الحدث- أحمد بعلوشة
أثارت الأزمة المتصاعدة التي يمر بها مركز المرأة للإرشاد القانوني والإجتماعي على خلفية اتهامات بالتطبيع وبفصل تسعة من موظفات وموظفي المركز على نحو تعسفي تفاعلات كبيرة في مختلف وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وصلت حد المطالبة بمقاطعة كافة الأنشطة والفعاليات التي ينظمها أو يدعو إليها المركز.
المدافعين/ات عن حقوق الإنسان ..
وقد أكد عدد من المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان على صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي بأن مركز المرأة للإرشاد قام بفصل تسعة من موظفات وموظفي المركز فصلاً تعسفياً على خلفية ممارسة حقهم في التعبير عن الرأي وانتقاد أداء الإدارة على المستوى الإداري والمالي وممارسة الحق في العمل النقابي، وأن هناك نية مبيتة من قبل إدارة المركز استهدفت فصل الموظفين التسعة، وأن المركز قد مس بشكل خطير برسالته وأهدافه في الدفاع عن حقوق المرأة وحقوق الإنسان، وأن إدارته قد تخلت عن رسالتها الحقوقية.
بيان لجنة العاملين/ات في الهيئة المستقلة
وقد صدر بيان عن لجنة العاملين في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في 21 أيلول الجاري نشر على مواقع التواصل الاجتماعي يستنكر إقدام إدارة مركز المرأة على فصل العاملات والعاملين التسعة على خلفية الرأي وممارسة النشاط النقابي المكفول في القانون الفلسطيني والمواثيق الدولية، وطالب البيان إدارة المركز بالعودة عن قرار الفصل وحل الأزمة مع العاملين عن طريق الحوار وليس من خلال فرض إجراءات عقابية ضدهم.
بيان لجنة العاملين/ات في مركز المرأة
لجنة العاملين/ات في المركز أصدرت بياناً توضيحياً في 22 أيلول الجاري أكدت خلاله أن إدارة مركز المرأة قامت بفصل تسعة من العاملات والعاملين في 19 أيلول الجاري، بالتزامن مع زيارة المقررة الخاصة في الأمم المتحدة المعنية بمناهضة العنف ضد المرأة إلى الأرض الفلسطينية المحتلة، وأن إدارة المركز فصلت الموظفين بذرائع واهية، وأن لجنة العاملين والعاملات تقدمت منذ 18 شباط 2015 بوثيقة موقعة من غالبية موظفات وموظفي المركز بمطالب مشروعة بتعديل السياسات والإجراءات الإدارية والمالية ومعالجة الإهدار في موارد المؤسسة، والمحافظة على هوية المؤسسة وابتعادها عن أي نشاط تطبيعي وإعادة الاعتبار لمكانتها الحقوقية والوطنية.
وقد أكدت لجنة العاملين/ات في بيانها المذكور أن هناك "نزاع عمل" تنصلت منه إدارة المركز، وقررت لاحقاً التعاقد مع خبيرة أجنبية لتقييم مستوى الأداء وبيئة العمل في المركز، وأن الإدارة تنصلت من توصيات هذا التقييم الخارجي للخبيرة الأجنبية؛ الذي يشير في توصياته إلى أن تحسين بيئة العمل وشروطه تعتمد على ضرورة حل نزاع العمل، وأن إدارة المركز طلبت بعد ذلك اللجوء إلى التحكيم الخارجي ومن ثم تنصلت منه أيضاً .
لمياء شلالدة، إحدى أعضاء لجنة العاملين والعاملات في المركز، تقول لـ"الحدث": "النزاع بين المركز ولجنة العاملين والعاملات هو نزاع نقابي، بدأ منذ شهر شباط من العام الماضي 2015، وكان محوره الرئيسي هو مخالفات إدارية ومالية قامت بها إدارة المركز، إضافة لشبهة تطبيع بعد قيام إحدى العاملات في المركز بالمشاركة في أحد الاجتماعات التطبيعية باسم المركز".
وتكمل شلالدة: "حاولنا مرارا التواصل مع مجلس الإدارة، وعرضنا كل ما نملك من وثائق تثبت صحة اتهاماتنا للإدارة الحالية، إلا أنها رفضت بشكل مطلق التعامل مع مطالبنا، حتى أنها رفضت تدخل الهيئة العامة في النزاع بيننا، كما رفضت التعاطي مع أي طرف ثالث لحل النزاع بما في ذلك مجلس منظمات حقوق الإنسان، وشبكة المنظمات الأهلية، ومنتدى المنظمات الأهلية، والاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، الذي أكد على أهمية حل النزاع داخليا إلا أن الإدارة رفضت ذلك، وقابلت كل جهود الوساطة بإجراء تعسفي اتخذته ضد تسعة من العاملين والعاملات في المركز بفصلهم دون وجه حق".
