غزة - حامد جاد
شهد النصف الثاني من الأسبوع الماضي نجاح محاولة قد تكون الأخيرة لإنهاء سبع سنوات من عمر الانقسام إذ توصل الفرقاء في «حركتي فتح وحماس» إلى اتفاق أطلق عليه اسم اتفاق الشاطئ تيمناً بالمكان الذي استضاف الحوارات التي أجراها وفد منظمة التحرير للمصالحة مع وفد حركة حماس في منزل رئيس وزراء حكومة الأخيرة في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة وأفضى إلى الإعلان عن الاتفاق المذكور في المكان نفسه يوم الأربعاء الماضي.
واتفق الموقعون على «اتفاق الشاطئ» من حركتي فتح وحماس على أن يتوج هذا الاتفاق بالتنفيذ الفعلي لما توصلا إليه من تفاهمات في اتفاق القاهرة الموقع في الرابع من أيار عام 2011 وإعلان الدوحة الموقع في السادس من شباط عام 2012. هذان الاتفاقان اللذان لم يصمدا في حينه أمام خلافاتهما ليعودا مجددا ويتوافقا على ما تضمنه «اتفاق الشاطئ» من تفاهمات حول القضايا الرئيسية المتمثلة بملف الحكومة التي سيشرع الرئيس محمود عباس بإجراء مشاورات لتشكيلها بالتوافق وإعلانها خلال الفترة القانونية المحددة بخمسة أسابيع استنادا إلى اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة وتزامن الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني وقيام الرئيس بتحديد موعد إجرائها بالتشاور مع القوى بعد ستة أشهر من تشكيل حكومة الكفاءات على الأقل وفي ذات الوقت يصار إلى عقد لجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية في غضون خمسة أسابيع من تاريخ توقيع الاتفاق، والتأكيد على تواصل اجتماعاتها والاستئناف الفوري لعمل لجنة المصالحة المجتمعية استنادا إلى ما تم الاتفاق عليه في القاهرة، كما تم التأكيد على تطبيق ما تم الاتفاق عليه في القاهرة بملف الحريات العامة وضرورة استئناف عملها وتنفيذ قراراتها.
الصالحي: هنية طرح إمكانية ترأس الرئيس عباس للحكومة
وفي سياق أحاديث منفصلة أجرتها «الحدث» مع عدد من أعضاء وفد المصالحة عقب توقيع «اتفاق الشاطئ» اعتبر عضو الوفد بسام الصالحي الأمين العام لحزب الشعب أن الهدف الأهم من زيارة الوفد تحقق عبر وضع آلية لتحقيق اتفاق المصالحة منوهاً الى أن مهمة الوفد في المرحلة اللاحقة ستقتصر على متابعة تنفيذ الاتفاق مع الرئيس الذي سيشرع بتشكيل حكومة ستأخذ طابع الشراكة الحقيقية.
ورأى الصالحي أن هناك ما يدعو للتفاؤل فيما تم التوصل اليه من تفاهمات في «اتفاق الشاطئ» حيث سيشرع الرئيس من جهته بالتحرك باتجاه التنفيذ الفعلي لتشكيل الحكومة.
وأوضح الصالحي في هذا السياق أن هنية طرح إمكانية تسلم الرئيس للحكومة مؤكداً في ذات الوقت أنه لم يتم التطرق والبحث في التفاصيل المتعلقة بالجانب الجغرافي إن كان سيتم اختيار رئيس الحكومة أو نائبه من غزة أو الضفة الغربية حيث أن هذا لا يتم بحسبه على أساس جغرافي كما نفى صحة ما أثير حول أن يكون هنية ورامي الحمد الله نواباً للرئيس.
وحول مشكلة استيعاب الموظفين لدى حكومة حماس بشقيهم المدني والعسكري أشار الصالحى إلى أن هذه القضية تم بحثها ومناقشتها في جلسات الحوار السابقة «لذا لم نخض بالتفاصيل حيث أن هناك آليات واضحة وتفصيلية في التفاهمات السابقة».
وأبدى الصالحي تفاؤلا تجاه إمكانية انفراج الأوضاع في قطاع غزة عقب تشكيل الحكومة من حيث إعادة فتح معبر رفح وفقاً لما كان عليه الأمر قبل الانقسام والعمل على وضع الحلول اللازمة لمعالجة جملة الأزمات المعيشية ومنها مشكلة انقطاع الكهرباء التي يعاني منها اهالي غزة منذ سنوات.
شحادة: لم يتم بعد ترشيح أسماء أعضاء الحكومة
أما عضو الوفد جميل شحادة، أمين العام الجبهة العربية الفلسطينية، فاعتبر أن مهمة الوفد انتهت فعلياً وحاليا تبدأ مسؤولية الرئيس بإجراء المشاورات من أجل تشكيل الحكومة مبيناً أنه لم يتم بعد ترشيح أسماء أعضاء الحكومة المزمع تشكيلها حيث سيرشح كل فصيل من الفصائل خلال الأيام القريبة القادمة أسماء أعضاء هذه الحكومة على أن لا يكون لأي شخصية مرشحة انتماء حزبياً لحماس أو لغيرها فالفصائل سترشح شخصيات مستقلة ليس لها انتماء لأي فصيل «لدينا شخصيات مستقلة وأكاديمية وتكنوقراط ولا بد وأن تعمل الفصائل بكل إمكاناتها على للخروج بحكومة تكون مقبولة من المجتمع الدولي.
