خاص الحدث
وعادت المخيمات الفلسطينية الى دائرة الاستهداف الأمني في لبنان، وتحديدا مخيم عين الحلوة، وذلك جراء الاحداث الأمنية التي حصلت مؤخرا في مخيمات الجنوب «شرق مدينة صيدا اللبنانية» والتي ذهب ضحيتها تسعة ضحايا في مخيم المية ومية والتي وصفت بأنها نتيجة اشتباك بين حركة أنصار الله التي يتزعمها جمال سليمان وكتائب العودة التي يتزعمها احمد رشيد ، كما تعرض الشيخ عرسان سليمان مسؤول «جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية»في مخيم عين الحلوة الى محاولة اغتيال من قبل مجهولين .
لماذا التوتير في المية ومية
مخيم المية ومية من اكثر المخيمات الفلسطينية تمتعا بالاستقرار الامني وذلك يعون الى التفاهم الداخلي بين الفصائل وحالة المخيم الصغير نسبيا بمساحته مما يجعل كل ابنائه وعائلاته متقاربة ومتعارفة وحتى انها شديدة الالتصاق نتيجة المصاهرة والقرابة والنسب. بنت الانروا مخيم المية ومية في العام 1954 على تلة بالقرب من بلدة المية ومية التي تبعد عن مدينة صيدا 4 كيلو متر ويبعد مخيم المية ومية عن مخيم عين الحلوة حوالي الكيلومتر ويفصل بينهما حي التعمير تلك البقعة التي تاوي كل انواع الخارجين والفارين من القانون حسب توصيف الاجهزة الامنية اللبنانية فهل كان المقصود اشعال فتيل الاشكال الامني في مخيم المية ومية لينتهي بانفجار في مخيم عين الحلوة .
مخيم عين الحلوة
مخيم عين الحلوة من أكبر المخيمات الفلسطينية ويعتبر الثقل السياسي الفلسطيني لتنوع الوجودالسياسي فيه، ووجود مقار قيادية لمعظم القوى والفصائل الفلسطينية فيه, وهو مخيماتم انشاؤه من قبل وكالة غوث وتشغيل اللاجئيين الفلسطينين «الاونروا» في جنوب لبنان، ويقع المخيم ضمن مدينة صيدا الساحلية، والتي تعتبر عاصمة الجنوب اللبناني. تبلغ مساحته حوالي كيلومتر مربع واحد، وعدد سكانه حوالي 80 ألف نسمة، وقد استقبل مؤخرا حوالي 20 الف مهجر فلسطيني من مخيمات سوريا لذا فهو أكبر مخيم في لبنان من حيث عدد السكان، ومعظمهم نزح في العام 1948 من قرى الجليل في شمال فلسطين. يضم المخيم 8 مدارس، وعيادتان للاونروا، بالإضافة إلى مستشفيين صغيرين للعمليات البسيطة.
ان هذه الاحداث المتلاحقة والمتسارعة،بالرغم من توقيع كافة الفصائل والقوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية على وثيقة شرف لتحييد المخيمات عن كل ما يجري من احداث ان كان في لبنان وتداعيات ما يجري في سوريا ، الا أنها لم تصمد اكثر من عشرة ايام .
ذلك ان اوضاع المخيمات الماساوية والصعبة والتي يطالها التهميش والظلم من كافة النواحي يعتبرها البعض تربة خصبة لوقوع بعض الشباب في مضمار والاستغلال من قبل ادوات مرتبطة ربما بمشاريع خارجية تستهدف قضية اللاجئيين وحق العودة و أمن واستقرار المخيمات. ويقول الكاتب والاعلامي عصام الحلبي ان توتر الاوضاع الامنية في المخيمات هو استهداف بشكل مباشر لارادة الفلسطيني وتمسكه بفكرة العودة التي تناقلتها الاجيال الفلسطينية عبر اربعة اجيال متعاقبة ، وهي ما تزال تمتلك من القوة والحضور وكأن النكبة قد وضعت البارحة، اذا هو استهداف للروح الوطنية الفلسطينية ووضع الفلسطيني في حالة قلق على الحياة وبالتالي الوصول الى مرحلة البحث عن مأمن للشخص والعائلة بعيدا عن الاستهداف الامني والذي تشكل ارواح ابناء المخيمات مادته الاساسية .
واستغرب الحلبي رغم الاصرار من كافة القوى والفصائل على الحرص على امن المخيمات واهلها وكذلك امن الجوار اهتزاز هذا الاصرار امام أية حادثة امنية تعرضها او تعترض ما يتم الاتفاق عليه، وهذا ان دل على شيئ فانه يدل على عدم جدية من البعض ربما ، او تغليب المصالح الحزبية والفصائلية على المصلحة العامة.
