الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في العدد 71| أهالي جنوب بيت لحم بين معترض وموافق على إنشاء مصنع الإسمنت وهذه هي الأسباب

2016-10-11 01:01:10 PM
في العدد 71| أهالي جنوب بيت لحم بين معترض وموافق على إنشاء مصنع الإسمنت وهذه هي الأسباب
منطقة إنشاء المصنع

 

الحدث- روان سمارة

أطلق صندوق الاستثمار الفلسطيني، ومن خلال شركة سند للموارد الإنشائية، الذراع الاستثماري لصندوق الاستثمار الفلسطيني، مطلع الشهر الحالي مصنع الإسمنت الأول في فلسطين، والذي سيتم إنشاؤه على أرض تبلغ مساحتها 3300 دونم جنوب محافظة بيت لحم.

 

وسيقام المصنع على أرض تعد جزءا من أرض حكومية تبلغ قيمتها  330 ألف دونم، تمتد حتى البحر الميت شرقا.

 

توجهت "الحدث" لمكان إنشاء المصنع، يوم السبت الماضي، ورصدت آراء المواطنين ورؤساء المجالس في كل من الرشايدة، وتقوع، وكيسان، وهي المناطق الأقرب للمصنع المراد إنشاؤه.

 

أصر أهالي الرشايدة على عدم معارضتهم على إقامة المصنع في حال أقيم خارج حدود أراضيهم، وهو ما تححق وفقا لفواز الرشايدة، حيث أبلغهم المحافظ في اجتماع عقد يوم السبت بالاستجابة لمطلبهم بإزاحة المصنع باتجاه المنطقة المحاذية لتقوع والتعامرة.

 

فواز الرشايدة، رئيس مجلس قروي الرشايدة قال في لقاء مع "الحدث" إن الرشايدة كانوا يرفضون إقامة المصنع على أراضيهم، وأشار إلى أن السبب هو الآثار البيئية لإقامة هذا المصنع ستضر بالمراعي التي يعتمد عليها الرشايدة كمصدر أول للرزق، كما أنها ستضر بالمواطنين من الناحية الصحية نتيجة الأتربة والغبار التي ستنبعث من المطحنة والكسارات.

 

وكان يبعد المصنع المنوي بناؤه عن أحد التجمعات السكنية لعرب الرشايدة ما يقارب 500 مترا فقط، فيما تم إبعاده عن المستوطنة 500 كيلو متر بحسب فواز الرشايدة الذي يرى أن هذا مؤشر خطير على كارثة بيئية ستشهدها المنطقة، وأهالي الرشايدة بشكل خاص.

 

وحول ما قام به المجلس القروي قال الرشايدة لـ"الحدث": "تابعنا الموضوع وعقدنا عدة جلسات حضرها وجهاء القرية والمحافظ، وكان موقفنا واضحا حول إبعاد المصنع عن مناطقنا السكنية، وهو ما تم".

 

ويوضح : "إن الرشايدة كانوا قد رفعوا عريضة من توقيع 500 رب أسرة، وقدموها لمكتب الرئيس، وقد دهشوا عندما قرأوا العريضة لأنهم كانوا قد استلموا تقارير وأوراق من صندوق الاستثمار تثبت عدم اعتراض الرشايدة على إقامة المصنع".

 

عن رأيه في كلمة الرئيس في مؤتمر سند قال الرشايدة لـ"الحدث": "لم أحضر المؤتمر؛ لأنني كنت أخشى أن يحسب حضوري موافقة على إقامة المصنع، فالمصنع لن يقام حتى لو تصدينا له بأجسادنا".

 

حاتم صباح رئيس مجلس بلدية تقوع، أكد على أنه تم تشكيل لجنة للمتابعة من قبل المحافظ، وأشار إلى أن شركة سند قامت بتقديم الدراسات والوثائق والموافقات التي حصلت عليها من وزارات السلطة ومؤسساتها، وهو ما دعاه لقبول المشروع.