وبين أنه فيما يتعلق بملفات المصالحة التي تقودها اللجان ومنها لجنة المصالحة المجتمعية ولجنة الحريات ستكون اللجان نفسها التي اجتمعت وتحاورت في المرحلة السابقة دون تغيير حيث ستستكمل هذه اللجان آليات تنفيذ ما تم التفاهم عليه سابقاً.
وبالرغم من أن شحادة توقع ان تشهد الأوضاع في قطاع غزة انفراجاً خلال المرحلة المقبلة التي ستعقب تشكيل الحكومة إلا أنه لم يستبعد إمكانية تعرض السلطة لمزيد من الضغوط التي ستمارسها إسرائيل وأطراف دولية أخرى من أجل إفشال اتفاق المصالحة وخدمة المصالح الإسرائيلية.
وكان عزام الأحمد رئيس وفد المصالحة وإسماعيل هنية رئيس حكومة حماس أعلنا عقب لقاء عقد في منزل الأخير فور وصول الوفد إلى غزة الثلاثاء الماضي أن الانقسام على وشك الانتهاء وأن الوحدة الوطنية باتت قريبة ودعا كل منهما للبدء في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في القاهرة والدوحة.
ولفت الأحمد إلى أن الورقة المصرية للمصالحة شملت كل تفاصيل إنهاء الانقسام عبر سلطة واحدة وقانون واحد ينظم حياة شعب واحد تمثله مؤسسات واحدة وموحدة وذلك في إشارة منه إلى التمسك بالرعاية المصرية والغطاء العربي وعدم حاجة الفصيلين للبدء بحوار جديد.
ورأى الأحمد أن لحظة الصفر حلت لإنهاء الانقسام واجتثاثه من الجسم الفلسطيني مشدداً أن الطرفين ليسا بحاجة لحوارات جديدة بل للتطلع لشراكة وطنية وتشكيل حكومة واحدة معتبراً أن فتح الباب أمام مشاركة حركتي حماس والجهاد الإسلامي في منظمة التحرير ستشكل قفزة في حركة التحرر الوطني.
من جهته اعتبر هنية أن اللقاء المذكور بمثابة مرحلة التطبيق والتنفيذ الفعلي لرزمة متكاملة مما تم الاتفاق عليه “الانتخابات، المنظمة، الحكومة، المصالحة المجتمعية، والأمن والحريات العامة» مشدداً على الحاجة إلى قرارات حاسمة واضحة لا لبس فيها ولا غموض تجاه بدء التنفيذ الفوري لكل ما تم التوقيع عليه في اتفاقيتي القاهرة والدوحة لتحقيق المصالحة وليس لإجراء حوارات للتوصل إلى تفاهمات جديدة وقال هنية “لا نريد فقط أن نكتفي بالصورة ولا بالمصافحة ولا باللقاء ذاته علينا أن نتعدى ذلك لتحقيق النتائج العملية لهذه المصالحة فلا مكان للفشل في هذا الحوار، ولن يفرح الاحتلال باستمرار الانقسام، ويجب أن نكون في الساعات الأخيرة للانقسام، وعلى أبواب تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية”.
وبدأ الوفد في اليوم التالي لوصوله إلى غزة «الاربعاء الماضي» مباحثات المصالحة برئاسة عضو قيادة حركة فتح عزام الأحمد، ووفد حركة حماس برئاسة موسى أبو مرزوق حيث تم الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال 5 أسابيع، وإجراء الانتخابات وتفعيل الإطار القيادي لمنظمة التحرير الفلسطينية وهي ملفات تم التوافق عليها مسبقا سواء خلال لقاءات القاهرة أو الدوحة حيث تركزت المباحثات بين الوفدين في الجلسة على وضع آليات تنفيذ اتفاق المصالحة وخرج وفدا المصالحة عقب انتهاء المباحثات المذكورة في اليوم ذاته «الأربعاء» ليعلنا في مؤتمر صحفي مشترك انتهاء الانقسام الفلسطيني والتوصل لتفاهمات حول آليات البدء الفعلي بتنفيذ المصالحة حيث أعلن هنية عن انتهاء سنوات الانقسام لافتاً إلى أن وفدي حماس ومنظمة التحرير عملا خلال الحوار بروح الفريق الواحد مؤكدا في ذات الوقت الالتزام بكل ما تم الاتفاق عليه في اتفاق القاهرة والتفاهمات الملحقة وإعلان الدوحة واعتبارها المرجعية عند التنفيذ.
