرها استمرار حالة الانقسام، وعدم إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وعدم إجراء انتخابات المجلس الوطني، والحاجة الملحة لتطوير منظمة التحرير الفلسطينية.

 

وتأجيل أو إلغاء الانتخابات، سيزيد من عمق الأزمة، بينما سيكون إجراؤها في موعدها مدخلا لمعالجة مظاهر هذه الأزمة المستعصية الواحد تلو الآخر.