واكد الحلبي على ضرورة تفعيل كافة الاطر للمرجعية الرسمية الفلسطينية وهي «منظمة التحرير الفلسطينية»من نقابية وشعبية وتنفيذية ومركزية بذلك نكون قد وضعنا اللبنة الاولى نحو تحصين وضع مخيماتنا امنيا وسياسيا ، وفتح حوار جدي مع كافة القوى والفصائل وتكريس القضايا المتفق عليها مثل امن المخيمات وتحسين اوضاع شعبنا الحياتية والمعيشية ، ومناقشة القضايا الاخرى والوصول الى قواسم مشتركة او حلول لها ، من ثم ننطلق ومن موقع القوي والموحد والعارف لما يريد الى حوار فلسطيني لبناني على قاعد انسنة حياة اللاجئيين الفلسطينين وضرورة تمتعهم بابسط الحقوق الانسانية ( الحقوق المدنية والاجتماعية والاقتصادية وحق التملك والسكن والعمل).
الشباب من اخطر الثغرات التي يمكن ان تستغل
ونبه الحلبي من خطورة عدم الالتفاف الى جيل الشباب والتواصل معه وتفعيل دوره وإشراكه في كافة الاطر والمؤسسات بالنسبة وبالطريقة التي تخدم اهدافنا ومشروعنا الوطني وكذلك الانساني والتنموي، فالشباب هم عماد المستقبل وهم القوة الكامنة التي تبني ان استثمرت وتدمر ان استغلت، فدوما يحاول أعداؤنا الدخول من حيث وجود فراغ او فجوات، والاوضاع الماساوية لشعبنا وتهميش دور الشباب هي من اخطر الثغرات التي يمكن ان تستغل .
اما قائد الامن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي ابو عرب فيؤكد بأن كافة الفصائل والقوى الوطنية والاسلامية متفقة على مصلحة اهلنا وشعبنا في المخيمات الفلسطينية ، وتسعى الى توفير الأمن والأمان لها، وهي في ورشة عمل دائمة وفي اجتماعات مفتوحة من اجل تحقيق هذا الهدف.
واضاف اللواء ابو عرب: بان الاحداث الامنية التي حصلت في مخيم المية ومية ومحاولة اغتيال الشيخ عرسان سليمان مؤشر خطير للغاية الا ان كافة القوى والفصائل مجتمعة وطنية او اسلامية تعمل جاهدة من اجل ارساء الامن والاستقرار في المخيمات عامة وخاصة مخيم عين الحلوة ، ولكن على ما يبدو هناك ايادي مرتبطة بمشاريع واجندات خارجية متضررة من التوافق بين القوى والفصائل الوطنية والاسلامية وتعمل على خلق ارباكات امنية هنا وهناك ، وتغذية نار الفتنة على المستوى الفصائلي او المجتمعي بين ابناء المخيم الواحد, ان ما حصل من احداث نعتبره ايضا هو تخريب للمباردة الفلسطينية التي اطلقت منذ مدة قصيرة وتؤكد على تمسك الفلسطيني بحقه في العودة وتقرير المصير وبقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ، ورفض مشاريع التوطين والتهجير ، كما نحمل كل مخل بالأمن المسؤولية عن أفعاله وقد تعزز ذلك بتوافق الجميع برفع الغطاء عن المسيئ والمخل بامن مخيماتنا وجوارها اللبناني الشقيق ، كما طالبت الوثيقة الاخوة اللبنانين بالمساعدة في انجاح هذه المبادرة من خلال وقوفهم ودعمهم لها والمساعدة في تطبيقها وايجاد الغطاء لها .
احتياجات المخيمات وحلول جزئية لا تفي بالحاجة
وكما نعمل وبشكل دؤوب على تحسين أوضاع اهلنا في المخيمات، وقد اجريت العديد من الدراسات حول الاوضاع العامة لاهلنا في مخيمات لبنان وقدمت للقيادة الفلسطينية، وقد عملت القيادة على حل جزء مهم منها، فتم منذ 5 سنوات استحداث صندوق الرئيس محمود عباس لمساعدة الطلاب في اكمال تعليمهم الجامعي ، كما وتم تشكيل صندوق التكافل الاجتماعي الذي يساعد العائلات المحتاجة، كما تم تشكيل الضمان الصحي لمنتسبي منظمة التحرير الفلسطينية وفي ذات الوقت يقدم مساعدات طبية لابناء شعبنا قدر المستطاع، وكذلك تم رفع رواتب ومخصصات اسر الشهداء واصبحت بشكل يؤمن الحياة الكريمة لهذه العوائل والأسر.