وتلا هنية النص الكامل لاتفاق المصالحة «اتفاق الشاطئ» حيث تضمن بيان الاتفاق الصادر عن لقاء وفد منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس لإنهاء الانقسام وتنفيذ اتفاق المصالحة الوطنية سبعة بنود اتفق الطرفان عليها وجاءت على النحو التالي.
أولاً: التأكيد على الالتزام بكل ما تم الاتفاق عليه في اتفاق القاهرة والتفاهمات الملحقة وإعلان الدوحة واعتبارها المرجعية عند التنفيذ.
ثانياً: الحكومة، يبدأ الرئيس مشاورات تشكيل حكومة التوافق الوطني بالتوافق، من تاريخه وإعلانها خلال الفترة القانونية المحددة بخمسة أسابيع استناداً إلى اتفاق القاهرة والدوحة.
ثالثاً: الانتخابات، التأكيد على تزامن الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني ويخول الرئيس بتحديد موعد الانتخابات بالتشاور مع القوى الوطنية على أن يتم إجراء الانتخابات بعد ستة أشهر من تشكيل الحكومة على الأقل، وتتم مناقشة ذلك في لجنة تفعيل منظمة التحرير في اجتماعها القادم، وإنجاز مقتضيات إجراء الانتخابات المذكورة.
رابعاً: منظمة التحرير؛ تم الاتفاق على عقد لجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية، لممارسة مهامها المنصوص عليها في الاتفاقات في غضون خمسة أسابيع من تاريخه، والتأكيد على دورية اجتماعاتها بعد ذلك.
خامساً: لجنة المصالحة المجتمعية، الاستئناف الفوري لعمل اللجنة ولجانها الفرعية استناداً إلى ما تم الاتفاق عليه في القاهرة.
سادساً: لجنة الحريات؛ التأكيد على تطبيق ما تم الاتفاق عليه في القاهرة في ملف الحريات العامة ودعوة لجنة الحريات العامة في الضفة والقطاع لاستئناف عملها فوراً وتنفيذ قراراتها.
سابعاً: المجلس التشريعي؛ التأكيد على تطبيق ما تم الاتفاق عليه بتفعيل المجلس التشريعي والقيام بمهامه.
البطش: هنالك إصرار من حركتي فتح وحماس على إنهاء الانقسام
وحول أبرز ما ترتب على اتفاق الشاطئ من ردود فعل في الأوساط القيادية للفصائل اعتبر القيادي في حركة الجهاد الاسلامي خالد البطش أن الضمان الوحيد لنجاح المصالحة وجود مرجعية قيادية واحدة من جميع الفصائل، لمنع أي تجاوز من أي طرف لافتا في تصريحات صحافية الى ما لمسته حركته من إصرار حقيقي لدى حركتي فتح وحماس على تطبيق اتفاقي الدوحة والقاهرة على أرض الواقع.
وأعرب البطش عن أمله في ألا تحدث أي انتكاسة جديدة أو تدخل خارجي في الاتفاق وقال “اليوم الرئيس عباس وحركة حماس يدركان تماما ألا مصلحة لكل منهما إلا بالوحدة وإنهاء الانقسام” معتبراً أن إعادة بناء المنظمة أهم من تشكيل حكومة الوفاق
وشدد البطش عقب اجتماع شاركت فيه الفصائل مع حركتي فتح وحماس عقب توقيع اتفاق المصالحة لمباركة الاتفاق على ضرورة التطبيق والبدء بتنفيذ هذه الآليات دون أن يخفي مخاوف حركته مما ستحمله فترة الخمسة اسابيع التي ستستغرقها مشاورات الرئيس لتشكيل الحكومة من مفاجآت ومحاولات لافشاله من قبل جهات خارجية.
موسى أبو مرزوق: هناك صعوبات لكن بإمكاننا تجاوزها
من جهته أعرب عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق عن تفاؤله تجاه تمكن الفصائل من تجاوز كافة العقبات التي ستقف في وجه تطبيق المصالحة وقال «لابد من وجود الكثير من الصعوبات، لأن كل يوم مر على الانقسام كان يزيد من العقبات ولكن نستطيع تجاوزها بوحدتنا وإرادتنا».
واعتبر أن الاتفاق لا يعني شيئًا ما لم يتحقق على أرض الواقع، مبينا أن تهديدات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو الأخيرة للرئيس عباس ليست جديدة “تهديدات الاحتلال ليست جديدة، فهم منذ اليوم الأول للحوارات أطلقوا التهديدات إما مصالحة حماس أو اسرائيل، كما أن تهديدات الولايات المتحدة بمنع مساعدة ميزانية السلطة لن تحيدها عن المصالحة”.
وأكد أبو مرزوق أن الاتفاق لابد أن يشكل منعطفا جديدا حتى يسير الشعب باتجاه الوحدة، موضحا أن الضاغط الأكبر لنجاح الاتفاق هو الشارع الفلسطيني الذي ينادي بنجاحه ووقف الانقسام وقال “إذا بقينا أسرى لأعدائنا، لن نصل لاتفاق فيه مصلحة لشعبنا، لأن مصالحنا لا تجتمع مع مصالح عدونا”.