الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

خاص "الحدث"| الاحتلال الإسرائيلي يُحكم قبضته على اقتصاد المدينة المُقدسة

2016-10-03 05:00:17 PM
خاص
من الأرشيف

 

الحدث- محاسن أُصرف

 

لا شيء في المدينة المُقدسة يصف حالها الاقتصادي أكثر من مشاهد فراغ الأسواق من روادها، وإغلاق الحوانيت أبوابها بقرارٍ إسرائيلي جائر بعد أن عجز أصحابها عن الوفاء بديونهم الضريبية لبلدية الاحتلال.

 

في القدسِ لا تجد بائعًا في السوق متوهج الوجه فرحةً بما رُزق، فهو يعلم أن لا نصيب له منه وأن فواتير الضرائب تنتظره وإلا فالاعتقال أو تسليم دكانه لإسرائيل، لكن البعض مازال متشبثًا بالأمل داعيًا إلى إيجاد حالة من الدعم المالي ليبقى حافظًا لطابع المدينة العربي الفلسطيني الأصيل.

 

وأدت السياسات الإسرائيلية إلى تراجع العديد من القطاعات الاقتصادية في المدينة المقدسة السياحية والصناعية والتجارية وأدخلتها في أزمات متلاحقة، مما أثمر إفلاس العديد من المؤسسات وهجرتها إلى خارج حدود المدينة خاصة بعد بناء الجدار العنصري وبعد أحداث الهبة الشعبية في أواخر العام 2015.

 

مُضايقات وإصرار على البقاء

خالد الصاحب الذي يملك محلا تجاريا لبيع الألبسة في شارع الوادي القريب من باب العامود بالقدس المحتلة، أكد لـ "الحدث" أن الحراك التجاري في المدينة المُقدسة مُثقلا بالضرائب  وعمليات التضييق والخنق الإسرائيلية للاقتصاد المقدسي خاصة في البلدة القديمة، يقول الرجل: "يُريدونا أن نهجر القدس بسياسات الخنق الاقتصادي لكنّا لن نركع"، يرفض "الصاحب" الذي يبلغ الخمسينيات من عمره كل إجراءات الاحتلال التي أدت إلى إغلاق قرابة 30% من المحال التجارية في البلدة القديمة، مؤكدا أن صموده مستمر للحفاظ على الطابع العربي الفلسطيني الأصيل للبلدة القديمة وقال: "رغم تتابع النكبات على التُجار المقدسيين وتقلص نسب الشراء 80% إلا أننا سنبقى شوكة في حلق الاحتلال الذي يُريد القدس يهودية"، ولفت إلى ضرورة التدخل على المستوى الفلسطيني والعربي والدولي من أجل إنصاف المقدسيين في حربهم ضد الاحتلال وإفشال مخططات الاحتلال في سلخ القدس عن الكيان الفلسطيني.

 

ولا يختلف عنه التاجر المقدسي خالد تفاحة 45 عاما، الذي أكد أن المضايقات التي يتعرض لها التُجار وأهل المدينة المقدسة عموما ازدادت أضعافا بعد أحداث الهبة الشعبية، وأضاف أنهم كثيرا ما يُجبرون على إغلاق حوانيتهم بأمر الاحتلال بذريعة الاشتباه بوجود منفذين لعمليات طعن، وأردف: "أن رحلة الوصول إلى محله في البلدة القديمة شاقة جدا ومن ثم العمل يكون أصعب"، وبمزيد من التفصيل يؤكد أنه لا يصل إلى محله إلى بعد نوبات متكررة من التفتيش الدقيق، وبمجرد فتح باب رزقه يُفاجأ بطواقم بلدية الاحتلال إما تطالبه بالضرائب المتراكمة أو إغلاق المحل لأسباب أمنية، يقول: "أصبح تُجار القدس في دائرة الفقر والغالبية لا يُمكنه توفير قوت يوم أسرته، لكننا صامدون".

 

ويدفع التاجر "تفاحة" ضريبة أملاك سنوية لسلطات الاحتلال بقيمة أربعة آلاف دولار، يقول أنه يُدبر المبلغ بشق الأنفس في ظل ضعف الحركة التجارية والملاحقة اليومية لسكان القدس.

 

المنافسة الإسرائيلية

بدوره اعتبر "زياد الحموري" مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية أن الحالة التنافسية غير المتكافئة بين مراكز التسوق الإسرائيلية وبين الحوانيت العربية في القدس المحتلة كانت سببًا في تراجع الوضع الاقتصادي في المدينة المقدسة، مؤكدا أن التسهيلات التي تُقدمها تلك المراكز للمستهلك المقدسي في ظل ما يُعانيه من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة ضئيلة جدا.

 

ووصلت نسبة الفقر بين المقدسيين إلى 80% حسب الحموري، فيما بلغت نسبة المديونين لبلدية الاحتلال حوالي 75% ما يُحتم على العالمين العربي والإسلامي توجيه دعمهم لتعزيز صمود المقدسيين اقتصاديا خاصة في ظل الإجراءات القهرية التي تفرضها إسرائيل على المقدسيين بعد هبة القدس، مؤكدا أن الاحتلال عمد إلى استغلال الأحداث الشعبية في زيادة الخناق على المدينة المقدسة، وأكد أن الحركة التجارية في الأسواق المقدسية تراجعت إلى النصف تقريبا في الأشهر الأولى للهبة الشعبية، واستمرت في التأزم خاصة بعد تدهور الأوضاع الأمنية التي أثرت على حركة السياحة الوافدة للمدينة المقدسة، وأضاف أن الحرب الاقتصادية  باتت في السنوات الأخيرة السلاح الأبرز لدى الاحتلال لتهجير سكان المدينة.

 

الاستثمار العربي حل لواقع القدس المتردي

 

من جانبه يرى فادي الهدمي مدير عام غرفة تجارة وصناعة القدس، أن المآلات الاقتصادية المتردية التي وصلت إليها مدينة القدس المحتلة ترجع إلى سياسات الاحتلال الإسرائيلي المتمثلة بحصار المدينة وبناء جدار الفصل العنصري، ناهيك عن الحواجز التي تُعيق حرية الحركة والتنقل، وأردف أن ذلك حرم الكثير من الفلسطينيين من الوصول إلى المدينة والتسوق في أسواقها والسياحة في أحيائها، وقال: "أحدث ذلك شللا تاما في الحركة الاقتصادية بالمدينة".

 

وبيَّن أن الخروج من أزمة الاقتصاد التي تُعانيها المدينة بضخ الاستثمارات العربية فيها خاصة في ظل واقعها الحضاري والتاريخي مؤكدا أن ذلك من شأنه أن يُنعش الحالة الاقتصادية، وقال: "إن ذلك يحتاج إلى إرادة صلبة وقرار سياسي حازم يضع إنعاش المدينة اقتصاديا ودعم صمود أهلها على سلم أولوياته".