اما على صعيد الحقوق المدنية والاجتماعية والانسانية لابناء شعبنا في لبنان فانه تم تشكيل لجنة حوار لبنانية فلسطينية من اجل هذا الامر ، وهذه اللجنة قامت بالعديد من الدراسات ونوقشت كافة القضايا، وقام وفد وزاري بزيارة المخيمات الفلسطينية منذ سنوات وقال هذا الوفد : ان حياة اللاجئين الفلسطينين في المخيمات قاسية وصعبة جدا ويعانون من التهميش ويجب تحسين اوضاعهم، القيادة الفلسطينية ما زالت تبحث مع كافة المعنيين اللبنانيين من اجل الوصول الى ان ينال الفلسطيني في لبنان حقوقه وكرامته الانسانية، وهذا الامر لا يلغي حقه في العودة، بل بالعكس يجعله اكثر قوة وصلابة للوقوف في وجه اية مشاريع تستهدف حقه في العودة .
وختم اللواء ابو عرب: بأن الفلسطيني في لبنان على حياد من ما يجري من تجاذبات داخلية لبنانية – لبنانية، ولن يكون مع طرف ضد طرف، لابل على عكس ذلك يقدم نفسه كمساحة تلاقي للجميع وتقريب وجهات النظر . ولا مشاريع للفلسطينين لا في لبنان ولا في اي مكان اخر مشروعهم الرئيسي في فلسطين وطن الاباء والاجداد.
ابو بسام المقدح الى تكريس دور المرجعية الفلسطينية
يعتبر امين سر «لجنة المتابعة الفلسطينية» ابو بسام المقدح ما حصل في مخيم المية ومية وسقوط 9 ضحايا و17 جريح هو ضربة للمبادرة الفلسطينية التي انجزت ، داعيا الى تحريم الاقتتال الفلسطيني – الفلسطيني، وعدم التفرد باخذ القرارات وخاصة الكبيرة ورفع مستوى التنسيق بين كافة القوى والفصائل والالتزام بالمبادرة وبنودها كون الجميع وقع عليها .
وشدد المقدح على ضرورة تكريس دور المرجعية الفلسطينية هذا الامر يحصن الجميع ويفسح المجال للجميع للمشاركة في القرار وفي تحمل المسؤولية .
ونقل المقدح استياء الناس من الذي حصل في المية ومية والذي ذهب ضحيته هذا العدد الكبير من الشهداء والجرحى والاضرار لاملاك الناس.
واستنكر بشدة محاولة اغتيال الشيخ عرسان سليمان وقال : «لقد عقدت القوى والفصائل الوطنية والاسلامية ولجنة المتابعة الفلسطينية «اجتماعا طارئا لها واستنكرت هذه العملية الاجرامية التي طالت الشيخ عرسان وهو احد المشايخ المعتدلين واصحاب الدعوة الى الله والخير ، كما تم تشكيل لجنة متابعة وباشرت هذه اللجنة عملها من اجل معرفة المجرمين لينالوا عقابهم وتقديمهم الى العدالة .
واضاف المقدح : ان هذا الامني المتردي هو برسم القيادة الفلسطينية وبرسم المرجعية الفلسطينية، وبرسم كافة المعنيين ، والسؤال هنا لماذا يتم توتير الاوضاع في المخيمات في الوقت الذي تقوم فيه الدولة اللبنانية بتطبيق خطتها الامنية في المناطق اللبنانية، هذا التوتير نعتبره مشبوها ويستهدف قضية اللاجئين وحق العودة .
وشدد المقدح على ضرورة تعزيز القوة الامنية الموجودة وتوفير الغطاء السياسي والقانوني اللبناني بعد ان تم ذلك فلسطينيا ضمن المبادرة الفلسطينية .
لماذا التوتير في المخيمات في الوقت الذي تعزز فيه الدولة الخطة الامنية في كل لبنان
ولفت المقدح الى : «ان توتير الوضع في المخيمات ايضا يأتي في الوقت الذي تقوم فيه امريكا بالضغط على الرئيس ابو مازن من اجل العودة الى المفاوضات والاعتراف بيهودية اسرائيل ، ولكنه رفض ذلك وتمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية».
هل بات مخيم عين الحلوة في عين العاصفة من حيث الاستهداف الاعلامي والامني ، وهل يمكن التغاضي عن الكم الهائل من الاشارات والتحذيرات التي ترسل باشارات لمن هم في مركز القرار، الم يحن الوقت من اجل الضرب بيد من حديد على يد كل من يريد ان يسعى بامن مخيماتنا نحو الغراب وباهلنا نحو التهجير ، لنعبر كلنا من تجربة مخيم نهر البارد ونكبة اهله ولنحرم علينا جميعا اي ضرب من المجازفة او المتاجرة بارواح الابرياء من اطفالنا ونسائنا و بالاخص بقضيتنا التي هي اليوم «المخيم».