الحدث - أحمد بعلوشة
نشر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو في مدرسة زهير العلمي غرب غزة، ويظهر في الفيديو أحد المدرسين والذي قام بضرب عدد كبير من طلاب الفصل بعصاة معدة خصيصاً لذلك.
وكان نشطاء قد تداولوا الفيديو عبر الشبكات الاجتماعية مستجنين أن يكون أسلوب ضرب الطلاب في المدارس هو الأسلوب المتبع حتى يومنا هذا، رغم تنافيه مع كافة القواعد والنصوص التابعة لوزارة التربية والتعليم، وما له من انعكاسات سلبية على بناء شخصية الطفل ومدى تطورها.
قانون التعليم ينص على الحقوق والواجبات ويتم العودة له عقب تشكيل لجنة التحقيق.
هذا ما قاله معتصم الميناوي مدير العلاقات العامة في وزارة التربية التعليم في غزة لـ "الحدث"، وأضاف: "طالما هناك عمل وتعليم، لا بد أن يكون هناك أخطاء، ولكن المهم أن نكون مسيطرين على الميدان، هي ليست ظاهرة على الإطلاق، ونحن نجد موضوعات مشابهة ونعالجها. الفيديو لاقى صدى إعلامي كبير وبدورنا لم نتردد بإيقاف المعلم عن العمل، أيضاً شكلنا بحقه لجنة تحقيق ستخرج بالتوصيات وستعرض على وكيل الوزارة ومجلس الوزارة المصغر ومن ثم يتم اتخاذ القرار المناسب بحق المعلم".
وحول العقوبات الممكنة، أوضح الميناوي: "ممكن أن يتم إيقافه عن العمل لفترة محدودة، أو نقله من مكان عمله، ولو وجدت اللجنة ضرورة فصل هذا المعلم؛ يتم فصله. المسألة تحكمها لجنة التحقيق، اليوم سيمثل المعلم أمام اللجنة المكونة من المستشار القانوني ومدير عام الشكاوى وذوي العلاقة بالموضوع، ومن ثم ترفع التوصيات ويؤخذ بها".
وبين الميناوي أنه لم يكن يتعيَّن على الطالب تصوير المدرس بهذا الشكل، وكان من الممكن أن يحصل المعلم على نفس العقوبات دون الحاجة إلى نشر الفيديو، مضيفاً: "بإمكان الطالب التوجه إلى المديرية وتقديم شكوى في حال تعرض لأي ممارسة غير قانونية، ولدينا أمثلة على ذلك. هناك طالب قام بتقديم تقرير طبي بعد أن تم الاعتداء عليه، وتم فصل المدرس تماماً من العمل".
وأشار الميناوي إلى أنه هناك إدارة عامة للشكاوى في الوزارة، ومن حق المواطن أن يقدم شكوى في أي شخص يتجاوز القانون.
الدكتور محمد أبو شقير عميد كلية التربية بالجامعة الإسلامية ووكيل وزارة التعليم سابقاً، قال لـ الحدث: "هناك أشخاص لديهم أفكار غريبة وشاذة ولا يستطيعون التواصل مع الطلبة بشكل جيد، هناك أبعاد كثيرة، والحالة الموجودة هي حالة فكرية خارجة عن المألوف وفيها انعكاس على أسلوب حياة بعض المدرسين وطريقة تعاملهم مع الناس".
وأردف أبو شقير: "أنا شخصياً أرفض أن يتم التعامل مع الطلبة بهذا الشكل، خاصة وأن الطلبة الذين ظهروا في الصورة هم في مرحلة تحتاج مراعاة واحترام، وكل من يعتقد أنه جديد على التربية ولديه أفكار يريد أن يطبقها من رأسه دون الرجوع إلى المنظومة العامة.. فهو لا يصلح أن يكون معلماً، لأن الفترة ما بيع سابع وعاشر هي مرحلة حساسة ويجب فيها معاملة الطلبة بأسلوب جيد وحضاري، ولا يمكن أن يكون الضرب هو الحل في هذا الموضوع".