 

وقال صباح لـ"الحدث": "هناك من يعترض لمجرد الاعتراض، فالمصنع الذي سيقام يبعد عن بلدة تقوع والقرى المجاورة ما لا يقل عن 10 كيلومترات، وقد قامت سلطة البيئة بإجراء دراسات كاملة عن الموضوع، والآثار البيئية لإنشاء المصنع، وهذا المشروع يمثل مشروعا سياديا وطنيا يجب أن ندعمه".

 

وبين صباح أن ما يتم تداوله من البعض عن إزاحة مقر المصنع هو مجرد كلام، فسند قامت بشراء 3300 دونم من أراضي المنطقة المتنازع عليها بين الرشايدة والحكومة، وفكرة إزاحة المصنع تعني إزاحته بمقدار 500 متر فقط داخل هذه المساحة التي سيبدأ العمل على 200 دونم منها فقط.

 

وأكد صباح على أنه كرجل في موقع مسؤولية يهتم بمصلحة كل مواطن وأي مواطن سواء كان من عرب الرشايدة أو تقوع أو أي منطقة فلسطينية، وهو ما كان سيدفعه لرفض المشورع في حال علمه بأن هذا المشروع قد يهدد حياة أي شخص أو يهدد مصدر رزقه.

 

وقال صباح لـ"الحدث": "شاهدنا المخططات، واطلعت على الأجهزة البيئية والتكنولوجية التي من المفترض أن تستخدمها سند في المصنع، وهي معدات متطورة أكثر من المعدات المستخدمة في مصنع "نيشر" الإسرائيلي، الذي لم نسمع بتأثيره على حياة سكان مدينة الرملة.

 

وحول فرص العمل التي يمكن أن يؤمنها المصنع، قال صباح: "سيؤمن المصنع فرص عمل ليس لمواطني المنطقة فقط، بل لسكان محافظة بيت لحم كاملة".

 

يبلغ عدد سكان بلدة تقوع 14 ألف نسمة، وكان يعمل جزء كبير منهم في الزراعة والرعي، إلى أن هذا العدد بدأ بالتناقص بعد أن بدأ أهالي تقوع بخوض غمار أعمال أخرى منها التجارة، والوظائف وغيرها.

 

حسين غزال رئيس مجلس قروي كيسان قال لـ"الحدث": "نحن في بلدية كيسان لسنا ضد إقامة المصنع في المنطقة، بل نؤمن بقاعدة (لا ضرر ولا ضرار)، ونتمنى أن لا يؤثر قيامه على الحياة البرية، والمراعي فجزء كبير من مواطني تقوع وكيسان والرشايدة يعتمدون على تربية المواشي، والثروة الحيوانية التي هي مصدر رزقنا الأول إن لم يكن الوحيد".

 

ويبلغ مجموع المواشي التي يمتلكها أهالي كيسان وفقا لغزال، 3500 من الإبل والأغنام، وقد تقلص عدد المواشي في السنوات الأخيرة بحسب غزال نتيجة لممارسات الاحتلال،واستهدافها للمراعي والرعاة على امتداد المنطقة.

 

وحول الآثار السلبية لإقامة المصنع في هذه المنطقة يقول غزال لـ"الحدث": "من المتوقع أن تترتفع درجة الحرارة في المنطقة المحاذية للمصنع، مما سينعكس سلبا على المراعي، إضافة للأتربة المنبعثة من الكسارات والتي سيمتد تأثيرها على الأراضي المفتلحة، فنحن نستفيد من مساحة 2000 دونم في زراعة القمح والشعير وغيرها من الحبوب التي تغنينا عن شراء الأعلاف غالية الثمن".

 

وعن رأيه بما قام به عرب الرشايدة من الضغط على المحافظة؛ لإزاحة المصنع، فقد أبدى غزال انزعاجه، وأكد أن المصلحة العامة تقتضي التكاتف والالتحام بين أبناء المنطقة، لا تفضيل المصلحة الشخصية على مصلحة الجميع، ويقول: "ما قام به الرشايدة هو تصرف غير مقبول، فالأرض التي يتحدثون عن ملكيتهم لها هي أرض متنازع عليها بين الرشايدة، وأهالي منطقة اسعير، وهي الأرض الأصلح لقيام المصنع، فهي أقرب للمنطقة العسكرية الإسرائيلية، ونحن كبدو لا نستفيد من هذه المنطقة بالشكل المطلوب، وقد فقدنا عددا من الشهداء الذين ذهبوا ضحايا لمخلفات التدريبات العسكرية التي يقوم بها الاحتلال في هذه المنطقة".

