الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ارفع رأسك، أنتَ مسلم!‏ / بقلم: سامي عيساوي

2016-09-24 03:57:37 PM
ارفع رأسك، أنتَ مسلم!‏ / بقلم: سامي عيساوي

 

عنوان خطبه اليوم في صلاة الجمعه "ارفع رأسك، أنتَ مسلم، افتخر بنفسك أنتِ مُسلم".

                  

طبعا الشيخ أنا بعرفه، بشوفه بسوق تكسي عمومي على خط عسكر، بعرف حركاته وحكيه واسلوبه ونبرة صوته، بعرف اسم مرته وعدد اولاده وبناته، وبعرف شو الكتب اللّي بقرأها، والأفكار اللّي بتسبح براسه.

 

خطباء الجمعة مثل ما بتعرفوا، موظفين في الأوقاف، وبقبضوا راتب من الحكومه، يعني موظف رسمي يتقاضى راتبه على عمله الشهري، طول الشهر اللّي بعمله أنه بخطب يوم الجمعة نص ساعة وفي الغالب خطبته ممله ومعلوماته قديمه وما في ربط بين اللّي بحكيه والواقع، باقي الشهر شو بعمل؟

 

أغلب أأمة المساجد اللّي بعرفهم يا فاتح دكانه، يا بسوق على تكسي عمومي يا بتاجر في الحلال (الغنم والبقر وخلافه) يا بتاجر بالأراضي والعقارات، وكثير منهم حدّاد، بليط، مصلح غسالات، نجار، ومهن خرى بديش أحكيها.

 

وطبعاً كلمة الشيخ مسموعه، لأنه تقليدياً شيخ الجامع قيمته عاليه وحضوره مؤثر بحكم انّه شيخ الجامع وإمام المسجد، وكثير من الناس بتملّسوا فيه على اعتبار انّه أقرب واحد على ربنا من المصلين، وكمان بحتاجوه لبعض الفتاوي عن الطلاق والجماع والحلال والحرام والوضوء والصلاة والصوم والزكاة والميراث، ومع الزمن بصير عنده علاقات عامة واسعة مع البعيد والقريب، وكلمته بصدقها الجميع.

 

شيخ الجامع خطيب الجامع إمام الجامع كيف ما بدكم سمّوه، هاي في النهايه مهنه، مثل ما أستاذ العربي بحكي عن الشعر والعروض والسجع والطباق والجناس، ومثل ما استاذ الرياضيات بحكي عن الجمع والطرح والجبر والهندسه، كمان شيخ الجامع مهنته يحكي عن الدين والدنيا، الصلاة والزكاة والمعاملات، هموم الناس خيباتهم ومشاكلهم الصغيره.

وهاي المهنة مثل غيرها بدها جهد وتعب، صحيح مهنته ما فيها سجل حضور وانصراف، وما فيها دوام رسمي محسوب بالساعات مثل باقي وظائف الحكومه، بس كمان هذه الوظيفه بدها شغل، بدها استعداد، مثل الأستاذ في المدرسة والدكتور في الجامعه، بدها تحضير في البيت، ومراجعة واطّلاع وقراءه وثقافة، حتى يكون الأستاذ والدكتور والشيخ (أب تو ديت)[1]، يعني عارف في اللّي بصير حوله، لأنه مش معقول تكون خطبة الشيخ في 2016 مثل خطبته الشيخ في 1968 مثلاً، وخطبته في 1968 أكيد مش لازم تكون مثل خطبته سنة 1254 وأكيد خطبة الشيخ في 2050 أكيد رايحه تختلف عن خطبة اليوم، والسبب بسيط، لأنه في أشياء كثيره في حياة المسلمين تغيرت، في مشاكل جديده  بدها حكي ومناقشه ومعالجه، والناس بتستنّى الخطبه من الجمعة للجمعه، علشان تسمع أشي ينورها، يثقفها يوعيها، يضيف علم ومعرفه بالحياة والناس والعيش.

 

 بس للأسف الشيخ أبو رائد وأمثاله عايشين في القرن السابع أو على أكثر تقدير في عصر هارون الرشيد والسلطان قطز، يعني مش معقول كل هذا اللّي بصير في حياتنا وبعده الشيخ بعتقد أنه إحنا سادة الأمم، واحنا اللّي فتحنا الصين وأقمنا العدل في القوقاز، أو كأنها خطبته صادفت الجمعه بعد فتح القسطنطينيّه، أو تزامنت مع جمعه تحرير فلسطين واعلانها دوله حره مستقله وعاصمتها القدس الشريف.

أنا زرت أغلب الدول العربيه، رحت مصر والأردن والعراق وتونس والمغرب والسودان، ولبنان وسوريا وطبعا دول الخليج كلها ما عدا البحرين وعُمان، وحضرت خطب الجمعه تقريباً في كل مساجد عواصم هاي الدول، للأسف الحال من بعضه، وكأنهم قاريين على شيخ واحد.

 

طبعا ما عاد خافي على حدا، انّه خطباء المساجد في عالمنا العربي بتلقوا تعليمات عن فحوى الخطبه، وهذا أنا ما بقدر أحكي فيه، بس كمان مستوى الثقافه والمعرفه عند أغلب خطباء مساجدنا في العالم العربي مؤلم، وعدم اهتمامهم بتطوير أنفسهم واقتصار قراءآتهم على الكتب الصفراء، والمراجع القديمه.

