الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

لا أدين مقتل حتر/ بقلم: أحمد زكارنة

2016-09-27 11:59:18 AM
لا أدين مقتل حتر/ بقلم: أحمد زكارنة
أحمد زكارنة

 

أنا لا أدين مقتل الكاتب الأردني ناهض حتر، بل أدين المنظومة التي أخرجت قاتله، فكم من قاتل وقتيل ينتظر دوره.. لا أدين تصفية ناهض حتر، بل أدين تصفية الحق في إبداء الرأي، وإن اختلفنا معه.. لا أدين قاتل حتر، ولكني أدين عنترياتنا على صفحات التواصل الاجتماعي، الذي لم تنتج حتى اللحظة موقفاً جماعياً واضحاً وصريحاً بأن القتل إنما هو فعل الجبناء.

 

لا أدين دولة القانون في الأردن الشقيق، ولكني أنظر بعين الريبة لقانون الغاب في المنطقة العربية بأكملها.. نحن لا يجب أن ندين مسؤولي الأمن، وإنما علينا أن نحاسب وزراء التربية والتعليم في بلادنا، لأنهم لم يدركوا بعد أن التربية كانت وما تزال قبل التعليم، وأن التعليم لا علاقة له بممارسة التلقين، وإنما بتغذية عوامل الفهم، فهم أن في قتل النفس البشرية، أفظع اعتداء على الذات الإلهية التي خلقتها فسوتها، لتنتظر منها الخطأ قبل الصواب، كي تستغفر، فيغفر لها، ويكفي أن نعي حكمة الله عز وجل، في منظومة الصواب والخطأ، الحلال والحرام، وهو العزيز القادر على خلق البشر في صواب كامل أو خطئ فاضح.

 

أنا لا أدين اغتيال حتر، وإنما أدين محاولة تمثيل دور الله على الأرض، وفي مثل هذا التمثيل اعتداء واضحا وصريحا على الذات الإلهية وخصوصيتها.

 

نعم لم ولن أدين مقتل حتر هنالك حيث سقطنا في امتحان الحرية، حيث وقف وكتب ورسم، فدارت به الأرض، ودار يسأل: أي معنى لكلمة الرصاص في قاموس الأسئلة؟ كيف لم ننتبه بأن ما كان، كان في صلاة لا نعرف سرها؟ وربما في آذان لم يمر من جوف المحبرة؟

 

كان ضيفاً إشكالياً نعم، وكان صائباً في حق نفسه لربما، وكان مخطأ في حق الآخر، أمر طبيعي ومحتمل، ولكنه كان يرفع  صوت الحرية في المأذنة، فلا يصح إلا أن نتلو عليه ما تيسر من رثاء أراه يقترح:

 

أنت وحدك الآن هناك

في التيه، في اللا معنى

ترمي السؤال الغريب في بئر الوقت

تلملمُ ما تبقى عن سطح المسافة

عن المساحةِ الخضراء

عن جدول البوح

عن الحزن في المراثي.

أنت وحدك الآن هناك

تسأل من أنا؟

تخرج في مراسم الغياب

تختصر القول كي تمضي في رحم الأرض

تقرع أجراس النبض ناياً يمُد يداً لحلم يستجير:

لا معنى لي بين رصاصتين لذاكرتين

واحدة في التيه

والأخرى في المعنى.