شلالدة التي ترى في هذا الإجراء إجراء غير قانوني أكدت على أن كلمة الفصل بينهم وبين المركز ستكون بيد القضاء، الذي سيكون ملجأهم في المرحلة القادمة.
رد إدارة مركز المرأة
من جهتها، نفت رندة سنيورة، مدير عام مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي أن يكون ما قام به المركز هو فصل تعسفي، وقالت أن ما حصل هو إنهاء تعاقد يأتي ضمن إعادة الهيكلية التي يقوم بها المركز وفقاً لتقرير مقيمة أجنبية من خارج المؤسسة، حيث تم دمج أربع وحدات من وحدات المركز في وحدتين، مما يعني فائضا في عدد العاملين، فجاء قرار إنهاء التعاقد لتسعة من الموظفين خمسة منهم يعملون على عقود مؤقتة.
وأكدت سنيورة في لقاء هاتفي مع "الحدث" أن هذا يأتي في ظل أزمة مالية حقيقة يمر بها المركز منذ عامين، كما أكدت على إنهاء خدمات العاملين يأتي منسجما مع قانوني العمل والجمعيات، وأن إدارة المركز لا تمانع من التوجه للقضاء للنظر في هذه القضية.
وأشارت سنيورة إلى أن التهم التي توجه بها الموظفون لإدارة المركز غير مقبولة، تقول سنيورة: "لا وجود لنزاع نقابي بين إدارة المركز ولجنة العاملين والعاملات، لأن هذه اللجنة منحلة بقرار من العاملين في المركز، حيث أخذت الإدارة دور المتفرج ورفضت التدخل بين العاملين ولجنة التمثيل، فنحن كمركز نحترم العمل النقابي".
وحول الاتهامات الأخرى المتعلقة بالتطبيع والمشكلات الإدارية والمالية، تقول سنيورة لـ"الحدث": "نحن مؤسسة نحارب التطبيع، وهذه الاتهامات عارية عن الصحة".
وذكرت سنيورة أن أحد المفصولين هو موظف أنظمة المعلومات في المركز، حيث تعرض المركز في الفترة الأخيرة لتسريبات وخروقات في أنظمة المعلومات، وجه إنذارا للموظف المسؤول، الذي كان اسمه مدرجا ضمن قائمة إعادة الهيكلة؛ ليتم تعليق مستحقاته المالية حتى انتهاء التحقيق في القضية.
موقف اتحاد النقابات المستقلة
من جهته، دحض محمود زياده الأمين العام لاتحاد النقابات المستقلة ما قالته سنيورة قائلاً" إن ما تسوقه إدارة مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي هو محض افتراءات، فالنزاع بالمرتبة الأولى هو نزاع نقابي يمتد منذ عدة شهور، وهو موثق بعشرات الرسائل لدى وزارة العمل واتحاد النقابات المستقلة، والفصل جاء كرد فعل على احتجاج العاملين على سياسات التطبيع التي تمثلت بحضور إحدى العاملات في المركز ممثلة عن المركز لإحدى اللقاءات التطبيعية، إضافة لمطالبة هؤلاء العاملين بتحسين ظروف عملهم وأجورهم، وإلغاء سياسة التمييز بين العاملين على هذين الصعيدين".
وأشار زيادة في اتصال هاتفي مع "الحدث" إلى خطورة الأمر وبخاصة عندما يدور الحديث عن انخراط عضوة في المجلس التشريعي في مجلس ادارة المركز واتخاذ مثل تلك القرارات، الأمر الذي ينبغي أن يضع المجلس التشريعي أمام مسؤولية كبرى فكيف تتورط إحدى عضواته بقضية قطع رزق لتسع عائلات؟ ثم كيف لمؤسسة حقوقية نسوية أن تكون محل ثقة للنساء اللواتي يلجأن لها في ظل عدم إيمان هذه المؤسسة بحقوق العاملين والعاملات فيها، وتجاهلها والرمي بها عرض الحائط.
وحول تسريب معلومات من المركز قال الأمين العام لاتحاد النقابات المستقلة زيادة لـ"الحدث": "من المهم أن نعلم ما هي المعلومات، ومن سربها، ولمن سربت، ثم لو كان تسريب المعلومات للجنة تمثيل العاملين فاعتبار هذا الأمر جريمة يأتي تبعاً لطبيعة المعلومات التي سربت والتي نطالب السنيورة بالإعلان عنها وبإطلاعنا عليها".
وأكد محمود زيادة على أن لجنة تمثيل العاملين والعاملات في المركز كانت طوال المدة الماضية تسعى لإيجاد حل سلمي للأزمة التي تفجرت بعد قرار الفصل، فبداية طالب المركز بالتوصل لحل عن طريق وزارة العمل، وبعد قبول اللجنة رفضت إدارة المركز ذلك، وبعد ذلك عادت إدارة المركز وطرحت فكرة التفاوض والحوار، وبعد عدد من الجلسات عادت وانسحب، ثم طالبت إدارة المركز بالتحكيم وعادت وتراجعت، ومن ثم اقترحت جلب مقيم خارجي ليوافق الموظفون وتتراجع الإدارة عن التوصيات، كل هذا دليل على أن الإدارة لم تكن معنية بحل الأزمة.
