الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الشمس ما بتتخبى بغربال/ بقلم: باسم خوري

2016-09-20 03:55:47 PM
الشمس ما بتتخبى بغربال/ بقلم: باسم خوري
باسم خوري

 

يتوجه الناخب الأردني اليوم إلى صناديق الاقتراع، ويشارك الذراع السياسي للإخوان المسلمين، المتمثل بجبهة العمل الإسلامي، في هذه الانتخابات علما بأنه قد قاطع، مع أحزاب ونخب وتيارات سياسية أخرى، انتخابات عام ٢٠١٠ وعام ٢٠١٣.

 

ما لفت نظري تلاشي، بل على الأصح غياب لشعار "الإسلام هو الحل" من خطاب مرشحي الإخوان ومن بياناتهم خلال الحمله الدعائية، بعد أن احتل هذا الشعار مركز الصدارة خلال الحملات الانتخابيه للإخوان، وتيارات الإسلام السياسي عامة، خلال العقود الماضية، علما بأن هذا الغياب لم يقتصر على إخوان الأردن بل شهدناه في تونس أيضا.

 

أثار التخلي عن هذا الشعار تساؤلا، فهل هذا تمهيد لمرحلة ما بعد الإسلام السياسي؟ وهل نحن على أعتاب مرحله تقوم على أساس اعتراف الجماعات الإسلامية بالدوله المدنية؟ علما بأن جوهر طرح الإسلام السياسي منذ نشأته، وخاصة خلال العقود الماضية، يقوم على تكفير الدولة المدنية.

 

يطرح البعض أن غياب شعار "الإسلام هو الحل" جاء نتيجة إفلاس هذا الشعار وانكشافه أمام جمهور الناخبيين الذين ربطوا، ومع الأسف، بين الحرب على الدولة المدنية وعلى الحداثة والعلمانية  مع "داعش" وممارساتها في بقاع العالم المختلفة. التطور الكبير والمفاجىء حقا هو قيام الإخوان في الأردن بتشكيل قوائم انتخابية تضم مسيحيين ونساء ويساريين، وهذا مؤشر بتغيير جوهري في نظرة تيار إخوان الأردن للشراكة مع من خالفهم تاريخيا الرأي والفكر، ومع أتباع الدين الآخر، ومع النظرة للمرأة كشريك.

 

أما في فلسطين، وخصوصا في غزة الحبيبة، وحتى وإن لم يتضح بعد إن كانت الانتخابات المحلية ستعقد في موعدها، فالمشهد الانتخابي حتى الآن ليس واضحا. فالنية في عقد انتخابات في كافه المناطق بعد انقسام يقارب عمره العشر سنين، يأخذ طابعا سياسيا وتنافسيا بامتياز. فقد شهدت مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصا فايسبوك حملات ترويجية من نوع آخر، حيث سعت حماس من خلال حملة "هاش تاغ" أو "الوسم": "#كيف_صارت" إلى إبراز ما أسمته "الفرق الإيجابي" بين غزة في عهد حماس مقارنة مع العهد السابق، وإبراز مزايا "الأمن والمقاومة (الانفاق ومدى الصواريخ) والالتزام الديني والأخلاقي".

 

كيف يمكن لأي عاقل تجاهل المشاكل الاقتصادية المتفشية والفقر المدقع والبطالة، خصوصا لدى الشباب، والتي تجاوزت ال٥٠٪‏ ،عدا عن البطالة المقنعة، والحصار الإسرائيلي والدولي المفروض على غزة بحجة سيطرة حماس عليها؟ كيف نقنع الطلبة الذين حرموا من إكمال تعليمهم، أو المرضى الذين حرموا الدواء بأن الوضع في غزة أفضل؟! ان وضع الكهرباء والماء والمجاري في غزة كارثي حقا، ناهيك عن غياب الأفق والأمل.

 

أستذكر مقولة للفنان الغزي خليل الددح: "السلطة لا تعني طمس الرأي الأمثل، السلطة لا تعني قهر الناس العزل، السلطة تعني خلق حياة أفضل". لقد اقتنع إخوان الأردن والدول المجاورة بأهمية تغيير التوجه، فهل سنرى توجهات إيجابية مشابهة لدى التيارات الإسلامية في فلسطين؟ أو بأضعف الإيمان الاعتراف أن لدينا مشكلة؟

 

زرت غزه قبل ٨ أشهر بعد غياب ١٦ عاما. مع تقديري لبعض الإنجازات هناك والتي حصلت نتيجة للتمويل العربي، وخصوصا القطري، إلا أن الوضع في غزة مزري حقا. الخطير أن المساعدات الخارجية للسلطة الوطنية الفلسطينية في اضمحلال، وبحسب التقديرات لن تتجاوز ال٢٠٪‏ من تلك المساعدات السنوية خلال سنوات الطفرة. وهذا العام قد تقل هذه المساعدات عن المبالغ التي تحولها السلطة كمصروفات لغزة، الأمر الذي يعني أن عبيء الحصار على غزة سيتحمله المواطن في الضفة الغربية، في الوقت الذي تتفاقم فيه المشاكل الاقتصادية والحياتية والاجتماعية في الضفة أيضا.

 

لقد فقدنا جيلا كاملا، هذه هي المأساة الإنسانية المتجلية أمام أعيننا، ومهما اجتهد المنكرون، فإن "الشمس ما بتتخبا بغربال".