 

مطلوب من أبو الرائد وغيره من خطباء المساجد في  العالم العربي الحزين يطّلعوا حولهم شويّ، يشوفوا أحوال المسلمين في كل مكان، الحال والعياذ بالله مؤسف، وخصوصا لمّا المسلم يكون عربي.

 

طبعا أكيد في ناس رح تحكي، مش الإسلام السبب في مشاكلنا، وأنا بأكد على كلامه، المشكله مش في الإسلام، المشكله فينا.

 

طبعا واحد زي أبو الرائد وأمثاله كثير عنده في الدار تاريخ ابن كثير وابن تيميه وتفسير سيد قطب، وبعتبر حاله أنه مش بحاجه لأي مرجع علمي أو ديني أو إنساني ثاني، لأنه هؤلاء العلماء حكوا كل شيء بخص المسلمين في حياتهم ومعيشتهم وأكيد مماتهم وبعثهم ونشورهم، في جنتهم ونارهم، وكأن المسلمين عايشين في كوكب غير كوكب الأرض، وما بشتركوا مع باقي أمم الأرض في المشاكل والهموم والإحتياجات، كأنه ثقب الأوزون والإحتباس الحراري، وتزايد معدلات ذوبان الثلوج في القطب، بخص غير المسلمين، كأنه التسونامي إذا صار بس بكون ربنا بعته للكفار والمسلمين ربنا حماهم من الزلازل والبراكين والأمراض المعديه والمكروبات الضاره، لأنه أرض المسلمين أرض مباركه. بس أرض السويد واستراليا والهند أرض نجسه.

 

حجتهم أنّه الناس على كوكب الأرض وحتى يوم العرض يقسموا إلى قسمين، مسلمين وغير مسلمين، حتى المسلمين يقسموا إلى مسلمين ما بصلوا ولا بزكوا يعني مسلمين في الهويه، ومسلمين ملتزمين، وأكيد همّا من أهل الجنه، وحتى المسلمين الملتزمين يقسموا لأقسام كثيره وفي كثير منهم مش رح يكونوا في الجنه مع أبو بكر وعمر والصحابة الأخيار، وبعضهم رح يكونوا في الطبقات الدنيا من الجنه.

 

الشيخ ابو الرائد ناسي أنه الأواعي اللّي لابسها ما نسجها المسلمين، النظاره اللّي على وجهه بلجيكيه، موبايل النوكيا اللّي حامله وبيتصل فيه صناعة فنلنديه، والكندره اللّي لابسها إيطاليه، أو خليليه بس نعلها إيطالي، والسياره العمومي اللّي بسوقها ألمانيه، ثلاجتهم في الدار كوريه، التلفزيون ياباني، والمروحه صينيه، الراديو تايواني، مقعد حمامهم  أجلّكم الله هندي، ورق كتب ودفاتر أولاده اسباني أو برتغالي،  القلم اللّي بكتب فيه فرنسي، قماش دشداشته الشتويه انجليزي، لمّا عمل صورة اشعه من اسبوعين لمرته في المستوصف استخدم جهاز صناعه نرويجيه، لمّا سافر على الحج سافر في طيّاره أمريكيه، وطبعا لو بدّي أعد الأشياء اللّي بستعملها أبو الرائد وغيره من العرب، كنت رح أمر على دول العالم قاطبة وما أذكر ولا دوله عربيه، طبعا غير النفط، وكأنهم العرب اكتفوا بالنفط لعمارة الأرض، ودخول الجنه، وحتى النفط شركات أجنبيه كوريه وأمريكيه وفرنسيه وألمانيه هي اللّي اكتشفته واستخرجته وكررته.

 

أبو رائد وأمثاله سبب نكبتنا، أبو رائد وأمثاله من الجمعه للجمعه بعملوا جلسان تنويم مغناطيسي علشان نبقى عايشين في الجهل والوهم، ما دمت بتصلي وبتصوم، اترك أمر عمارة الأرض للكفار العايشين في أمريكا وروسيا وكوريا واستراليا، ربنا خلقنا علشان نعبده، وهمّا خلقهم علشان يعملولنا سيارات وجبنه صفرا، وجبنه دهن، علشان نوكل شوكلاته نوتيلا من تحت إيدين الكفار، علشان نشرب بيبسي وردبول من إنتاج الكفار،  وفي الأخير مين اللّي ربحان، أكيد احنا لأنّا رح نلاقي ربنا بالصوم والصلاة والحج، وهما للأسف رح يلاقو ربنا بالأيفون والجلكسي والسوني، رح يلاقوه في بي أم دبل يو والمرسيدس، وبيتسا هت، وكي اف سي، والكيا سوراتو، وأكيد الصوم والصلاه أهم من كل هاي الأشياء.

 

خلصت خطبة الجمعه، روحت على الدار كانت المره طابخه منسف، كالعاده يوم الجمعه تغدينا ونمنا، بس لمّا صحيت كان صوت أبو الرائد بتردد في راسي مثل صوت درل بحفر في حيط.

 

أرفع راسك أنت مسلم، افتخر في نفسك إنت مسلم.

 


[1] مواكب للعصر.