عبد الرزاق غزال، أحد موظفي المركز المفصولين، أكد على أن مطالبهم كانت تقتصر على تصويب مسار إجراءات المركز الإدارية والمالية، وذلك من خلال وثيقة وقع عليها معظم العاملين، إلا أن الإدارة تعاطت مع هذه المطالب بعدم مسؤولية.
وتساءل غزال، عن أي أزمة مالية يتحدث المركز، وقد أنفق لاتخاذ قرار الفصل الكثير من الأموال، فمن استقدام مقيمة أجنبية، للتعاقد مع شركات أمنية، وغير ذلك، كل ذلك تم بحسب غزال للتخلص من لجنة تمثيل العاملين والعاملات في المركز.
وحول موقف بقية العاملين في المركز من هذه القضية، يقول غزال لـ"الحدث": "هم غاضبون من هذا القرار المجحف، وقد توجه بعض منهم برسائل رسمية للإدارة يطالب فيها بمعرفة الدوافع وراء هذا القرار المفاجئ، كما استنكروا عدم معرفتهم كجزء من المركز بهذا القرار".
وطالب غزال بأن يأخذ القضاء على عاتقه حل الأزمة، وإعادة الحق لأصحابه، ففصل تسعة موظفين، يعني قطع رزق تسعة عائلات فلسطينية، إضافة إلى أن إدارة المركز لجأت لتشويه سمعة بعض العاملين المفصولين، لتضلل الرأي العام وهو ما لا يقبل من مؤسسة حقوقية.
اعتصام تضامني مع الموظفين/ات المفصولين
تجدر الإشارة، إلى أن عشرات المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان نظموا اعتصاماً أمام مقر مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي الكائن في رام الله يوم الإثنين الموافق 26 أيلول 2015 تلبية للدعوة التي وجهتها لجنة العاملين والعاملات في المركز للمشاركة في هذا الاعتصام التضامني انتصاراً للحق في الدفاع عن الكرامة الإنسانية والوطنية والحقوق والحريات النقابية ورفضاً للفصل التعسفي وفقاً لنص الدعوة المذكورة.
وقد شهد الاعتصام التضامني رفع العديد من اللافتات التضامنية التي ترفض الإجراء الذي اتخذته إدارة المركز بحق الموظفين والموظفات التسعة وتؤكد على وجوب احترام حقوقهم وعدم انتهاكها واحترام رسالة وأهداف المركز. كما وألقيت خلال الاعتصام العديد من الكلمات التي ألقاها ممثلات وممثلين عن لجنة العاملات والعاملين في مركز المرأة، والمدافعين عن حقوق الإنسان، واتحاد النقابات المستقلة، والاتحاد العام لعمال فلسطين، ومنتدى مناهضة العنف ضد المرأة، بحضور العديد من ممثلي المؤسسات الحقوقية والنسوية.
وعبرت الكلمات خلال فعاليات الاعتصام عن إدانتها واستنكارها للقرارات الجائرة التي اتخذتها إدارة مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي بحق الموظفين التسعة، واعتبروه انتهاكاً لحق الموظفين في التعبير عن الرأي والعمل النقابي، واعتبر المتحدثون/ات أن المبررات التي ساقتها إدارة المركز لفصل الموظفين واهية، وأن الادعاء بإعادة الهيكلة قد استهدف النيل من هؤلاء الموظفين على خلفية انتقادهم للأداء الإداري والمالي لإدارة المركز ومطالبهم المشروعة، وأنه لم يجر متابعة توصيات التقييم الخارجي الذي أجرته إدارة المركز، وأن أداء الإدارة في التعامل مع مخرجات التقييم قد افتقر للوضوح والشفافية والحوار مع الموظفين لبيان أسس ومرتكزات التقييم وبالتالي اتخاذ القرارات. وأن إنكار وجود نزاع عمالي هو محض افتراء، وأن إدارة المركز قد تراجعت عن إجراءات النزاع العمالي وهنالك العديد من المراسلات مع جهات الاختصاص على هذا الصعيد، على حد ما ورد في الكلمات.
وقد أكد عدد من المتحدثين بأن الإجراءات التي اتخذتها إدارة مركز المرأة على المستوى الإداري والمالي خلال وبعد انتهاء التقييم الخارجي تعبر عن خلل واضح في الأداء وتدحض إدعاءات الإدارة بوجود عجز مالي، وطالب المتحدثون في كلماتهم بإعادة الموظفين/ات المفصولين إلى عملهم واحترام حقوقهم وكرامتهم وفتح حوار جاد للخروج من الأزمة المستمرة التي يعاني منها مركز المرأة للإرشاد القانوني والإجتماعي وعلى أسس مهنية وشفافة.