وأكد أبو شقير: "نحن نحذر من هذا السلوك ولا نرضى أن يكون بين معلمينا من يتعامل مع أبنائنا بهذه الصورة، خاصة إذا كان الموضوع منبعث من سلوك غريب ودخيل، وتحديداً حين يتم ضرب معظم الطلاب في الفصل. هذا أمر مرفوض، وأهم شيء هو إيقافه عن العمل.
وبين أبو شقير أنه: "لا يوجد نص واضح حتى الآن للتعامل مع هذه الحالات، خاصة وأن قانون التعليم لم يقر ولم يعدل ولم تخرج بنوده بالشكل النهائي، رغم السعي وراء ذلك منذ عام 2006، لذلك التجاوزات قائمة، وهناك لوائح تنظيمية فضفاضة لا يؤخذ بها عند الفصل".
آلاف المواطنين شاهدوا الفيديو عبر مواقع التواصل، وحين سألته الحدث إذا ما كان قد شاهد الفيديو المنشور، قال الكاتب والحقوقي أكرم الصوراني: "شاهدته وكان مشهداً مقزز حتى تشعر للوهلة الأولى أنك أمام فيلم تسجيلي عن العنف داخل مراكز الإصلاح والتأهيل. أمثال هذا "البودي جارد" ربما لو شاهده أحمد شوقي لتراجع وندم عن قُم للمعلم وفّه التبجيلا لإنّه كاد المعلم أن يكون أبو عنتر، وهذه الممارسة العدوانية العنفية تجاه الطالب من المدرس بقدر ما هي تجاوز للقانون إلا أنها تجاوز لآدمية الطالب".
وتابع الصوراني: "أمثال هذا المدرس بقدر ما قد يساهم في خلق صورة مهزوزة للطالب أمام نفسه وزملائه، إلا أنَّ الخطورة تكمن في تحوّل هذه الصورة المهزوزة كردة فعل في مرحلة من المراحل إلى صورة عنفية حاقدة ناقمة تكمن فيها روح الانتقام، وبالتالي تنفيس وممارسة اضطهاده على أقرانه أو أخواته أو الأضعف منه، او لاحقاً على المجتمع ومكوناته من أسرة وأطفال وزوجه".
وحول انتشار الفيديو ومدى متابعة الموضوع، أكمل الصوراني: "بعد انتشار الفيديو الكل علم بوجود جريمة تُمارس بحق الطلبة، ومن المفترض أن تكون مهمة وزارة التربية والتعليم هي متابعة ما يدور خلف أسوار المدارس من كوارث -غير طبيعية- بحق الطلاب".
وحول إمكانية تسجيل أبنائه في مدرسة حكومية، قال الصوراني: "خالد في مدرسة خاصة وليست المسألة خوف عليه من التحاقه بالمدارس الحكومية سيما وأنه عند سن معينة سينتقل بشكل إجباري، ولكن المسألة ربما لها علاقة بالأهل ورغبتهم في إلحاق ابنهم في وسط ومحيط تربوي تعليمي مغاير نوعا ما للنمطية الحكومية.
وأشار الصوراني إلى وجود لوائح وقوانين تضمن محاسبة المدرس، ولكن الأهم هو تفعيل وإنفاذ هذه القوانين حتى ينال عقابه الذي يعيد للطلاب كرامتهم وآدميتهم ويضع حداً لهذه الانتهاكات وتسليط الضوء عليها، مضيفاً: "هنا دور المواطن الصحفي الذي مارسه الطالب الشجاع الذي قام بتصوير المدرس داخل الفصل، وحل المشكلة أيضاً لا يقف عند محاسبة المدرس على اهميتها بقدر ما تتعلق بدور المدرسة في توضيح خطأ المدرس ومساهمتها في إعادة ثقة الطالب بنفسه وبالمجتمع، وهذه فرصة للطلاب بأن يعوا حقوقهم، وألا يسمحوا لأحد بانتهاكها حتى لو كان المدرس الذي كاد كما قال الشاعر أن يكون رسولاً، مش بلطجي وفي إيده ماسورة".