لم يعد خافيا أن جزءا من كبيرا من العالم العربي هو صديق لإسرائيل وأن بنيامين نتنياهو يعلن من على منبر الأمم المتحدة أن عددا من الدول العربية لم تعد ترى في إسرائيل عدوها الأول، وأن إسرائيل عندما تنظر إلى العالم المحيط بها ترى واقعا استراتيجيا لم يسبق له مثيل منذ إقامة الدولة (اسرائيل) ولا يوجد خطر ان يكون تحالف إقليمي قوي يهاجم حدودها ولا توجد اي مقارنة بين قوة اسرائيل وبين القوى المعادية لها.
تذرعت إسرائيل طوال العقود الستة الماضية بالتهديد العربي لوجودها وإلقائها في البحر لتتهرب من استحقاقات السلام وخاضت حروبا متتالية استولت فيها على مزيد من الأرض العربية وابتلعت كامل الأرض الفلسطينية لتأمين حدود آمنة وقابلة للدفاع عنها. وها هي اليوم في وضع مريح كما تقول ولكنها ترفض السلام مع الفلسطينين الذين احتلت أرضهم وطردتهم من مدنهم وقراهم وشتتهم في أربعة أركان من الأرض، وكان احتلال الأراضي الفلسطينية وإقامة إسرائيل عام 48 ثم احتلال ما تبقى من الأرض الفلسطينية والقدس الشرقية عام 1967 هو السبب في رفض وجود إسرائيل والتعامل معها كدولة معترف بها في المنطقة. ولم تكن مشكلة بين الأقطار العربية واسرائيل قبل أن تحتل اسرائيل ارضا من سوريا (الجولان) وارضا من مصر (سيناء) غير قضية فلسطين وهي اليوم في وضع مريح في ظل شرق أوسط مضطرب ودول فاشلة في معظمها يهددها التفكك والتقسيم إلى دويلات طائفية ومذهبية وعرقية من العراق إلى سوريا إلى اليمن وليبيا ولبنان والسودان والبحرين وتغرق بقية الدول في مشاكل أمنية واقتصادية واجتماعية ما يجعل من إسرائيل الدولة المركزية في المنطقة.
ولعل هذه الحالة التي وصل إليها العالم العربي من اهتراء وتمزق بدوله الاثنين والعشرين أسوأ بكثير من حاله عندما قررت بريطانيا وفرنسا تقسيم بلاد الشام وفق اتفاقية سايكس بيكو وما تلاها من وعد بلفور قبل قرن من الزمان وهيأ ذلك لانشاء الكيان الصهيوني على ارض فلسطين.
سايكس بيكو لم تعد كافية لأمن اسرائيل وتربعها على عرش المنطقة كقوة استراتيجية فكانت الحرب الطائفية والمذهبية والعرقية التي نعيشها اليوم.
فهل تركن إسرائيل إلى ما هو قائم اليوم وتدير ظهرها للسلام ولحقوق الشعب الفلسطيني وتستمر في الاحتلال والاستيطان أم أنها ستدرك أن دوام الحال من المحال وأن السعي إلى السلام العادل والدائم والشامل هو ما يحفظ لأجيال في المنطقة الأمن والازدهار والرفاهية.
إن ما تعيشه إسرائيل من عزلة دولية حتى من أقرب حلفائها الذين هيأوا لها الاستمرار في عدوانها وتنكرها لحقوق الشعب الفلسطيني هو مؤشر لقيادة إسرائيل بأن يغتنموا الفرصة للدخول في مساومات مع جيرانهم من فلسطينين وعرب للوصول إلى تسوية تاريخية تعترف بحقوق وأمن الجميع. والإشارات المقصودة الواردة في خطاب الرئيس أوباما وأمام الجمعية العامة كافية لوضع حد للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.