الحدث- رولا سرحان
هنا كثافة قل نظيرها. كتاب يوثق لتاريخ ومذبحة.
هو كتاب الدكتورة بيان نويهض الحوت تنقل فيه تفاصيل كثيرة ووافية لشهادة 46 فلسطينيا ولبنانياً عاشوا تفاصيل المجزرة والأحداث المحيطة بها كافة.
الحوت في كتابها الصادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية عام 2003، تروي حكاية المجزرة، منذ اغتيال الرئيس اللبناني بشير الجميل في 14 أيلول 1982، مرورا بما تلاه من اجتياح إسرائيلي، وحتى تطويق منطقة صبرا وشاتيلا ومن ثم إتاحة المجال أمام القوات اللبنانية وجيش لبنان الجنوبي المتعاون مع الاحتلال لدخول المخيم.
الذريعة كانت واهية لارتكاب المجزرة، تمثلت في البحث عن 2,500 مسلح من منظمة التحرير الفلسطينية، التي كان فدائيوها قد غادروا بيروت في وقت سابق، فقرر جيش الاحتلال والقوى الانعزالية اللبنانية الانتقام من أهل صبرا وشاتيلا العزل.
في الكتاب قدر عالٍ من التدقيق، والبحث، والفحص، والتحقق، والتمحيص.
الحوت حرصت على وضع الخرائط وجمع الصور التي تناقلتها وكالات الأنباء في ذلك الوقت، وعززتها بإحصائيات وأرقام دقيقة لعناصر الحدث.
الحوت وضعت مذبحة صبرا وشاتيلا في سياقها العربي والدولي، الذي هدف إلى إنهاء القضية الفلسطينية.
في الكتاب الكثير من الهم المزدوج، هم استحضار التاريخ ضمن سياقه الزمني الراهن، والتوثيق ليوم قد تكون فيه مساءلة.
في تاريخ المجازر يتكلم الموت أولاً، ثم يتكلم القتيل، ثم يتكلم القاتل.
لقد تكلم الموت، وتكلم القتيل. وتكلم الشهود.
وما زال الضحايا الأحياء ينتظرون القاتل كي يتكلم.
هكذا قالت الحوت في ذكرى مرور 25 عاماً على المجزرة.
واليوم، وبعد مرور 34 عاماً على المجزرة، ما زالت ذاكرةُ الأحياء مثخنة بالموت، وصوره، وبحكاية يرويها القاتل.