 

وذكر غزال لـ"الحدث" أن نقل المصنع باتجاه بلدة تقوع سيعرض عددا من آبار المياه القديمة التي يعتمد عليها سكان المنطقة في الري للخطر، كما أن ضمها لأرض المصنع يعني حرمانهم منها بشكل نهائي.

 

وأشار غزال إلى أنه ليس من حق الرشايدة العمل على نقل المصنع من منطقتهم لمنطقة أخرى في حال علمهم بالأخطار المترتبة على إنشائه على منطقتهم، بل كان من المفترض أن يرفض الرشايدة إقامة المصنع بشكل تام لا إزاحته.

 

من جهة أخرى أكد غزال على أنه يأمل في أن تكون إقامة المصنع في هذه المنطقة هي البداية لحياة أفضل لمواطني جنوب شرق بيت لحم، من حيث خل فرص عمل جديدة، وإقامة منشآت صناعية أخرى تنعش المنطقة اقتصاديا، على أن تحافظ على البيئة البرية والرعوية لها.

 

رئيس مجلس الخدمات المشتركة أحمد الرشيد يقول لـ"الحدث": "نرى فيه مشروعا وطنيا، ونحن لايمكن إلى أن نكون مع المصلحة الوطنية، لكن بالمقابل فسكان المنطقة من الرشايدة تحديدا يعتمدون على الرعي في حياتهم، والمواشي هي رأس مالهم الوحيد، فإذا كان هذا المصنع لا يضر بالمراعي وبيئتهم، وأن يكون موافقا لمعايير سلطة البيئة الفلسطينية فليس لدينا مشكلة، لكن إذا كان هناك ما يضر بمصالح المواطنين وحياتهم فنحن ضده جملة وتفصيلا".

 

وحول ملكية هذه الأرض للرشايدة يقول الرشيد: "الرشايدة يسيطرون على كل المنطقة، ويسكنون الجبال، وهم متفرقون حتى أنهم وصلوا منطقة البحر الميت، ولا يجب أن ندمر منطقة رعوية شاسعة في سبيل إنشاء مصنع بحجة المصلحة الوطنية".

 

وفي تعليقه على قرار المحافظة بإزاحة المصنع نحو منطقة تقوع أكد الرشيد على أن من الصعب ذلك لأن معظم هذه الأراضي مصنفة كمنطقة "ج" وهو يعني ضغوطات إسرائيلية تعيق إنشاءه.

 

وأشار الرشيد إلى أن مندوبين عن صندوق الاستثمار قد تواصلوا معه في وقت سابق ووضعوه في صورة المشروع، وعرضوا عليه الموافقات والتراخيص التي حصلوا عليها من وزارات ومؤسسات السلطة الفلسطينية.

 

وحول الخلافات بين سكان المنطقة على مكان إقامة المصنع قال الرشيد: "نحن تهمنا أولا المصلحة الوطنية، لكن دون أن تؤثر على سكان المنطقة، ولو كان هناك خلافات بين المجالس فهذه خلافات لا تستحق أن نلتفت لها، فالأراضي في المنطقة مقسمة بين السكان، وحتى لو كانت بدون حدود، لكن كلا من الساكنين يعلم حدوده ومنطقته، والرشايده هم من يمتلكون أكبر نسبة من أراضي المنطقة، وتمتد منطقتهم حتى المنطقة "ج" ".

 

يبلغ عدد السكان الذين ينتمون لمجلس الخدمات المشتركة الذي يضم 12 مجلسا بين قروي وبلدي، 65 ألف نسمة، ومعظمهم يعملون في الرعي، أو في المستوطنات أو المدن الإسرائيلية، هذا بحسب الرشيد الذي أكد على أنه وبالرغم من ارتفاع عدد الخريجين من أبناء المنطقة في الفترة الأخيرة، إلا أنهم يعانون من البطالة ولا يجدون فرص عمل مناسبة.