بقلم: مرمر عمر القاسم الأنصاري
ما السّر في سحر القصة القصيرة؟ ولماذا كانت حافزًا من حوافز إقبال أجيال عديدة ومختلفة من الكتّاب على كتابة أدب القصة القصيرة وتذوقه؟
تقوم القصة القصيرة على استراتيجيّة تقديم أنموذج نقدي من خلاله يتم السعي إلى تعليم القارئ وإمتاعه في نفس الآن دون السقوط في مطب التعالم والتعالي عليه في أقل الكلمات وأبسطها، ومن هنا كان الأديب العربيّ والقارئ يقبلون على القصة القصيرة بشغف كبير.
تقدم آمال الأحمد في مجموعتها الأدبية "شغب أسفل القلب" قصصًا ماتعة، سعت إلى تحقيق مرام وغايات نقدية اجتماعيّة تصب كلها في تقريب الفكرة من المتلقي وتحفيزه على تحسين الخُلق والتأدب.
وتستند هذه المجموعة إلى استراتيجية نقدية تنبني على آليات فنية، ميزت كتابات آمال، الأمر الذي أتاح لها ممارسة التوجيه في محاولة للتأثير في المتلقي تأثيرًا لا يمكن إنكاره. كما تمثلت من خلالها تثقيف المتلقي العادي ومخاطبة جماهير واسعة من القراء لا تقتصر على المتخصصين في الأدب من أدباء أو"نخبة" من المسؤولين عن حقوق الإنسان والمرأة.
"شغب أسفل القلب" قد يثقل هذا العنوان على قلب القارئ وأذن السامع، ولكنك لا تكاد تسمعه وتنطق به حتى تتبين أنك مقبل على كتاب يصور جوًا عاطفيًا خالصًا، فهذا العنوان يوشك أن يحدد موضوع القصة وبيئتها، إلا أن الكاتبة فاجأت القارئ بتنوع البيئة في نصوصها الـ31، لكل نص بيئة خاصة تصوّره تصويرًا دقيقًا بتفاصيله من جميع نواحيها النفسيّة والإجتماعيّة الّتي منحته شكلًا وجماليّة مختلفة، وما أكثر ما خطر لي وأنا أقرأ هذه المجموعة، أنها لم توجه إلى الكثرة من القراء ليجدوا فيه ما يطلبون من المتعة الفنيّة الّتي تشوق وتمتع، وإنما وجه أيضا إلى الباحثين الاجتماعيين الذين يبحثون ليصلحوا شأن المجتمع.
وإن القارئ يلاحظ أن وسائل عرض النصوص القصصيّة عند آمال تخضع لخط واحد لا يكاد يتغير سواء كان بصدد تقديم نص جميل أو نص من النصوص تحاول إشراك المتلقي في التمتّع بها وإيجاد سبل للتعاطي مع الهدف بطرق انسانية سليمة، والاختلاف في هذه النصوص يكمن في الاقتصار عند تقديم الهدف على النص بينما يتجاوزه إلى الوضوح في لغة السّرد.
جاءت قصص آمال الأحمد بضمير أنثويّ إلا نصًا واحدًا جاء بضمير طفل غائب، كما برعت القاصة في اختزال المعنى وتكثيف نصوصها، طارحة العديد من قضايا المرأة والطفل العربي في المجتمعات الشرقيّة، ولعل الكاتبة متأثرة بنوع جنسها كونها بدت مدافعة من الدرجة الأولى عن حقوقها كإنسان، ورغم ذلك لم تهبط بمستوى ذائقتها محترمة عقل المتلقي في طرحها دون أن تلغي الآخر وإن كان"عدوًا".
المشكلات الّتي عاجلتها آمال من خلال لوحاتها الفنيّة، جميعها حقوق إنسانية شرّعها الدين ولم تكن من بينها ولو واحدة تتعارض مع الدين أو يمكن وضعها في أطر المفاهيم المغلوطة والدخيلة على مجتمعاتنا، إنما عالجت آمال آفات إجتماعيّة وموروث ثقافي بائس علينا التّخلص منه كي ننهض بالنساء فينهضن بدورهن بالأمة.